للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِهِ وَمَعْنَى الِاسْتِفْهَامِ عَلَى الْعَرْضِ نَحْوُ أَلَا تَنْزِلُ عِنْدَنَا وَالْمَعْنَى أَلَا تَتَوَضَّأُ كَمَا فِي رِوَايَةٍ ظَنًّا مِنْهُمْ أَنَّ الْوُضُوءَ وَاجِبٌ قَبْلَ الْأَكْلِ (قَالَ إِنَّمَا أُمِرْتُ) أَيْ وُجُوبًا (بِالْوُضُوءِ) أَيْ بَعْدَ الْحَدَثِ (إِذَا قُمْتُ إِلَى الصَّلَاةِ) أَيْ أَرَدْتُ الْقِيَامَ لَهَا وَهَذَا بِاعْتِبَارِ الْأَعَمِّ الْأَغْلَبِ وَإِلَّا فَيَجِبُ الْوُضُوءُ عِنْدَ سَجْدَةِ التِّلَاوَةِ وَمَسِّ الْمُصْحَفِ وَحَالَ الطَّوَافِ وَكَأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلِمَ مِنَ السَّائِلِ أَنَّهُ اعْتَقَدَ أَنَّ الْوُضُوءَ الشَّرْعِيَّ قَبْلَ الطَّعَامِ وَاجِبٌ مَأْمُورٌ بِهِ فَنَفَاهُ عَلَى طَرِيقِ الْأَبْلَغِ حَيْثُ أَتَى بِأَدَاةِ الْحَصْرِ وَأَسْنَدَ الْأَمْرَ لِلَّهِ تَعَالَى وَهُوَ لَا يُنَافِي جَوَازَهُ بَلِ اسْتِحْبَابُهُ فَضْلًا عَنِ اسْتِحْبَابِ الْوُضُوءِ الْعُرْفِيِّ سَوَاءٌ غَسَلَ يَدَيْهِ عِنْدَ شُرُوعِهِ فِي الْأَكْلِ أَمْ لَا وَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ مَا غَسَلَهُمَا لِبَيَانِ الْجَوَازِ مَعَ أَنَّهُ أَكَّدَ لِنَفْيِ الْوُجُوبِ الْمَفْهُومِ مِنْ جَوَابِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

وَفِي الْجُمْلَةِ لَا يَتِمُّ اسْتِدْلَالُ مَنِ احْتَجَّ بِهِ عَلَى نَفْيِ الْوُضُوءِ مُطْلَقًا قَبْلَ الطَّعَامِ مَعَ أَنَّ فِي نَفْسِ السُّؤَالِ إِشْعَارًا بِأَنَّهُ كَانَ الْوُضُوءُ عِنْدَ الطَّعَامِ مِنْ دَأْبِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَإِنَّمَا نَفَى الْوُضُوءَ الشَّرْعِيَّ فَبَقِيَ الْوُضُوءُ الْعُرْفِيُّ عَلَى حَالِهِ وَيُؤَيِّدُهُ الْمَفْهُومُ أَيْضًا فَمَعَ وُجُودِ الِاحْتِمَالِ سَقَطَ الِاسْتِدْلَالُ كَذَا قال القارىء فِي الْمِرْقَاةِ

قُلْتُ وَفِي بَعْضِ كَلَامِهِ نَظَرٌ كَمَا لَا يَخْفَى

قَوْلُهُ (هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ) وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ وَأَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائِيُّ (وَقَدْ رَوَاهُ عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْحُوَيْرِثِ) ويقال بن أَبِي الْحُوَيْرِثِ الْمَكِّيُّ مَوْلَى السَّائِبِ ثِقَةٌ مِنَ الرابعة (عن بن عَبَّاسٍ) أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ بِهَذَا الطَّرِيقِ (وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ قَالَ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ كَانَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ يَكْرَهُ إِلَخْ) قَالَ النووي في شرحه حديث بن عَبَّاسٍ الْمُرَادُ بِالْوُضُوءِ الْوُضُوءُ الشَّرْعِيُّ وَحَمَلَهُ الْقَاضِي عِيَاضٌ عَلَى الْوُضُوءِ اللُّغَوِيِّ وَجَعَلَ الْمُرَادَ غَسْلَ الْكَفَّيْنِ

وَحَكَى اخْتِلَافَ الْعُلَمَاءِ فِي كَرَاهَةِ غَسْلِ الْكَفَّيْنِ قَبْلَ الطَّعَامِ وَاسْتِحْبَابِهِ

وَحَكَى الْكَرَاهَةَ عَنْ مَالِكٍ وَالثَّوْرِيِّ وَالظَّاهِرُ مَا قَدَّمْنَاهُ أَنَّ الْمُرَادَ الوضوء الشرعي انتهى

وقال الحافظ بن الْقَيِّمِ فِي حَاشِيَةِ السُّنَنِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ قَوْلَانِ لِأَهْلِ الْعِلْمِ أَحَدُهُمَا يُسْتَحَبُّ غَسْلُ الْيَدَيْنِ عِنْدَ الطَّعَامِ وَالثَّانِي لَا يُسْتَحَبُّ وَهُمَا فِي مَذْهَبِ أَحْمَدَ وَغَيْرِهِ الصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يُسْتَحَبُّ

وَقَالَ الشَّافِعِيُّ فِي كِتَابِهِ الْكَبِيرِ بَابُ تَرْكِ غَسْلِ الْيَدَيْنِ قَبْلَ الطَّعَامِ ثُمَّ ذَكَرَ مِنْ حديث بن جريج عن سعيد بن الحويرث عن بْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَبَرَّزَ ثُمَّ خَرَجَ فَطَعِمَ وَلَمْ يَمَسَّ مَاءً وَإِسْنَادُهُ صَحِيحٌ ثُمَّ قَالَ غَسَلَ الْجُنُبُ يَدَهُ إِذْ طَعِمَ

<<  <  ج: ص:  >  >>