وَفَعَلَهُ وَكَانَ مِمَّا يُمْكِنُ تَدَارُكُهُ مَعَ فَوَاتِ الْفَضِيلَةِ كَالصَّلَاةِ أَوَّلَ الْوَقْتِ أَوْ فِي الْجَمَاعَةِ (قَالَ وَجَلَسَ) أَيْ لِلِاهْتِمَامِ بِهَذَا الْأَمْرِ وَهُوَ يُفِيدُ تَأْكِيدَ تَحْرِيمِهِ وَعِظَمَ قُبْحِهِ (وَكَانَ مُتَّكِئًا) جُمْلَةٌ حَالِيَّةٌ وَسَبَبُ الِاهْتِمَامِ بِذَلِكَ كَوْنُ قَوْلِ الزُّورِ أَوْ شَهَادَةُ الزُّورِ أَسْهَلُ وُقُوعًا عَلَى النَّاسِ وَالتَّهَاوُنُ بِهَا أَكْثَرُ فَإِنَّ الْإِشْرَاكَ يَنْبُو عَنْهُ قَلْبُ الْمُسْلِمِ
وَالْعُقُوقُ يَصْرِفُ عَنْهُ الطَّبْعُ وَأَمَّا الزُّورُ فَالْحَوَامِلُ عَلَيْهِ كَثِيرَةٌ كَالْعَدَاوَةِ وَالْحَسَدِ وَغَيْرِهِمَا فَاحْتِيجَ إِلَى الِاهْتِمَامِ بِتَعْظِيمِهِ وَلَيْسَ ذَلِكَ لِعِظَمِهِمَا بِالنِّسْبَةِ إِلَى مَا ذُكِرَ مَعَهَا مِنَ الْإِشْرَاكِ قَطْعًا بَلْ لِكَوْنِ مَفْسَدَةِ الزُّورِ مُتَعَدِّيَةً إِلَى غَيْرِ الشَّاهِدِ بِخِلَافِ الشِّرْكِ فَإِنَّ مَفْسَدَتَهُ قَاصِرَةٌ غَالِبًا
وَهَذَا الْحَدِيثُ يَأْتِي أَيْضًا بِسَنَدِهِ وَمَتْنِهِ فِي الشَّهَادَاتِ
قَوْلُهُ (وَفِي الْبَابِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ) أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ
قَوْلُهُ [١٩٠٢] (مِنَ الْكَبَائِرِ أَنْ يَشْتُمَ الرَّجُلُ وَالِدَيْهِ) وَلَفْظُ الْبُخَارِيِّ إِنَّ مِنْ أَكْبَرِ الْكَبَائِرِ أَنْ يَلْعَنَ الرَّجُلُ وَالِدَيْهِ وَهَذَا يَقْتَضِي أَنَّ سَبَّ الرَّجُلِ وَالِدَيْهِ مِنْ أَكْبَرِ الْكَبَائِرِ
وَرِوَايَةُ التِّرْمِذِيِّ تَقْتَضِي أَنَّهُ كَبِيرَةٌ وَبَيْنَهُمَا فَرْقٌ مِنْ حَيْثُ إِنَّ الْكَبَائِرَ مُتَفَاوِتَةٌ وَبَعْضُهَا أَكْبَرُ مِنْ بَعْضٍ (وَهَلْ يَشْتِمُ) بِكَسْرِ عَيْنِهِ وَيُضَمُّ أَيْ يَسُبُّ (الرَّجُلُ وَالِدَيْهِ) أَيْ هَلْ يَقَعُ ذَلِكَ وَهُوَ اسْتِبْعَادٌ مِنَ السَّائِلِ لِأَنَّ الطَّبْعَ الْمُسْتَقِيمَ يَأْبَى ذَلِكَ فَبَيَّنَ فِي الْجَوَابِ أَنَّهُ وَإِنْ لَمْ يَتَعَاطَ السَّبَّ بِنَفْسِهِ فِي الْأَغْلَبِ الْأَكْثَرِ لَكِنْ قَدْ يَقَعُ التَّسَبُّبُ فِيهِ وَهُوَ مِمَّا يُمْكِنُ وُقُوعُهُ كَثِيرًا (قَالَ نَعَمْ) أَيْ يَقَعُ حَقِيقَةً تَارَةً وَهُوَ نَادِرٌ وَمَجَازٌ أُخْرَى وَهُوَ كَثِيرٌ لَكِنْ مَا تَعْرِفُونَهُ ثُمَّ بَيَّنَهُ بِقَوْلِهِ (يَسُبُّ أَبَا الرَّجُلِ فَيَسُبُّ) أَيِ الرَّجُلَ (أَبَاهُ) أَيْ أَبَا مَنْ سَبَّهُ (وَيَشْتُمُ) أَيْ تَارَةً أُخْرَى وَقَدْ يَجْمَعُ وَيَشْتُمُ أَيْضًا (أُمَّهُ) أَيْ أُمَّ الرَّجُلِ (فَيَشْتُمُ) أَيِ الرَّجُلَ (أُمَّهُ) أَيْ أُمَّ سَابِّهِ وَفِي الْجَمْعِ بَيْنَ الشَّتْمِ وَالسَّبِّ تَفَنُّنٌ فَفِي الْقَامُوسِ شَتَمَهُ يَشْتُمُهُ وَيَشْتِمُهُ سَبَّهُ وَقَدْ يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا وَيُقَالُ السَّبُّ أَعَمُّ فَإِنَّهُ شَامِلٌ لِلَّعْنِ أَيْضًا بخلاف الشتم
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute