للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَوْلُهُ (لَا يَأْكُلُ أَحَدُكُمْ بِشِمَالِهِ وَلَا يَشْرَبُ بِشِمَالِهِ) قَالَ الشَّوْكَانِيُّ فِيهِ النَّهْيُ عَنِ الْأَكْلِ وَالشُّرْبِ بِالشِّمَالِ وَالنَّهْيُ حَقِيقَةٌ فِي التَّحْرِيمِ كَمَا تَقَرَّرَ فِي الْأُصُولِ وَلَا يَكُونُ لِمُجَرَّدِ الْكَرَاهَةِ فَقَطْ إِلَّا مَجَازًا مَعَ قِيَامِ صَارِفٍ

قَالَ النَّوَوِيُّ وَهَذَا إِذَا لَمْ يَكُنْ عُذْرٌ فَإِنْ كَانَ عُذْرٌ يَمْنَعُ الْأَكْلَ وَالشُّرْبَ بِالْيَمِينِ مِنْ مَرَضٍ أَوْ جِرَاحَةٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ فَلَا كَرَاهَةَ فِي الشِّمَالِ وَقَالَ فِيهِ اسْتِحْبَابُ الْأَكْلِ وَالشُّرْبِ بِالْيَمِينِ وَكَرَاهَتُهُمَا بِالشِّمَالِ

قُلْتُ بَلْ فِي هَذَا الْحَدِيثِ وُجُوبُ الْأَكْلِ وَالشُّرْبِ بِالْيَمِينِ كَمَا قَالَ الشَّوْكَانِيُّ وَيَدُلُّ عَلَى الْوُجُوبِ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا أَكَلَ أَحَدُكُمْ فَلْيَأْكُلْ بِيَمِينِهِ وَإِذَا شَرِبَ فَلْيَشْرَبْ بِيَمِينِهِ الْحَدِيثَ وَقَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِعُمَرَ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ كُلْ بِيَمِينِكَ فَإِنَّ الْأَصْلَ فِي الْأَمْرِ الْوُجُوبُ

قَالَ الْحَافِظُ قَالَ شَيْخُنَا يَعْنِي الْحَافِظَ الْعِرَاقِيَّ فِي شَرْحِ التِّرْمِذِيِّ حَمَلَهُ أَكْثَرُ الشَّافِعِيَّةِ عَلَى النَّدْبِ وَبِهِ جَزَمَ الْغَزَالِيُّ ثُمَّ النَّوَوِيُّ لَكِنْ نَصَّ الشَّافِعِيُّ فِي الرِّسَالَةِ وَفِي مَوْضِعٍ آخَرَ مِنَ الْأُمِّ عَلَى الْوُجُوبِ قَالَ وَيَدُلُّ عَلَى وُجُوبِ الْأَكْلِ بِالْيَمِينِ وُرُودُ الْوَعِيدِ فِي الْأَكْلِ بِالشِّمَالِ فَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ مِنْ حَدِيثِ سَلَمَةَ بْنِ الْأَكْوَعِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأَى رَجُلًا يَأْكُلُ بِشِمَالِهِ فَقَالَ كُلْ بِيَمِينِكَ قَالَ لَا أَسْتَطِيعُ قَالَ لَا اسْتَطَعْتَ فَمَا رَفَعَهَا إِلَى فِيهِ بَعْدُ

وَأَخْرَجَ الطَّبَرَانِيُّ مِنْ حَدِيثِ سُبَيْعَةَ الْأَسْلَمِيَّةِ مِنْ حَدِيثِ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأَى سُبَيْعَةَ الْأَسْلَمِيَّةَ تَأْكُلُ بِشِمَالِهَا فَقَالَ أَخَذَهَا دَاءُ غَزَّةَ فَقَالَ إِنَّ بِهَا قُرْحَةً قَالَ وَإِنْ فَمَرَّتْ بِغَزَّةَ فَأَصَابَهَا طَاعُونٌ فماتت

وأخرج مُحَمَّدُ بْنُ الرَّبِيعِ الْجِيزِيُّ فِي مُسْنَدِ الصَّحَابَةِ الَّذِينَ نَزَلُوا مِصْرَ وَسَنَدُهُ حَسَنٌ

وَثَبَتَ النَّهْيُ عَنِ الْأَكْلِ بِالشِّمَالِ وَأَنَّهُ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ من حديث بن عُمَرَ وَمِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ عِنْدَ مُسْلِمٍ وَعِنْدَ أَحْمَدَ بِسَنَدٍ حَسَنٍ عَنْ عَائِشَةَ رَفَعَتْهُ مَنْ أَكَلَ بِشِمَالِهِ أَكَلَ مَعَهُ الشَّيْطَانُ

الْحَدِيثَ انْتَهَى (فَإِنَّ الشَّيْطَانَ يَأْكُلُ بِشِمَالِهِ إِلَخْ) قَالَ التُّورِبِشْتِيُّ الْمَعْنَى أَنَّهُ يَحْمِلُ أَوْلِيَاءَهُ مِنَ الْإِنْسِ عَلَى ذَلِكَ الصَّنِيعِ لِيُضَادَّ بِهِ عِبَادَ اللَّهِ الصَّالِحِينَ ثُمَّ إِنَّ مِنْ حَقِّ نِعْمَةِ اللَّهِ وَالْقِيَامِ بِشُكْرِهَا أَنْ تُكْرَمَ وَلَا يُسْتَهَانَ بِهَا وَمِنْ حق الكرامة أن تتناول باليمين ويميز بِهَا بَيْنَ مَا كَانَ مِنَ النِّعْمَةِ وَبَيْنَ مَا كَانَ مِنَ الْأَذَى قَالَ الطِّيبِيُّ وَتَحْرِيرُهُ أَنْ يُقَالَ لَا يَأْكُلَنَّ أَحَدُكُمْ بِشِمَالِهِ وَلَا يَشْرَبَنَّ بِهَا فَإِنَّكُمْ إِنْ فَعَلْتُمْ ذَلِكَ كُنْتُمْ أَوْلِيَاءَ الشَّيْطَانِ فَإِنَّ الشَّيْطَانَ يَحْمِلُ أَوْلِيَاءَهُ مِنَ الْإِنْسِ عَلَى ذَلِكَ انْتَهَى قَالَ الْحَافِظُ وَفِيهِ عُدُولٌ عَنِ الظَّاهِرِ وَالْأَوْلَى حَمْلُ الْخَبَرِ عَلَى ظَاهِرِهِ وَأَنَّ الشَّيْطَانَ يَأْكُلُ حَقِيقَةً لِأَنَّ الْعَقْلَ لَا يُحِيلُ ذَلِكَ وَقَدْ ثَبَتَ الْخَبَرُ بِهِ فَلَا يُحْتَاجُ إِلَى تَأْوِيلِهِ

وَقَالَ

<<  <  ج: ص:  >  >>