للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إِهَابٍ) كَكِتَابٍ الْجِلْدُ أَوْ مَا لَمْ يُدْبَغْ قَالَهُ فِي الْقَامُوسِ

وَفِي الصِّحَاحِ الْإِهَابُ الْجِلْدُ مَا لَمْ يُدْبَغْ (دُبِغَ) بِصِيغَةِ الْمَجْهُولِ صِفَةُ الْإِهَابِ وَالدِّبَاغُ بِكَسْرِ الدَّالِ عِبَارَةٌ عَنْ إِزَالَةِ الرَّائِحَةِ الْكَرِيهَةِ وَالرُّطُوبَاتِ النَّجِسَةِ بِاسْتِعْمَالِ الْأَدْوِيَةِ أَوْ بِغَيْرِهَا

وَقَدْ أَخْرَجَهُ الْإِمَامُ مُحَمَّدٌ فِي كِتَابِ الْآثَارِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ عَنْ حَمَّادٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ قَالَ كُلُّ شَيْءٍ يَمْنَعُ الْجِلْدَ مِنَ الْفَسَادِ فَهُوَ دِبَاغٌ (فَقَدْ طَهُرَ) أَيْ ظَاهِرُهُ وَبَاطِنُهُ وَيَجُوزُ اسْتِعْمَالُهُ فِي الْأَشْيَاءِ الْيَابِسَةِ وَالْمَائِعَةِ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ مَأْكُولِ اللَّحْمِ وَغَيْرُهُ

قَوْلُهُ (هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ) وَأَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وَمُسْلِمٌ وبن مَاجَهْ (وَقَالَ الشَّافِعِيُّ أَيُّمَا إِهَابٍ دُبِغَ فَقَدْ طَهُرَ إِلَّا الْكَلْبَ وَالْخِنْزِيرَ)

اسْتَدَلَّ الشَّافِعِيُّ عَلَى استثناء الخنزير بقوله تعالى فإنه رجس وجعل الضمير عائذا إِلَى الْمُضَافِ إِلَيْهِ وَقَاسَ الْكَلْبَ عَلَيْهِ بِجَامِعِ النَّجَاسَةِ قَالَ لِأَنَّهُ لَا جِلْدَ لَهُ

قَالَ الشَّوْكَانِيُّ مُتَعَقِّبًا عَلَى الْإِمَامِ الشَّافِعِيِّ مَا لَفْظُهُ وَاحْتِجَاجُ الشَّافِعِيِّ بِالْآيَةِ عَلَى إِخْرَاجِ الْخِنْزِيرِ وَقِيَاسِ الْكَلْبِ عَلَيْهِ لَا يَتِمُّ إِلَّا بَعْدَ تَسْلِيمِ أَنَّ الضَّمِيرَ يَعُودُ إِلَى الْمُضَافِ إِلَيْهِ دُونَ الْمُضَافِ وَأَنَّهُ مَحَلُّ نِزَاعٍ وَلَا أَقَلَّ مِنَ الِاحْتِمَالِ إِنْ لَمْ يَكُنْ رُجُوعُهُ إِلَى الْمُضَافِ رَاجِحًا وَالْمُحْتَمَلُ لَا يَكُونُ حُجَّةً عَلَى الْخَصْمِ وَأَيْضًا لَا يَمْتَنِعُ أَنْ يُقَالَ رِجْسِيَّةُ الْخِنْزِيرِ عَلَى تَسْلِيمِ شُمُولِهَا لِجَمِيعِهِ لَحْمًا وَشَعْرًا وَجِلْدًا وَعَظْمًا مُخَصَّصَةٌ بِأَحَادِيثِ الدِّبَاغِ انْتَهَى (وَكَرِهَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لُبْسَ جُلُودِ السِّبَاعِ وَشَدَّدُوا فِي لُبْسِهَا وَالصَّلَاةِ فِيهَا) لِحَدِيثِ أَبِي الْمَلِيحِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ ينهى عَنْ جُلُودِ السِّبَاعِ وَزَادَ التِّرْمِذِيُّ فِي رِوَايَةٍ أَنْ تُفْتَرَشَ وَسَيَأْتِي فِي بَابِ مَا جَاءَ فِي النَّهْيِ عَنْ جُلُودِ السِّبَاعِ

قَالَ الشَّوْكَانِيُّ أَمَّا الِاسْتِدْلَالُ بِأَحَادِيثِ النَّهْيِ عَنْ جُلُودِ السِّبَاعِ عَلَى أَنَّ الدِّبَاغَ لَا يُطَهِّرُ جُلُودَ السِّبَاعِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا مُخَصِّصَةٌ لِلْأَحَادِيثِ الْقَاضِيَةِ بِأَنَّ الدِّبَاغَ مُطَهِّرٌ عَلَى الْعُمُومِ فَغَيْرُ ظَاهِرٍ لِأَنَّ غَايَةَ مَا فِيهَا مُجَرَّدُ النَّهْيِ عَنِ الرُّكُوبِ عَلَيْهَا وَافْتِرَاشِهَا وَلَا مُلَازَمَةَ بَيْنَ ذَلِكَ وَبَيْنَ النَّجَاسَةِ كَمَا لَا مُلَازَمَةَ بَيْنَ النَّهْيِ عَنِ الذَّهَبِ وَالْحَرِيرِ وَنَجَاسَتِهِمَا فَلَا مُعَارَضَةَ بَلْ يُحْكَمُ بِالطَّهَارَةِ بِالدِّبَاغِ مَعَ مَنْعِ الرُّكُوبِ عَلَيْهَا وَنَحْوِهِ مَعَ أَنَّهُ يُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ إِنَّ أَحَادِيثَ النَّهْيِ عَنْ جُلُودِ السِّبَاعِ أَعَمُّ مِنْ وَجْهٍ مِنَ الْأَحَادِيثِ الْقَاضِيَةِ بِأَنَّ الدِّبَاغَ مُطَهِّرٌ عَلَى الْعُمُومِ لِشُمُولِهَا لِمَا كَانَ مَدْبُوغًا مِنْ جُلُودِ السِّبَاعِ وَمَا كَانَ غَيْرَ مَدْبُوغٍ انْتَهَى كَلَامُ الشَّوْكَانِيِّ

(قَالَ إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ إِنَّمَا مَعْنَى قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيُّمَا

<<  <  ج: ص:  >  >>