للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَقَامَهُ فِي إِصْلَاحِ حَالِهِمْ وَمُحَافَظَةِ أَمْرِهِمْ أَيْ مَنْ تَوَلَّى أَمْرَ الْغَازِي وَنَابَ مَنَابَهُ فِي مُرَاعَاةِ أَهْلِهِ زَمَانَ غَيْبَتِهِ شَارَكَهُ فِي الثَّوَابِ لِأَنَّ فَرَاغَ الْغَازِي لَهُ وَاشْتِغَالَهُ بِهِ بِسَبَبِ قِيَامِهِ بِأَمْرِ عِيَالِهِ فَكَأَنَّهُ مُسَبَّبٌ عَنْ فِعْلِهِ قَالَ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ قَوْلُهُ فَقَدْ غَزَا قال بن حِبَّانَ مَعْنَاهُ أَنَّهُ مِثْلُهُ فِي الْأَجْرِ وَإِنْ لَمْ يَغْزُ حَقِيقَةً ثُمَّ أَخْرَجَ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ بُسْرِ بْنِ سَعِيدٍ بِلَفْظِ كُتِبَ لَهُ مِثْلُ أَجْرِهِ غَيْرَ أَنَّهُ لَا يَنْقُصُ من أجره شيء ولابن ماجه وبن حِبَّانَ مِنْ حَدِيثِ عُمَرَ نَحْوُهُ بِلَفْظِ مَنْ جَهَّزَ غَازِيًا حَتَّى يَسْتَقِلَّ كَانَ لَهُ مِثْلُ أَجْرِهِ حَتَّى يَمُوتَ أَوْ يَرْجِعَ

وَأَفَادَتْ فَائِدَتَيْنِ إِحْدَاهُمَا أَنَّ الْوَعْدَ الْمَذْكُورَ مُرَتَّبٌ عَلَى تَمَامِ التَّجْهِيزِ وَهُوَ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ حَتَّى يَسْتَقِلَّ

ثَانِيَتُهُمَا أنه يستوي معه في الأجر وماله يخبر إِلَى أَنْ تَنْقَضِيَ تِلْكَ الْغَزْوَةُ انْتَهَى

فَإِنْ قلت ماوجه التَّوْفِيقِ بَيْنَ حَدِيثِ الْبَابِ وَحَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم بَعَثَ بَعْثًا وَقَالَ لِيَخْرُجْ مِنْ كُلِّ رَجُلَيْنِ رَجُلٌ وَالْأَجْرُ بَيْنَهُمَا رَوَاهُ مُسْلِمٌ

وَفِي رِوَايَةٍ لَهُ ثُمَّ قَالَ لِلْقَاعِدِ وَأَيُّكُمْ خَلَفَ الْخَارِجَ فِي أَهْلِهِ كَانَ لَهُ مِثْلُ نِصْفِ أَجْرِ الْخَارِجِ

قُلْتُ قَالَ الْقُرْطُبِيُّ لَفْظَةُ نِصْفٍ يُشْبِهُ أَنْ تَكُونَ مُقْحَمَةً أَيْ مَزِيدَةً مِنْ بَعْضِ الرُّوَاةِ وَقَالَ الْحَافِظُ وَلَا حَاجَةَ لِدَعْوَى زِيَادَتِهَا بَعْدَ ثُبُوتِهَا فِي الصَّحِيحِ وَاَلَّذِي يَظْهَرُ فِي تَوْجِيهِهَا أَنَّهَا أُطْلِقَتْ بِالنِّسْبَةِ إِلَى مَجْمُوعِ الثَّوَابِ لِلْغَازِي وَالْخَالِفِ لَهُ بِخَيْرٍ فَإِنَّ الثَّوَابَ إِذَا انْقَسَمَ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ كَانَ لِكُلٍّ مِنْهُمَا مِثْلُ مَا لِلْآخَرِ

فَلَا تَعَارُضَ بَيْنَ الْحَدِيثَيْنِ انْتَهَى

قَوْلُهُ (هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ) وَأَخْرَجَهُ الشيخان وَغَيْرُهُمَا (وَقَدْ رُوِيَ) بِصِيغَةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>