مِنْهُمْ مَنْ لَمْ يَطْبُخْ وَمِنْهُمُ الْمُسْتَحِقُّونَ لِلْخُمُسِ
فَإِنْ قِيلَ لَمْ يُنْقَلْ أَنَّهُمْ حَمَلُوا اللَّحْمَ إِلَى الْمَغْنَمِ قُلْنَا وَلَمْ يُنْقَلْ أَنَّهُمْ أَحْرَقُوهُ أَوْ أَتْلَفُوهُ فَيَجِبُ تَأْوِيلُهُ عَلَى وَفْقِ الْقَوَاعِدِ انْتَهَى
وَيَرُدُّ عَلَيْهِ حَدِيثُ أَبِي دَاوُدَ فَإِنَّهُ جَيِّدُ الْإِسْنَادِ وَتَرْكُ تَسْمِيَةِ الصَّحَابِيِّ لَا يَضُرُّ وَرِجَالُ الْإِسْنَادِ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ
وَلَا يُقَالُ لَا يَلْزَمُ مِنْ تَتْرِيبِ اللَّحْمِ إِتْلَافُهُ لِإِمْكَانِ تَدَارُكِهِ بِالْغَسْلِ لِأَنَّ السِّيَاقَ يُشْعِرُ بِأَنَّهُ أُرِيدَ الْمُبَالَغَةُ فِي الزَّجْرِ عَنْ ذَلِكَ الْفِعْلِ فَلَوْ كَانَ بِصَدَدِ أَنْ يَنْتَفِعَ بِهِ بَعْدَ ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ فِيهِ كَبِيرُ زَجْرٍ لِأَنَّ الَّذِي يَخُصُّ الْوَاحِدَ مِنْهُمْ نَزْرٌ يَسِيرٌ فَكَانَ إِفْسَادُهَا عَلَيْهِمْ مَعَ تَعَلُّقِ قُلُوبِهِمْ بِهَا وَحَاجَتِهِمْ إِلَيْهَا وَشَهْوَتِهِمْ لَهَا أَبْلَغَ فِي الزَّجْرِ كَذَا فِي فَتْحِ الْبَارِي
(فَعَدَلَ بَعِيرًا بِعَشْرِ شِيَاهٍ) قَالَ الْحَافِظُ وَهَذَا مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّ هَذَا كَانَ قِيمَةَ الْغَنَمِ إِذْ ذَاكَ فَلَعَلَّ الْإِبِلَ كَانَتْ قَلِيلَةً أَوْ نَفِيسَةً
وَالْغَنَمُ كَانَتْ كَثِيرَةً أَوْ هَزِيلَةً بِحَيْثُ كَانَتْ قِيمَةُ الْبَعِيرِ عَشْرَ شِيَاهٍ وَلَا يُخَالِفُ ذَلِكَ الْقَاعِدَةُ فِي الْأَضَاحِيِّ
مِنْ أَنَّ الْبَعِيرَ يُجْزِئُ عَنْ سَبْعِ شِيَاهٍ لِأَنَّ ذَلِكَ هُوَ الْغَالِبُ فِي قِيمَةِ الشَّاةِ وَالْبَعِيرِ الْمُعْتَدِلَيْنِ
وَأَمَّا هَذِهِ الْقِسْمَةُ فَكَانَتْ وَاقِعَةَ عَيْنٍ فَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ التَّعْدِيلُ لِمَا ذُكِرَ مِنْ نَفَاسَةِ الْإِبِلِ دُونَ الْغَنَمِ وَحَدِيثُ جَابِرٍ عِنْدَ مُسْلِمٍ صَرِيحٌ فِي الْحُكْمِ حَيْثُ قَالَ فِيهِ أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ نَشْتَرِكَ فِي الْإِبِلِ وَالْبَقَرِ كُلُّ سَبْعَةٍ مِنَّا فِي بَدَنَةٍ وَالْبَدَنَةُ تُطْلَقُ عَلَى النَّاقَةِ والبقرة
وأما حديث بن عَبَّاسٍ كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سَفَرٍ فَحَضَرَ الْأَضْحَى فَاشْتَرَكْنَا فِي الْبَقَرَةِ وَفِي الْبَدَنَةِ عَشَرَةٌ فَحَسَّنَهُ التِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ بن حِبَّانَ وَعَضَّدَهُ بِحَدِيثِ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ
هَذَا وَاَلَّذِي يَتَحَرَّرُ فِي هَذَا أَنَّ الْأَصْلَ أَنَّ الْبَعِيرَ بِسَبْعَةٍ مَا لَمْ يَعْرِضْ عَارِضٌ مِنْ نَفَاسَةٍ وَنَحْوِهَا فَيَتَغَيَّرُ الْحُكْمُ بِحَسَبِ ذَلِكَ وَبِهَذَا تَجْتَمِعُ الْأَخْبَارُ الْوَارِدَةُ فِي ذَلِكَ (وَهَذَا أَصَحُّ) أخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ
قَوْلُهُ (وَفِي الْبَابِ عَنْ ثَعْلَبَةَ بْنِ الْحَكَمِ إِلَخْ)
لِيُنْظَرْ مَنْ أَخْرَجَ أَحَادِيثَ هؤلاء الصحابة