إِلَى مَنْزِلِ الْعُقْبَى (وَإِيَّاكِ وَمُجَالَسَةَ الْأَغْنِيَاءِ) تَحْذِيرٌ أَيِ اتَّقِي مِنْ مُجَالَسَةِ الْأَغْنِيَاءِ (وَلَا تَسْتَخْلِقِي ثَوْبًا) بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَالْقَافِ أَيْ لَا تَعُدِّيهِ خَلَقًا مِنَ اسْتَخْلَقَ الَّذِي هُوَ نَقِيضُ اسْتَجَدَّ (حَتَّى تُرَقِّعِيهِ) بِتَشْدِيدِ الْقَافِ أَيْ تَخِيطِي عَلَيْهِ رُقْعَةً ثُمَّ تَلْبَسِيهِ
فِي شَرْحِ السُّنَّةِ قَالَ أَنَسٌ رَأَيْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ وَهُوَ يَوْمَئِذٍ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ وَقَدْ رَقَعَ ثَوْبَهُ بِرِقَاعٍ ثَلَاثٍ لَبَّدَ بَعْضَهَا فَوْقَ بَعْضٍ
وَقِيلَ خَطَبَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ وَهُوَ خَلِيفَةٌ وَعَلَيْهِ إِزَارٌ فِيهِ اثْنَا عَشْرَ رُقْعَةً انْتَهَى
قَوْلُهُ (هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ) قَالَ الْمُنْذِرِيُّ فِي التَّرْغِيبِ بَعْدَ ذِكْرِ هَذَا الْحَدِيثِ رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَالْحَاكِمُ وَالْبَيْهَقِيُّ مِنْ طَرِيقِهِ وَغَيْرِهَا كُلُّهُمْ مِنْ رِوَايَةِ صَالِحِ بْنِ حَسَّانَ وَهُوَ مُنْكَرُ الْحَدِيثِ عَنْ عُرْوَةَ عَنْهَا
وَقَالَ الْحَاكِمُ صَحِيحُ الْإِسْنَادِ وَذَكَرَهُ رَزِينٌ فَزَادَ فِيهِ قَالَ عُرْوَةُ فَمَا كَانَتْ عَائِشَةُ تَسْتَجِدُّ ثَوْبًا حَتَّى تُرَقِّعَ ثَوْبَهَا وَتُنَكِّسَهُ وَلَقَدْ جَاءَهَا يَوْمًا مِنْ عِنْدِ مُعَاوِيَةَ ثَمَانُونَ أَلْفًا فَمَا أَمْسَى عِنْدَهَا دِرْهَمٌ قَالَتْ لَهَا جَارِيَتُهَا فَهَلَّا اشْتَرَيْتِ لَنَا مِنْهُ لَحْمًا بِدِرْهَمٍ قَالَتْ لَوْ ذَكَّرْتِنِي لَفَعَلْتُ انْتَهَى (سَمِعْتُ مُحَمَّدًا) يَعْنِي الْإِمَامَ الْبُخَارِيَّ رَحِمَهُ اللَّهُ (وَصَالِحَ بْنَ أَبِي حَسَّانَ إِلَخْ) يَعْنِي أَنَّ صَالِحَ بْنَ أَبِي حَسَّانَ الَّذِي روى عنه بن أَبِي ذِئْبٍ غَيْرُ صَالِحِ بْنِ حَسَّانَ الْمَذْكُورِ فِي إِسْنَادِ هَذَا الْحَدِيثِ فَإِنَّ ذَا ضَعِيفٌ كَمَا عَرَفْتَ وَهَذَا ثِقَةٌ
قَالَ الْحَافِظُ فِي التَّقْرِيبِ صَالِحُ بْنُ أَبِي حَسَّانَ الْمَدَنِيُّ صَدُوقٌ مِنَ الْخَامِسَةِ
قَوْلُهُ (مَنْ رَأَى مَنْ فُضِّلَ عَلَيْهِ) بِالْفَاءِ وَالْمُعْجَمَةِ عَلَى الْبِنَاءِ لِلْمَجْهُولِ (فِي الْخَلْقِ) بِفَتْحِ الْخَاءِ أَيِ الصُّورَةِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَدْخُلَ فِي ذَلِكَ الْأَوْلَادُ وَالْأَتْبَاعُ وَكُلُّ مَا يَتَعَلَّقُ بِزِينَةِ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا (فَلْيَنْظُرْ إِلَى مَنْ هُوَ أَسْفَلُ مِنْهُ) وَفِي رِوَايَةٍ فَلْيَنْظُرْ إِلَى مَنْ تَحْتَهُ وَيَجُوزُ فِي أَسْفَلَ الرَّفْعُ وَالنَّصْبُ وَالْمُرَادُ بِذَلِكَ مَا يَتَعَلَّقُ بِالدُّنْيَا (مِمَّنْ هُوَ فُضِّلَ عَلَيْهِ) بِصِيغَةِ الْمَجْهُولِ (فَإِنَّهُ أَجْدَرُ أَلَّا يَزْدَرِيَ نِعْمَةَ اللَّهِ) أَيْ هُوَ حَقِيقٌ بِعَدَمِ الِازْدِرَاءِ وَهُوَ افْتِعَالٌ مِنْ زَرَيْتَ عَلَيْهِ وَأَزْرَيْتَ بِهِ إِذَا تَنَقَّصْتَهُ فِي الْقَامُوسِ هُوَ يَتَنَقَّصُهُ يَقَعُ فِيهِ وَيَذُمُّهُ
وَفِي مَعْنَاهُ مَا أَخْرَجَهُ الْحَاكِمُ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الشِّخِّيرِ رَفَعَهُ أَقِلُّوا الدُّخُولَ عَلَى الْأَغْنِيَاءِ فَإِنَّهُ أَحْرَى أن لا تزدروا نعمة الله
قال بن بَطَّالٍ هَذَا الْحَدِيثُ جَامِعٌ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute