للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ضَعْفِ حَدِيثِهِ بِإِسْقَاطِ الْوَسَائِطِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَكِنِ الظَّاهِرُ مِنَ العبارة أنه لو كان القائل بن عباس لقبل وَإِنَّ النَّبِيَّ وَلَمْ يَكُنْ لِذِكْرِ زَعَمَ فَائِدَةٌ إِلَّا أَنْ يُقَالَ إِنَّهُ أَتَى بِهِ لِطُولِ الْفَصْلِ كَمَا يَقَعُ عَادَةً قَالَ فِي كَثِيرٍ مِنَ الْعِبَارَاتِ وَإِيمَاءً إِلَى الْفَرْقِ بَيْنَ الْجُمْلَتَيْنِ بِأَنَّ الْأُولَى حَدِيثٌ قَوْلِيٌّ وَالثَّانِيَةَ حَدِيثٌ فِعْلِيٌّ

هَذَا وَيُؤَيِّدُهُ أَنَّ السُّيُوطِيَّ جَعَلَ الْحَدِيثَ حَدِيثَيْنِ وقال روى الترمذي وبن ماجه عن بن عَبَّاسٍ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ لَهُ مُكْحُلَةٌ يَكْتَحِلُ مِنْهَا كُلَّ لَيْلَةٍ ثَلَاثَةً فِي هَذِهِ وَثَلَاثَةً فِي هَذِهِ

وَلَمَّا كَانَ زَعَمَ تُسْتَعْمَلُ غَالِبًا بِمَعْنَى ظَنَّ ضُبِطَ قَوْلُهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ (كَانَتْ لَهُ مُكْحُلَةٌ) بِضَمَّتَيْنِ بَيْنَهُمَا سَاكِنَةٌ اسْمُ آلَةِ الْكُحْلِ وَهُوَ الْمِيلُ عَلَى خِلَافِ القياس والمراد ها هنا ما فيه الكحل (يكتحل بها) قال القارىء كَذَا بِالْبَاءِ فِي بَعْضِ نُسَخِ الْمِشْكَاةِ وَفِي جَمِيعِ رِوَايَاتِ الشَّمَائِلِ بِلَفْظِ مِنْهَا فَالْبَاءُ بِمَعْنَى مِنْ كَمَا قِيلَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى يَشْرَبُ بها عباد الله وَيُمْكِنُ أَنْ تَكُونَ الْبَاءُ لِلسَّبَبِيَّةِ (كُلَّ لَيْلَةٍ) أَيْ قَبْلَ أَنْ يَنَامَ كَمَا فِي رِوَايَةٍ وَعِنْدَ النَّوْمِ كَمَا فِي أُخْرَى (ثَلَاثَةً) أَيْ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ مُتَوَالِيَةٍ (فِي هَذِهِ) أَيِ الْيُمْنَى (وَثَلَاثَةً) أَيْ مُتَتَابِعَةً (فِي هَذِهِ) أَيِ الْيُسْرَى وَالْمُشَارُ إِلَيْهَا عَيْنُ الرَّاوِي بِطَرِيقِ التَّمْثِيلِ

وَقَدْ ثَبَتَ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَنِ اكْتَحَلَ فَلْيُوتِرْ عَلَى مَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ

وَفِي الْإِيتَارِ قَوْلَانِ أَحَدُهُمَا مَا سَبَقَ وَعَلَيْهِ الرِّوَايَاتُ الْمُتَعَدِّدَةُ وَهُوَ أَقْوَى فِي الِاعْتِبَارِ لِتَكْرَارِ تَحَقُّقِ الْإِيتَارِ بِالنِّسْبَةِ إِلَى كُلِّ عُضْوٍ كَمَا اعْتُبِرَ التَّثْلِيثُ فِي أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ وَثَانِيهمَا أَنْ يَكْتَحِلَ فِيهِمَا خَمْسَةً ثَلَاثَةً فِي الْيُمْنَى وَمَرَّتَيْنِ فِي الْيُسْرَى عَلَى مَا رُوِيَ فِي شَرْحِ السُّنَّةِ

وَعَلَى هَذَا يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الِابْتِدَاءُ وَالِانْتِهَاءُ بِالْيَمِينِ تَفْضِيلًا لَهَا عَلَى الْيَسَارِ كَمَا أَفَادَهُ الشَّيْخُ مَجْدُ الدِّينِ الفَيْرُوزْآبَادِيُّ وَجَوَّزَ اثْنَيْنِ فِي كُلِّ عَيْنٍ وَوَاحِدَةً بَيْنَهُمَا أَوْ فِي الْيُمْنَى ثَلَاثًا مُتَعَاقِبَةً وَفِي الْيُسْرَى ثِنْتَيْنِ فَيَكُونُ الْوِتْرُ بِالنِّسْبَةِ إِلَيْهِمَا جَمِيعًا وَأَرْجَحُهُمَا الْأَوَّلُ لِمَا ذُكِرَ مِنْ حُصُولِ الْوِتْرِ شَفْعًا مَعَ أَنَّهُ يُتَصَوَّرُ أَنْ يَكْتَحِلَ فِي كُلِّ عَيْنٍ واحدة وثم ويؤول أَمْرُهُ إِلَى الْوَتْرَيْنِ بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْعُضْوَيْنِ لَكِنِ الْقِيَاسُ عَلَى بَابِ طَهَارَةِ الْأَعْضَاءِ بِجَامِعِ التَّنْظِيفِ والتزيين هو الأول فتأمل

قوله (وفي الباب عن جابر وبن عُمَرَ) قَالَ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ وفِي الْبَابِ عَنْ جابر عند الترمذي في الشمائل وبن ماجه وبن عدي من ثلاث طرق عن بن الْمُنْكَدِرِ عَنْهُ بِلَفْظِ عَلَيْكُمْ

<<  <  ج: ص:  >  >>