الْحَيْثِيَّتَيْنِ فَالصَّلَاةُ أَفْضَلُ لِمُدَاوَمَتِهَا وَالْجِهَادُ أَفْضَلُ لِمَشَقَّتِهِ لَا سِيَّمَا الْجِهَادُ يَسْتَلْزِمُ الصَّلَاةَ وَإِلَّا لَا فَضِيلَةَ لَهُ انْتَهَى (أَرَأَيْتَ) أَيْ أَخْبِرْنِي (إِنْ قُتِلْتُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ) أَيِ اسْتُشْهِدْتُ (يُكَفَّرُ) عَلَى بِنَاءِ الْمَفْعُولِ وَالِاسْتِفْهَامُ مُقَدَّرٌ أَيْ أَيَمْحُو اللَّهُ عَنِّي خَطَايَايَ (وَأَنْتَ صَابِرٌ) أَيْ غَيْرُ جَزِعٍ (مُحْتَسِبٌ) أَيْ طَالِبٌ لِلْأَجْرِ وَالْمَثُوبَةِ لَا لِلرِّيَاءِ وَالسُّمْعَةِ (مُقْبِلٌ) أَيْ عَلَى الْعَدُوِّ (غَيْرُ مُدْبِرٍ) أَيْ عَنْهُ وَهُوَ تَأْكِيدٌ لِمَا قَبْلَهُ
وَقَالَ النَّوَوِيُّ لَعَلَّهُ احْتِرَازٌ مِمَّنْ يُقْبِلُ فِي وَقْتٍ وَيُدْبِرُ فِي وَقْتٍ وَالْمُحْتَسِبُ هُوَ الْمُخْلِصُ لِلَّهِ تَعَالَى فَإِنْ قَاتَلَ لِعَصَبِيَّةٍ أَوْ لِأَخْذِ غَنِيمَةٍ أَوْ لِصِيتٍ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ فَلَيْسَ لَهُ هَذَا الثَّوَابُ وَلَا غَيْرُهُ (ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَيْفَ قُلْتَ) فَقَالَ (أَرَأَيْتَ) أَيْ قُلْتُ أَرَأَيْتَ أَوْ مَعْنَاهُ كَيْفَ قُلْتَ أَعِدِ الْقَوْلَ وَالسُّؤَالَ فَقَالَ أَرَأَيْتَ (أَيُكَفَّرُ عَنِّي خَطَايَايَ) بِهَمْزَةِ الِاسْتِفْهَامِ هُنَا أَيْ يُمْحَى (نَعَمْ وَأَنْتَ صَابِرٌ) أَيْ نَعَمْ إِنْ قُلْتَ وَالْحَالُ أَنَّكَ صَابِرٌ (إِلَّا الدَّيْنَ) اسْتِثْنَاءٌ مُنْقَطِعٌ وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مُتَّصِلًا أَيِ الدين الذي لا ينوي أداءه قاله القارىء
وَقَالَ التُّورِبِشْتِيُّ أَرَادَ بِالدَّيْنِ هُنَا مَا يَتَعَلَّقُ بِذِمَّتِهِ مِنْ حُقُوقِ الْمُسْلِمِينَ إِذْ لَيْسَ الدَّائِنُ أَحَقَّ بِالْوَعِيدِ وَالْمُطَالَبَةِ مِنْهُ مِنَ الْجَانِي وَالْغَاصِبِ وَالْخَائِنِ وَالسَّارِقِ
وَقَالَ النَّوَوِيُّ فِيهِ تَنْبِيهٌ عَلَى جَمِيعِ حُقُوقِ الْآدَمِيِّينَ وَأَنَّ الْجِهَادَ وَالشَّهَادَةَ وَغَيْرَهُمَا مِنْ أَعْمَالِ الْبِرِّ لَا يُكَفِّرُ حُقُوقَ الْآدَمِيِّينَ وَإِنَّمَا يُكَفِّرُ حُقُوقَ اللَّهِ تَعَالَى (فَإِنَّ جِبْرِيلَ قَالَ لِي ذَلِكَ) أَيْ إِلَّا الدَّيْنَ
قَالَ الطِّيبِيُّ فَإِنْ قُلْتَ كَيْفَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَيْفَ قُلْتَ وَقَدْ أَحَاطَ بِسُؤَالِهِ عِلْمًا وَأَجَابَهُ بِذَلِكَ الْجَوَابِ قُلْتُ يَسْأَلُ ثَانِيًا وَيُجِيبُهُ بِذَلِكَ الْجَوَابِ وَيُعَلِّقُ بِهِ إِلَّا الدَّيْنَ اسْتِدْرَاكًا بَعْدَ إِعْلَامِ جِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلَامُ إِيَّاهُ صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ
قَوْلُهُ (وَفِي الْبَابِ عَنْ أَنَسٍ وَمُحَمَّدِ بْنِ جَحْشٍ وَأَبِي هُرَيْرَةَ) أَمَّا حَدِيثُ أَنَسٍ فَأَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ فِي بَابِ ثَوَابِ الشَّهِيدِ
وَأَمَّا حَدِيثُ مُحَمَّدِ بْنِ جَحْشٍ فَأَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ فِي التَّغْلِيظِ فِي الدَّيْنِ وَالطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ وَالْحَاكِمُ وَقَالَ صَحِيحُ الْإِسْنَادِ
وَأَمَّا حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ فَلْيُنْظَرْ مَنْ أَخْرَجَهُ
قَوْلُهُ (هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ) وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute