للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذَكَرَهَا وَيَكُونُ هَذَا نَقْصَ نَعِيمٍ فِي حَقِّهِ تَمْيِيزًا بَيْنَهُ وَبَيْنَ تَارِكِ شُرْبِهَا وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ التَّوْبَةَ تُكَفِّرُ الْمَعَاصِي الْكَبَائِرَ وَهُوَ مُجْمَعٌ عَلَيْهِ انْتَهَى

وَقَالَ الْجَزَرِيُّ فِي النِّهَايَةِ

هَذَا مِنْ بَابِ التَّعْلِيقِ فِي الْبَيَانِ أَرَادَ أَنَّهُ لَمْ يَدْخُلِ الْجَنَّةَ لِأَنَّ الْخَمْرَ مِنْ شَرَابِ أَهْلِ الْجَنَّةِ فَإِذَا لَمْ يُشْرِبْهَا فِي الْآخِرَةِ لَمْ يَكُنْ قَدْ دَخَلَ الْجَنَّةَ انْتَهَى

وَكَذَلِكَ قَالَ الْخَطَّابِيُّ وَالْبَغَوِيُّ وَالْأَوْلَى عِنْدِي أَنْ يُحْمَلَ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يُشْرِبْهَا فِي الْآخِرَةِ عَلَى ظَاهِرِهِ فَفِي إِحْدَى رِوَايَاتِ الْبَيْهَقِيِّ مَنْ شَرِبَ الْخَمْرَ فِي الدُّنْيَا وَلَمْ يَتُبْ لَمْ يُشْرِبْهَا فِي الْآخِرَةِ وَإِنْ دَخَلَ الْجَنَّةَ

رَوَى أَحْمَدُ بِسَنَدٍ حسن عن عبد الله بن عمر ورفعه مَنْ مَاتَ مِنْ أُمَّتِي وَهُوَ يَشْرَبُ الْخَمْرَ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ شُرْبَهَا فِي الْجَنَّةِ

وَفِي حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ مَرْفُوعًا مَنْ لَبِسَ الْحَرِيرَ فِي الدُّنْيَا لَمْ يَلْبَسْهُ فِي الْآخِرَةِ وَإِنْ دَخَلَ الْجَنَّةَ لَبِسَهُ أَهْلُ الْجَنَّةِ وَلَمْ يَلْبَسْهُ هو أخرجه الطيالسي وصححه بن حبان

قال بن الْعَرَبِيِّ ظَاهِرُ الْحَدِيثَيْنِ أَنَّهُ لَا يَشْرَبُ الْخَمْرَ فِي الْجَنَّةِ وَلَا يَلْبَسُ الْحَرِيرَ فِيهَا وَذَلِكَ لِأَنَّهُ اسْتَعْجَلَ مَا أُمِرَ بِتَأْخِيرِهِ وَوُعِدَ بِهِ فَحُرِمَهُ عِنْدَ مِيقَاتِهِ

كَالْوَارِثِ فَإِنَّهُ إِذَا قَتَلَ مُوَرِّثَهُ فَإِنَّهُ يُحْرَمُ مِيرَاثَهُ لِاسْتِعْجَالِهِ وَبِهَذَا قَالَ نَفَرٌ مِنَ الصَّحَابَةِ وَمِنَ الْعُلَمَاءِ انْتَهَى

وَقَالَ الْقُرْطُبِيُّ ظَاهِرُ الْحَدِيثِ تَأْيِيدُ التَّحْرِيمِ فَإِنْ دَخَلَ الْجَنَّةَ شَرِبَ مِنْ جَمِيعِ أَشْرِبَتِهَا إِلَّا الْخَمْرَ وَمَعَ ذَلِكَ فَلَا يَتَأَلَّمُ لِعَدَمِ شُرْبِهَا وَلَا يَحْسُدُ مَنْ يَشْرَبُهَا وَيَكُونُ حَالُهُ كَحَالِ أَصْحَابِ الْمَنَازِلِ فِي الْخَفْضِ وَالرِّفْعَةِ فَكَمَا لَا يَشْتَهِي مَنْزِلَةَ مَنْ هُوَ أَرْفَعُ مِنْهُ لَا يَشْتَهِيهَا أَيْضًا وَلَيْسَ ذَلِكَ بِعُقُوبَةٍ لَهُ انْتَهَى

قَوْلُهُ (وَفِي الْبَابِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَأَبِي سَعِيدٍ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو وَعُبَادَةَ وَأَبِي مَالِكٍ الأشعري وبن عَبَّاسٍ) أَمَّا حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ فَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَأَبُو دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ وَعَنْهُ فِي الْبَابِ أَحَادِيثُ أُخْرَى ذَكَرَهَا الْحَافِظُ الْمُنْذِرِيُّ فِي التَّرْغِيبِ وَالتَّرْهِيبِ

وَأَمَّا حَدِيثُ أَبِي سَعِيدٍ فَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ

وَأَمَّا حَدِيثُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو فَأَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وَالطَّبَرَانِيُّ عَنْهُ وَعَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَنْ مَاتَ مِنْ أُمَّتِي وَهُوَ يَشْرَبُ الْخَمْرَ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ شُرْبَهَا فِي الْجَنَّةِ وَمَنْ مَاتَ مِنْ أُمَّتِي وَهُوَ يَتَحَلَّى الذَّهَبَ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ لِبَاسَهُ فِي الْجَنَّةِ

قَالَ الْمُنْذِرِيُّ رُوَاةُ أَحْمَدَ ثِقَاتٌ

وَأَمَّا حَدِيثُ عُبَادَةَ فَأَخْرَجَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ فِي زِيَادَاتِهِ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ وَاَلَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَيَبِيتَنَّ أُنَاسٌ مِنْ أُمَّتِي عَلَى أَشَرٍ وَبَطَرٍ وَلَعِبٍ وَلَهْوٍ فَيُصْبِحُوا قِرَدَةً وَخَنَازِيرَ بِاسْتِحْلَالِهِمُ الْمَحَارِمَ وَاِتِّخَاذِهِمُ الْقَيْنَاتِ وَشُرْبِهِمُ الْخَمْرَ وَبِأَكْلِهِمُ الرِّبَا وَلُبْسِهِمُ الْحَرِيرَ

وَأَمَّا حَدِيثُ أَبِي مَالِكٍ الْأَشْعَرِيِّ فَأَخْرَجَهُ بن ماجه وبن حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ عَنْهُ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ تَشْرَبُ نَاسٌ مِنْ أُمَّتِي الْخَمْرَ يُسَمُّونَهَا بِغَيْرِ اسْمِهَا يضرب على رؤوسهم بِالْمَعَازِفِ وَالْقَيْنَاتِ يَخْسِفُ اللَّهُ بِهِمُ الْأَرْضَ

<<  <  ج: ص:  >  >>