للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَوْلُهُ (أَهْدَيْتُمْ) بِتَقْدِيرِ هَمْزَةِ الِاسْتِفْهَامِ (مَا زَالَ جِبْرَائِيلُ يُوصِينِي بِالْجَارِ حَتَّى ظَنَنْتُ أَنَّهُ سَيُوَرِّثُهُ) أَيْ يَأْمُرُ عَنِ اللَّهِ بِتَوْرِيثِ الْجَارِ مِنْ جَارِهِ

وَاخْتُلِفَ فِي الْمُرَادِ بِهَذَا التَّوْرِيثِ فَقِيلَ يُجْعَلُ لَهُ مُشَارَكَةٌ فِي الْمَالِ بِفَرْضِ سَهْمٍ يُعْطَاهُ مَعَ الْأَقَارِبِ وَقِيلَ الْمُرَادُ أَنْ يُنَزَّلَ مَنْزِلَةَ مَنْ يَرِثُ بِالْبِرِّ وَالصِّلَةِ وَالْأَوَّلُ أَظْهَرُ فَإِنَّ الثَّانِيَ اسْتَمَرَّ وَالْخَبَرُ مُشْعِرٌ بِأَنَّ التَّوْرِيثَ لَمْ يَقَعْ

وَيُؤَيِّدُهُ مَا أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ نَحْوَ حَدِيثِ الْبَابِ بِلَفْظِ حَتَّى ظَنَنْتُ أَنَّهُ يَجْعَلُ لَهُ مِيرَاثًا

وَاسْمُ الْجَارِ يَشْمَلُ الْمُسْلِمَ وَالْكَافِرَ وَالْعَابِدَ وَالْفَاسِقَ وَالصَّدِيقَ وَالْعَدُوَّ وَالْغَرِيبَ وَالْبَلَدِيَّ وَالنَّافِعَ وَالضَّارَّ وَالْقَرِيبَ وَالْأَجْنَبِيَّ وَالْأَقْرَبَ دارا والأبعد وله مراتب بعضه أَعْلَى مِنْ بَعْضٍ فَأَعْلَاهَا مَنِ اجْتَمَعَتْ فِيهِ الصِّفَاتُ الْأُوَلُ كُلُّهَا ثُمَّ أَكْثَرُهَا وَهَلُمَّ جَرَّا إِلَى الْوَاحِدِ وَعَكْسِهِ مَنِ اجْتَمَعَتْ فِيهِ الصِّفَاتُ الْأُخْرَى كَذَلِكَ فَيُعْطَى كُلٌّ حَقَّهُ بِحَسَبِ حَالِهِ

وَقَدْ تَتَعَارَضُ صِفَتَانِ فَأَكْثَرُ فَيَرْجَحُ أَوْ يُسَاوِي

وَقَدْ حَمَلَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو الرَّاوِي عَلَى الْعُمُومِ فَإِنَّهُ أَمَرَ لَمَّا ذُبِحَتْ لَهُ شَاةٌ أَنْ يُهْدِيَ مِنْهَا لِجَارِهِ الْيَهُودِيِّ

وَقَدْ أَخْرَجَ الطَّبَرَانِيُّ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ مَرْفُوعًا الْجِيرَانُ ثَلَاثَةٌ جَارٌ لَهُ حَقٌّ وَهُوَ الْمُشْرِكُ لَهُ حَقُّ الْجِوَارِ وَجَارٌ لَهُ حَقَّانِ وَهُوَ الْمُسْلِمُ لَهُ حَقُّ الْجِوَارِ وَحَقُّ الْإِسْلَامِ وَجَارٌ لَهُ ثَلَاثَةُ حُقُوقٍ مُسْلِمٌ لَهُ رَحِمٌ لَهُ حَقُّ الْجِوَارِ وَالْإِسْلَامِ وَالرَّحِمِ هَذَا تَلْخِيصُ مَا فِي فَتْحِ الْبَارِي

قَوْلُهُ (وَفِي الْبَابِ عَنْ عَائِشَةَ وبن عَبَّاسٍ إِلَخْ) أَمَّا حَدِيثُ عَائِشَةَ فَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ ومسلم عنها وعن بن عُمَرَ قَالَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا زَالَ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ يُوصِينِي بِالْجَارِ حَتَّى ظَنَنْتُ أَنَّهُ سَيُوَرِّثُهُ وَأَخْرَجَهُ الترمذي عن عائشة وحدها

وأما حديث بن عَبَّاسٍ فَأَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ وَأَبُو يَعْلَى عَنْهُ مَرْفُوعًا لَيْسَ الْمُؤْمِنُ الَّذِي يَشْبَعُ وَجَارُهُ جَائِعٌ

قَالَ الْمُنْذِرِيُّ رُوَاتُهُ ثِقَاتٌ

وَأَمَّا حَدِيثُ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ فَأَخْرَجَهُ أَحْمَدُ عَنْهُ مَرْفُوعًا بِلَفْظِ أَوَّلُ خَصْمَيْنِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ جَارَانِ

قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ بِإِسْنَادَيْنِ أَحَدُهُمَا جَيِّدٌ

وَأَمَّا حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ فَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ عَنْهُ مَرْفُوعًا مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلَا يُؤْذِي جَارَهُ الْحَدِيثُ

وَأَمَّا حَدِيثُ أَنَسٍ فَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ عَنْهُ مَرْفُوعًا بِلَفْظِ وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَا يُؤْمِنُ عَبْدٌ حَتَّى يُحِبَّ لِجَارِهِ أَوْ لِأَخِيهِ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ

وَأَمَّا حَدِيثُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو فَأَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ فِي هَذَا الْبَابِ

وَأَمَّا حَدِيثُ الْمِقْدَادِ فَأَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وَفِيهِ لِأَنْ يَزْنِيَ الرَّجُلُ بِعَشَرَةِ نِسْوَةٍ أَيْسَرُ عَلَيْهِ مِنْ أَنْ يَزْنِيَ بِامْرَأَةِ جَارِهِ الْحَدِيثُ

قَالَ

<<  <  ج: ص:  >  >>