كَانَتْ عَرِيضَةً وَاضِحَةً وَاسِعَةً فَهُوَ جَمْعُ أَبْطَحَ مِنْ قَوْلِهِمْ لِلْأَرْضِ الْمُتَّسِعَةِ بَطْحَاءُ وَالْمُرَادُ أَنَّهَا مَا كَانَتْ ضَيِّقَةً رُومِيَّةً أَوْ هِنْدِيَّةً بَلْ كَانَ وُسْعُهَا بِقَدْرِ شِبْرٍ كَمَا سَبَقَ كَذَا قال القارىء فِي الْمِرْقَاةِ
وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ كَمَا سَبَقَ إِلَى مَا نُقِلَ عَنْ بَعْضِ كُتُبِ الْحَنَفِيَّةِ أَنَّهُ يستحب اتساع الكم بقدر شبر
وقال بن حَجَرٍ الْهَيْثَمِيُّ الْمَكِّيُّ وَأَمَّا مَا نُقِلَ عَنِ الصَّحَابَةِ مِنَ اتِّسَاعِ الْكُمِّ فَمَبْنِيٌّ عَلَى تَوَهُّمِ أَنَّ الْأَكْمَامَ جَمْعُ كُمٍّ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ جَمْعُ كُمَّةٍ وَهِيَ مَا يُجْعَلُ عَلَى الرَّأْسِ كَالْقَلَنْسُوَةِ فَكَأَنَّ قَائِلَ ذَلِكَ لَمْ يَسْمَعْ قَوْلَ الْأَئِمَّةِ أَنَّ مِنَ الْبِدَعِ الْمَذْمُومَةِ اتِّسَاعُ الْكُمَّيْنِ انتهى
قال القارىء مُتَعَقِّبًا عَلَيْهِ بِأَنَّهُ يُمْكِنُ حَمْلُ هَذَا عَلَى السَّعَةِ الْمُفْرِطَةِ وَمَا نُقِلَ عَنِ الصَّحَابَةِ عَلَى خِلَافِ ذَلِكَ وَهُوَ ظَاهِرٌ بَلْ مُتَعَيَّنٌ انْتَهَى
قُلْتُ الْحَدِيثُ يَحْتَمِلُ الِاحْتِمَالَيْنِ وَاخْتَارَ التِّرْمِذِيُّ الِاحْتِمَالَ الثَّانِيَ حَيْثُ فَسَّرَ قَوْلَهُ بُطْحًا بِقَوْلِهِ يَعْنِي وَاسِعَةً وَلَا شَكَّ فِي أَنَّهُ إِنْ كَانَ مَعْنَى بُطْحًا وَاسِعَةً فَالْمُرَادُ السَّعَةُ الْغَيْرُ الْمُفْرِطَةِ كما قال القارىء فَإِنَّ الِاتِّسَاعَ الْمُفْرِطَ فِي الْأَكْمَامِ مَذْمُومٌ بِلَا شك
قال الحافظ بن الْقَيِّمِ فِي زَادِ الْمَعَادِ وَأَمَّا الْأَكْمَامُ الْوَاسِعَةُ الطِّوَالُ الَّتِي هِيَ كَالْأَخْرَاجِ فَلَمْ يَلْبَسْهَا هُوَ وَلَا أَحَدٌ مِنْ أَصْحَابِهِ الْبَتَّةَ وَهِيَ مُخَالِفَةٌ لِسُنَّتِهِ وَفِي جَوَازِهَا نَظَرٌ فَإِنَّهَا مِنْ جِنْسِ الْخُيَلَاءِ انْتَهَى
وَقَالَ الشَّوْكَانِيُّ فِي النَّيْلِ وَقَدْ صَارَ أَشْهَرُ النَّاسِ بِمُخَالَفَةِ هَذِهِ السُّنَّةِ فِي زَمَانِنَا هَذَا الْعُلَمَاءُ فَيُرَى أَحَدُهُمْ وَقَدْ يَجْعَلُ لِقَمِيصِهِ كُمَّيْنِ يَصْلُحُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنْ يَكُونَ جُبَّةً أَوْ قَمِيصًا لِصَغِيرٍ مِنْ أَوْلَادِهِ أَوْ يَتِيمٍ وَلَيْسَ فِي ذَلِكَ شَيْءٌ مِنَ الْفَائِدَةِ إِلَّا الْعَبَثُ وَتَثْقِيلُ الْمُؤْنَةِ عَلَى النَّفْسِ وَمَنْعُ الِانْتِفَاعِ بِالْيَدِ فِي كَثِيرٍ مِنَ الْمَنَافِعِ وَتَشْوِيهِ الْهَيْئَةِ وَلَا الدِّينِيَّةِ إِلَّا مُخَالَفَةُ السُّنَّةِ وَالْإِسْبَالُ وَالْخُيَلَاءُ انْتَهَى
وَأَمَّا الْأَكْمَامُ الضَّيِّقَةُ فَقَدْ ثَبَتَ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَبِسَ جُبَّةً ضَيِّقَةَ الْكُمَّيْنِ فِي السَّفَرِ كَمَا رَوَى الشَّيْخَانِ عَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَبِسَ جُبَّةً رُومِيَّةً ضَيِّقَةَ الْكُمَّيْنِ كَذَا فِي الْمِشْكَاةِ وَتَرْجَمَ الْإِمَامُ الْبُخَارِيُّ لِحَدِيثِ الْمُغِيرَةِ هَذَا فِي صَحِيحِهِ فِي كِتَابِ اللِّبَاسِ بَابُ مَنْ لَبِسَ جُبَّةً ضَيِّقَةَ الْكُمَّيْنِ فِي السَّفَرِ
قَالَ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ كَأَنَّهُ يُشِيرُ إِلَى أَنَّ لُبْسَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْجُبَّةَ الضَّيِّقَةَ إِنَّمَا كَانَ لِحَالِ السَّفَرِ لِاحْتِيَاجِ الْمُسَافِرِ إِلَى ذَلِكَ وَأَنَّ السَّفَرَ يُغْتَفَرُ فِيهِ لُبْسُ غَيْرِ الْمُعْتَادِ فِي الْحَضَرِ
قَوْلُهُ (هَذَا حَدِيثٌ مُنْكَرٌ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ بُسْرٍ بَصْرِيٌّ ضَعِيفٌ عِنْدَ أَهْلِ الْحَدِيثِ إِلَخْ) قَالَ الذَّهَبِيُّ فِي الْمِيزَانِ
عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بسر الجبراني الْحِمْصِيُّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُسْرٍ الْمَازِنِيِّ الصَّحَابِيِّ وَغَيْرِهِ
قَالَ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ رأيته وليس بشيء روي عن بن بسر وأبي راشد الجبراني
وقال أبو