٢ - بَاب مِنْهُ قَوْلُهُ [١٨٩٨] (عَنِ الْوَلِيدِ بْنِ الْعَيْزَارِ) بْنِ حُرَيْثٍ الْعَبْدِيِّ الْكُوفِيِّ ثِقَةٌ مِنَ الْخَامِسَةِ
قَوْلُهُ (أَيُّ الْأَعْمَالِ أَفْضَلُ) قَالَ الْحَافِظُ مُحَصَّلُ مَا أَجَابَ بِهِ الْعُلَمَاءُ عَنْ هَذَا الْحَدِيثِ وَغَيْرِهِ مِمَّا اخْتَلَفَتْ فِيهِ الْأَجْوِبَةُ بِأَنَّهُ أَفْضَلُ الْأَعْمَالِ أَنَّ الْجَوَابَ اخْتَلَفَ لِاخْتِلَافِ أَحْوَالِ السَّائِلِينَ بِأَنْ أَعْلَمَ كُلَّ قَوْمٍ بِمَا يَحْتَاجُونَ إِلَيْهِ أَوْ بِمَا لَهُمْ فِيهِ رَغْبَةٌ أَوْ بِمَا هُوَ لَائِقٌ بِهِمْ أَوْ كَانَ الِاخْتِلَافُ بِاخْتِلَافِ الْأَوْقَاتِ بِأَنْ يَكُونَ الْعَمَلُ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ أَفْضَلَ مِنْهُ فِي غَيْرِهِ فَقَدْ كَانَ الْجِهَادُ فِي ابْتِدَاءِ الْإِسْلَامِ أَفْضَلَ الْأَعْمَالِ لِأَنَّهُ الْوَسِيلَةُ إِلَى الْقِيَامِ بِهَا وَالتَّمَكُّنِ مِنْ أَدَائِهَا وَقَدْ تَضَافَرَتِ النُّصُوصُ عَلَى أَنَّ الصَّلَاةَ أَفْضَلُ مِنَ الصَّدَقَةِ وَمَعَ ذَلِكَ فَفِي وَقْتِ مُوَاسَاةِ الْمُضْطَرِّ تَكُونُ الصَّدَقَةُ أَفْضَلَ أَوْ أَنَّ أَفْضَلَ لَيْسَتْ عَلَى بَابِهَا بَلِ الْمُرَادُ بِهَا الْفَضْلُ الْمُطْلَقُ أَوِ الْمُرَادُ مِنْ أَفْضَلِ الْأَعْمَالِ فَحُذِفَتْ مِنْ وَهِيَ مُرَادَةٌ انْتَهَى
(قَالَ الصَّلَاةُ لِمِيقَاتِهَا) وَفِي رِوَايَةِ الصَّحِيحَيْنِ لِوَقْتِهَا وَفِي رِوَايَةٍ لَهُمَا عَلَى وَقْتِهَا وَفِي رِوَايَةِ الْحَاكِمِ والدَّارَقُطْنِيِّ وَالْبَيْهَقِيِّ فِي أَوَّلِ وَقْتِهَا
قَالَ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ أَنَّ رِوَايَةَ فِي أَوَّلِ وَقْتِهَا ضَعِيفَةٌ انْتَهَى (قُلْتُ ثُمَّ مَاذَا) قَالَ الطِّيبِيُّ ثُمَّ لِتَرَاخِي الرُّتْبَةِ لَا لِتَرَاخِي الزَّمَانِ أَيْ ثُمَّ بَعْدَ الصَّلَاةِ أَيُّ الْعَمَلِ أَفْضَلُ (قَالَ بِرُّ الْوَالِدَيْنِ) أَيْ أَوْ أَحَدِهِمَا
قَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ هَذَا الْحَدِيثُ مُوَافِقٌ لِقَوْلِهِ تَعَالَى أَنِ اشْكُرْ لِي ولوالديك وكأنه أخذه من تفسير بن عُيَيْنَةَ حَيْثُ قَالَ مَنْ صَلَّى الصَّلَوَاتِ الْخَمْسَ فَقَدْ شَكَرَ اللَّهَ وَمَنْ دَعَا لِوَالِدَيْهِ عَقِبَهُمَا فَقَدْ شَكَرَ لَهُمَا كَذَا فِي الْفَتْحِ (الْجِهَادُ في سبيل الله) قال بن بَزْبَزَةَ الَّذِي يَقْتَضِيهِ النَّظَرُ تَقْدِيمُ الْجِهَادِ عَلَى جَمِيعِ أَعْمَالِ الْبَدَنِ لِأَنَّ فِيهِ بَذْلَ النَّفْسِ إِلَّا أَنَّ الصَّبْرَ عَلَى الْمُحَافَظَةِ عَلَى الصَّلَوَاتِ وَأَدَائِهَا فِي أَوْقَاتِهَا وَالْمُحَافَظَةُ عَلَى بِرِّ الْوَالِدَيْنِ أَمْرٌ لَازِمٌ مُتَكَرِّرٌ دَائِمٌ لَا يَصْبِرُ عَلَى مُرَاقَبَةِ أَمْرِ اللَّهِ فِيهِ إِلَّا الصِّدِّيقُونَ (ثُمَّ سَكَتَ عَنِّي رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) هُوَ مَقُولُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ (وَلَوِ اسْتَزَدْتُهُ) أَيِ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَعْنِي لَوْ سَأَلْتُهُ أَكْثَرَ مِنْ هَذَا (لَزَادَنِي) فِي الْجَوَابِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute