فِي الْبَابِ أَحَادِيثُ وَأَمَّا حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ فَأَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ فِي بَابِ إِنَّ الْمَلَائِكَةَ لَا تَدْخُلُ بَيْتًا فِيهِ صُورَةٌ وَلَا كَلْبٌ مِنْ أَبْوَابِ الِاسْتِئْذَانِ وَالْأَدَبِ وَأَمَّا حَدِيثُ أَبِي أَيُّوبَ فَلْيُنْظَرْ مَنْ أَخْرَجَهُ
[١٧٥٠] قَوْلُهُ (يَعُودُهُ) أَيْ لِعِيَادَتِهِ فِي مَرَضِهِ (فَوَجَدَ عِنْدَهُ) أَيْ عِنْدَ أَبِي طَلْحَةَ (سَهْلَ بْنَ حُنَيْفٍ) بِصِيغَةِ التَّصْغِيرِ (يَنْزِعُ نَمَطًا تَحْتَهُ) أَيْ لِيُخْرِجَ نَمَطًا كَانَ تَحْتَهُ وَالنَّمَطُ بِفَتْحِ النُّونِ وَالْمِيمِ وَهُوَ ظِهَارَةُ الْفِرَاشِ وَقِيلَ ظَهْرُ الْفِرَاشِ وَيُطْلَقُ أَيْضًا عَلَى بِسَاطٍ لَطِيفٍ لَهُ خَمْلٌ يُجْعَلُ عَلَى الْهَوْدَجِ وَقَدْ يُجْعَلُ سِتْرًا (لِمَ تَنْزِعُهُ) أَيْ لِأَيِّ سَبَبٍ تُخْرِجُهُ مِنْ تَحْتِكَ (لِأَنَّ فِيهَا) وَفِي رِوَايَةِ مَالِكٍ فِي الْمُوَطَّأِ لِأَنَّ فِيهِ بِتَذْكِيرِ الضَّمِيرِ وَهُوَ الظَّاهِرُ أَيْ فِي ذَلِكَ النَّمَطِ (مَا قَدْ عَلِمْتَ) أَيْ مِنْ أَنَّ الْمَلَائِكَةَ لَا تَدْخُلُ بَيْتًا فِيهِ صُورَةٌ (إِلَّا مَا كَانَ رَقْمًا) بِالْفَتْحِ أَيْ نَقْشًا
قَالَ النَّوَوِيُّ يَحْتَجُّ به من يقول إباحة مَا كَانَ رَقْمًا مُطْلَقًا وَجَوَابُنَا وَجَوَابُ الْجُمْهُورِ عَنْهُ أَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى رَقْمٍ عَلَى صُورَةِ الشَّجَرِ وَغَيْرِهِ مِمَّا لَيْسَ بِحَيَوَانٍ وَقَدْ قَدَّمْنَا أَنَّ هَذَا جَائِزٌ عِنْدَنَا انْتَهَى
وَقَالَ الْحَافِظُ في الفتح قال بن الْعَرَبِيِّ حَاصِلُ مَا فِي اتِّخَاذِ الصُّوَرِ أَنَّهَا إِنْ كَانَتْ ذَاتَ أَجْسَامٍ حَرُمَ بِالْإِجْمَاعِ وَإِنْ كَانَتْ رَقْمًا فَأَرْبَعَةُ أَقْوَالٍ
الْأَوَّلُ يَجُوزُ مُطْلَقًا عَلَى ظَاهِرِ قَوْلِهِ فِي حَدِيثِ الْبَابِ إِلَّا رَقْمًا فِي ثَوْبٍ الثَّانِي الْمَنْعُ مُطْلَقًا حَتَّى الرَّقْمُ الثَّالِثُ إِنْ كَانَتِ الصُّورَةُ بَاقِيَةَ الْهَيْئَةِ قَائِمَةَ الشَّكْلِ حَرُمَ وَإِنْ قُطِعَتِ الرَّأْسُ أَوْ تَفَرَّقَتِ الْأَجْزَاءُ جَازَ قَالَ وَهَذَا هُوَ الْأَصَحُّ
الرَّابِعُ إِنْ كَانَ مِمَّا يُمْتَهَنُ جَازَ وَإِنْ كان معلق لم يجز انتهى وقد حكم بن عَبْدِ الْبَرِّ عَلَى الْقَوْلِ الثَّالِثِ بِأَنَّهُ أَعْدَلُ الْأَقْوَالِ كَمَا فِي التَّعْلِيقِ الْمُمَجَّدِ (قَالَ بَلَى) أَيْ قَدْ قَالَ ذَلِكَ (أَطْيَبُ لِنَفْسِي) أَيْ أَطْهَرُ لِلتَّقْوَى وَاخْتِيَارُ الْأَوْلَى
وَاسْتُدِلَّ بِهَذَا الْحَدِيثِ عَلَى أَنَّ التَّصَاوِيرَ إِذَا كَانَتْ فِي فِرَاشٍ أَوْ بِسَاطٍ أَوْ وِسَادَةٍ فَلَا بَأْسَ بِهَا
قَالَ مُحَمَّدٌ فِي مُوَطَّئِهِ بَعْدَ رِوَايَةِ هَذَا الْحَدِيثِ مَا لَفْظُهُ وَبِهَذَا نَأْخُذُ مَا كَانَ فِيهِ مِنْ تَصَاوِيرَ مِنْ بِسَاطٍ يُبْسَطُ أَوْ فِرَاشٍ يُفْرَشُ أَوْ وِسَادَةٍ فَلَا بَأْسَ بِذَلِكَ إِنَّمَا يُكْرَهُ مِنْ ذَلِكَ فِي السِّتْرِ وَمَا يُنْصَبُ نَصْبًا وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَالْعَامَّةُ مِنْ فُقَهَائِنَا انْتَهَى
قُلْتُ فِي الِاسْتِدْلَالِ بِهَذَا الْحَدِيثِ عَلَى هَذَا الْمَطْلُوبِ نَظَرٌ مِنْ وَجْهَيْنِ الْأَوَّلُ أَنَّ الْمُرَادَ بِقَوْلِهِ إِلَّا مَا كَانَ رَقْمًا فِي ثَوْبٍ تَصْوِيرُ غَيْرِ الْحَيَوَانِ جَمْعًا بَيْنَ الْأَحَادِيثِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ النَّوَوِيُّ