للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَوْلُهُ (إِنِّي نُهِيتُ) بِصِيغَةِ الْمَجْهُولِ (عَنْ زَبْدِ الْمُشْرِكِينَ) بِفَتْحِ الزَّايِ وَسُكُونِ الْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ وَفِي آخِرِهِ دَالٌ مُهْمَلَةٌ وَهُوَ الرِّفْدُ وَالْعَطَاءُ

قَوْلُهُ (هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ) وَأَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وَأَبُو داود وصححه بن خُزَيْمَةَ وَفِي الْبَابِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ عِنْدَ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ فِي الْمَغَازِي أَنَّ عَامِرَ بْنَ مَالِكٍ الَّذِي يعدي مُلَاعِبَ الْأَسِنَّةِ قَدِمَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ مُشْرِكٌ فَأَهْدَى لَهُ

فَقَالَ إِنِّي لَا أَقْبَلُ هَدِيَّةَ الْمُشْرِكِينَ الْحَدِيثَ قَالَ فِي الْفَتْحِ رِجَالُهُ ثِقَاتٌ إِلَّا أَنَّهُ مُرْسَلٌ وَقَدْ وَصَلَهُ بَعْضُهُمْ وَلَا يَصِحُّ

قَوْلُهُ (واحتمل أن يكون هذا بعد ما كَانَ يَقْبَلُ مِنْهُمْ ثُمَّ نَهَى عَنْ هَدَايَاهُمْ

قَالَ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ جَمَعَ الطَّبَرِيُّ بَيْنَ هَذِهِ الْأَحَادِيثِ الْمُخْتَلِفَةِ بِأَنَّ الِامْتِنَاعَ فِيمَا أُهْدِيَ لَهُ خَاصَّةً وَالْقَبُولَ فِيمَا أُهْدِيَ لِلْمُسْلِمِينَ وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ مِنْ جُمْلَةِ أَدِلَّةِ الْجَوَازِ مَا وَقَعَتِ الْهَدِيَّةُ فِيهِ لَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَاصَّةً

وَجَمَعَ غَيْرُهُ بِأَنَّ الِامْتِنَاعَ فِي حَقِّ مَنْ يُرِيدُ بِهَدِيَّتِهِ التَّوَدُّدَ وَالْمُوَالَاةَ وَالْقَبُولَ فِي حَقِّ مَنْ يُرْجَى بِذَلِكَ تَأْنِيسُهُ وَتَأْلِيفُهُ عَلَى الْإِسْلَامِ وَهَذَا أَقْوَى مِنَ الْأَوَّلِ وَقِيلَ يُحْمَلُ الْقَبُولُ عَلَى مَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالرَّدُّ عَلَى مَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْأَوْثَانِ وَقِيلَ يَمْتَنِعُ ذَلِكَ لِغَيْرِهِ مِنَ الْأُمَرَاءِ وَأَنَّ ذَلِكَ مِنْ خَصَائِصِهِ وَمِنْهُمْ مَنِ ادَّعَى نَسْخَ الْمَنْعِ بِأَحَادِيثِ الْقَبُولِ وَمِنْهُمْ مَنْ عَكَسَ وَهَذِهِ الْأَجْوِبَةُ الثَّلَاثَةُ ضَعِيفَةٌ فَالنَّسْخُ لَا يَثْبُتُ بِالِاحْتِمَالِ وَلَا التَّخْصِيصِ انْتَهَى كَلَامُ الْحَافِظِ

قُلْتُ يَدُلُّ عَلَى قَوْلِ مَنِ ادَّعَى نَسْخَ الْمَنْعِ بِأَحَادِيثِ الْقَبُولِ مَا رَوَاهُ أَحْمَدُ عَنْ عَامِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ قَالَ قَدِمَتْ قُتَيْلَةُ ابْنَةُ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ سَعْدٍ عَلَى ابْنَتِهَا أَسْمَاءَ بِهَدَايَا ضِبَابٍ وَأَقِطٍ وَسَمْنٍ وَهِيَ مُشْرِكَةٌ فَأَبَتْ أَسْمَاءُ أَنْ تَقْبَلَ هَدِيَّتَهَا وَتُدْخِلَهَا بَيْتَهَا فَسَأَلَتْ عَائِشَةُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عن الذين لم يقاتلوكم في الدين إِلَى آخِرِ الْآيَةِ

فَأَمَرَهَا أَنْ تَقْبَلَ هَدِيَّتَهَا وَأَنْ تُدْخِلَهَا بَيْتَهَا كَذَا فِي الْمُنْتَقَى

<<  <  ج: ص:  >  >>