للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[١٦٨٨] أَوَلَّيْتُمْ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَفِي رِوَايَةٍ أُخْرَى لَهُ أَفَرَرْتُمْ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (يَا أَبَا عُمَارَةَ) هِيَ كُنْيَةُ الْبَرَاءِ (وَلَكِنْ وَلَّى سَرَعَانُ النَّاسِ) قَالَ فِي النِّهَايَةِ السَّرَعَانُ بِفَتْحِ السِّينِ وَالرَّاءِ أَوَائِلُ النَّاسِ الَّذِينَ يَتَسَارَعُونَ إِلَى الشَّيْءِ وَيُقْبِلُونَ عَلَيْهِ بِسُرْعَةٍ وَيَجُوزُ تَسْكِينُ الرَّاءِ انْتَهَى (تَلَقَّتْهُمْ هَوَازِنُ بِالنَّبْلِ) وَفِي رِوَايَةٍ لِلْبُخَارِيِّ فَرَشَقَتْهُمْ هَوَازِنُ

وَالرَّشْقُ بِالشِّينِ الْمُعْجَمَةِ وَالْقَافِ رَمْيُ السِّهَامِ وَهَوَازِنُ قَبِيلَةٌ كَبِيرَةٌ مِنَ الْعَرَبِ فِيهَا عِدَّةُ بطون ينسبون إلى هوازن بْنِ مَنْصُورِ بْنِ عِكْرِمَةَ بْنِ حَفْصَةَ بْنِ قَيْسِ بْنِ غَيْلَانَ بْنِ إِلْيَاسَ بْنِ مُضَرَ (وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى بَغْلَتِهِ) هَذِهِ الْبَغْلَةُ هِيَ الْبَيْضَاءُ كَمَا فِي رِوَايَةِ الشَّيْخَيْنِ (وَأَبُو سُفْيَانَ بْنُ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ) بْنِ هَاشِمٍ وهو بن عَمِّ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكَانَ إِسْلَامُهُ قَبْلَ فَتْحِ مَكَّةَ لِأَنَّهُ خَرَجَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَقِيَهُ فِي الطَّرِيقِ وَهُوَ سَائِرٌ إِلَى فَتْحِ مَكَّةَ فَأَسْلَمَ وَحَسُنَ إِسْلَامُهُ وَخَرَجَ إِلَى غَزْوَةِ حُنَيْنٍ فَكَانَ فِيمَنْ ثَبَتَ كَذَا فِي الْفَتْحِ (وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ أَنَا النَّبِيُّ لا كذب أنا بن عَبْدِ الْمُطَّلِبِ) قَالَ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ قَالَ بن التِّينِ كَانَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ يَقُولُهُ بِفَتْحِ الباء مِنْ قَوْلِهِ لَا كَذِبَ لِيُخْرِجَهُ عَنِ الْوَزْنِ

وَقَدْ أُجِيبَ عَنْ مَقَالَتِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَذَا الرَّجَزَ بِأَجْوِبَةٍ أَحَدُهَا أَنَّهُ نَظْمُ غَيْرِهِ وَأَنَّهُ كَانَ فِيهِ أَنْتَ النَّبِيُّ لَا كذب أنت بن عَبْدِ الْمُطَّلِبِ

فَذَكَرَهُ بِلَفْظِ أَنَا فِي الْمَوْضِعَيْنِ

ثَانِيهَا أَنَّهُ رَجَزٌ وَلَيْسَ مِنْ أَقْسَامِ الشِّعْرِ وَهَذَا مَرْدُودٌ

ثَالِثُهَا أَنَّهُ لَا يَكُونُ شِعْرًا حَتَّى يُتِمَّ قِطْعَتَهُ وَهَذِهِ كَلِمَاتٌ يَسِيرَةٌ وَلَا تُسَمَّى شِعْرًا

رَابِعُهَا أَنَّهُ خَرَجَ مَوْزُونًا وَلَمْ يَقْصِدْ بِهِ الشِّعْرَ وَهَذَا أَعْدَلُ الْأَجْوِبَةِ

وَأَمَّا نِسْبَتُهُ إِلَى عَبْدِ الْمُطَّلِبِ دُونَ أَبِيهِ عَبْدِ اللَّهِ فَكَأَنَّهَا لِشُهْرَةِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ بَيْنَ النَّاسِ لِمَا رُزِقَ مِنْ نَبَاهَةِ الذِّكْرِ وَطُولِ الْعُمْرِ بِخِلَافِ عَبْدِ اللَّهِ فَإِنَّهُ مَاتَ شَابًّا وَلِهَذَا كان كثير من العرب يدعونه بن عَبْدِ الْمُطَّلِبِ كَمَا قَالَ ضِمَامُ بْنُ ثَعْلَبَةَ لما قدم أيكم بن عَبْدِ الْمُطَّلِبِ وَقِيلَ لِأَنَّهُ كَانَ اشْتُهِرَ بَيْنَ النَّاسِ أَنَّهُ يَخْرُجُ مِنْ ذُرِّيَّةِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ رَجُلٌ يَدْعُو إِلَى اللَّهِ وَيَهْدِي اللَّهُ الْخَلْقَ عَلَى يَدَيْهِ وَيَكُونُ خَاتَمَ الْأَنْبِيَاءِ فَانْتَسَبَ إِلَيْهِ لِيَتَذَكَّرَ ذَاكَ مَنْ كَانَ يَعْرِفُهُ وَقَدِ اشْتُهِرَ ذَلِكَ بَيْنَهُمْ وَذَكَرَهُ سَيْفُ بْنُ ذِي يَزَنَ قَدِيمًا لِعَبْدِ الْمُطَّلِبِ قَبْلَ أَنْ يَتَزَوَّجَ عَبْدُ اللَّهِ آمِنَةَ وَأَرَادَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَنْبِيهَ أَصْحَابِهِ بِأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ ظُهُورِهِ وَأَنَّ الْعَاقِبَةَ لَهُ لِتَقْوَى قُلُوبِهِمْ إِذَا عَرَفُوا أَنَّهُ ثَابِتٌ غَيْرُ مُنْهَزِمٍ

وَأَمَّا قَوْلُهُ لَا كَذِبَ فَفِيهِ إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّ صِفَةَ

<<  <  ج: ص:  >  >>