هَؤُلَاءِ لَوْ انْفَرَدَ قُدِّمَ عَلَى التِّرْمِذِيِّ مَعَ أَنَّ الْجَرْحَ مُقَدَّمٌ عَلَى التَّعْدِيلِ قَالَ وَاتَّفَقَ الْحُفَّاظُ عَلَى تَضْعِيفِهِ وَلَا يُقْبَلُ قَوْلُ التِّرْمِذِيِّ إِنَّهُ حَسَنٌ صَحِيحٌ
انْتَهَى وَقَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ فِي الْإِمَامِ أَبُو قَيْسٍ الْأَوْدِيُّ اسْمُهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ ثَرْوَانَ احْتَجَّ بِهِ الْبُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ وَذَكَرَ الْبَيْهَقِيُّ فِي سُنَنِهِ أَنَّ أَبَا مُحَمَّدٍ يَحْيَى بْنَ مَنْصُورٍ قَالَ رَأَيْتُ مُسْلِمَ بْنَ الْحَجَّاجِ ضَعَّفَ هَذَا الْخَبَرَ وَقَالَ أَبُو قَيْسٍ الْأَوْدِيُّ وَهُزَيْلُ بْنُ شُرَحْبِيلَ لَا يحتملان وخصوصا مع مخالفتهماالأجلة الَّذِينَ رَوَوْا هَذَا الْخَبَرَ عَنِ الْمُغِيرَةِ فَقَالُوا مَسَحَ عَلَى الْخُفَّيْنِ وَقَالُوا لَا يُتْرَكُ ظَاهِرُ الْقُرْآنِ بِمِثْلِ أَبِي قَيْسٍ وَهُزَيْلٍ قَالَ فَذَكَرْتُ هَذِهِ الْحِكَايَةَ عَنْ مُسْلِمٍ لِأَبِي الْعَبَّاسِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الدَّغُولِيِّ فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ سَمِعْتُ عَلِيَّ بْنَ مُحَمَّدِ بْنَ شَيْبَانَ يَقُولُ سَمِعْتُ أَبَا قُدَامَةَ السَّرَخْسِيَّ يَقُولُ قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ قُلْتُ لِسُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ لَوْ حَدَّثْتَنِي بِحَدِيثِ أَبِي قَيْسٍ عَنْ هُزَيْلٍ مَا قِبْلَتُهُ مِنْكَ فَقَالَ سُفْيَانُ الْحَدِيثُ ضَعِيفٌ
ثُمَّ أَسْنَدَ الْبَيْهَقِيُّ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ قَالَ لَيْسَ يُرْوَى هَذَا الْحَدِيثُ إِلَّا مِنْ رِوَايَةِ أَبِي قَيْسٍ الْأَوْدِيِّ وَأَبَى عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ أَنْ يُحَدِّثَ بِهَذَا الْحَدِيثِ وَقَالَ هُوَ مُنْكَرٌ
وَأَسْنَدَ الْبَيْهَقِيُّ أَيْضًا عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْمَدِينِيِّ قال قَالَ حَدِيثُ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ فِي الْمَسْحِ رَوَاهُ عَنِ الْمُغِيرَةِ أَهْلُ الْمَدِينَةِ وَأَهْلُ الْكُوفَةِ وَأَهْلُ الْبَصْرَةِ وَرَوَاهُ هُزَيْلُ بْنُ شُرَحْبِيلَ عَنِ الْمُغِيرَةِ إِلَّا أَنَّهُ قَالَ وَمَسَحَ عَلَى الْجَوْرَبَيْنِ فَخَالَفَ النَّاسَ
وَأَسْنَدَ أَيْضًا عَنْ يَحْيَى بْنِ مَعِينٍ قَالَ النَّاسُ كُلُّهُمْ يَرْوُونَهُ عَلَى الْخُفَّيْنِ غَيْرَ أَبِي قَيْسٍ
قَالَ الشَّيْخُ وَمَنْ يُصَحِّحُهُ يَعْتَمِدُ بَعْدَ تَعْدِيلِ أَبِي قَيْسٍ عَلَى كَوْنِهِ لَيْسَ مُخَالِفًا لِرِوَايَةِ الْجُمْهُورِ مُخَالَفَةً مُعَارِضَةً بَلْ هُوَ أَمْرٌ زَائِدٌ عَلَى مَا رَوَوْهُ وَلَا يُعَارِضُهُ وَلَا سِيَّمَا وَهُوَ طَرِيقٌ مُسْتَقِلٌّ بِرِوَايَةِ هُزَيْلٍ عَنِ الْمُغِيرَةِ لَمْ يُشَارِكْ الْمَشْهُورَاتِ فِي سَنَدِهَا انْتَهَى
كَذَا فِي نَصْبِ الرَّايَةِ ص ٧٥ ج ١
قُلْتُ قَوْلُهُ بَلْ هُوَ أَمْرٌ زَائِدٌ عَلَى مَا رَوَوْهُ إِلَخْ فِيهِ نَظَرٌ فَإِنَّ النَّاسَ كُلَّهُمْ رَوَوْا عَنِ الْمُغِيرَةِ بِلَفْظِ مَسَحَ عَلَى الْخُفَّيْنِ وَأَبُو قَيْسٍ يُخَالِفُهُمْ جَمِيعًا فَيَرْوِي عَنْ هُزَيْلٍ عَنِ الْمُغِيرَةِ بِلَفْظِ مَسَحَ عَلَى الْجَوْرَبَيْنِ وَالنَّعْلَيْنِ فَلَمْ يَزِدْ عَلَى مَا رَوَوْا بَلْ خَالَفَ مَا رَوَوْا نَعَمْ لَوْ رَوَى بِلَفْظِ مَسَحَ عَلَى الْخُفَّيْنِ وَالْجَوْرَبَيْنِ وَالنَّعْلَيْنِ لَصَحَّ أَنْ يُقَالَ إِنَّهُ رَوَى أَمْرًا زَائِدًا عَلَى مَا رَوَوْهُ وَإِذْ لَيْسَ فَلَيْسَ فَتَفَكَّرْ
فَإِذَا عَرَفْتَ هَذَا كُلَّهُ ظَهَرَ لَكَ أَنَّ أَكْثَرَ الْأَئِمَّةِ مِنْ أَهْلِ الْحَدِيثِ حَكَمُوا عَلَى هَذَا الْحَدِيثِ بِأَنَّهُ ضَعِيفٌ مَعَ أَنَّهُمْ لَمْ يَكُونُوا غَافِلِينَ عَنْ مَسْأَلَةِ زِيَادَةِ الثِّقَةِ فَحُكْمُهُمْ عِنْدِي وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ مُقَدَّمٌ عَلَى حُكْمِ التِّرْمِذِيِّ بِأَنَّهُ حَسَنٌ صَحِيحٌ
وَفِي الْبَابِ حَدِيثَانِ آخَرَانِ حديث بن مَسْعُودٍ وَحَدِيثُ بِلَالٍ وَهُمَا أَيْضًا ضَعِيفَانِ لَا يَصْلُحَانِ لِلِاحْتِجَاجِ
أَمَّا حَدِيثُ أَبِي مُوسَى فَأَخْرَجَهُ الطَّحَاوِيُّ فِي شَرْحِ الْآثَارِ مِنْ طَرِيقِ أَبِي سِنَانٍ عَنِ الضَّحَّاكِ