للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ (عَنْ سُفْيَانَ عَنْ زِيَادِ بْنِ عِلَاقَةَ قَالَ سَمِعْتُ رَجُلًا يُحَدِّثُ عِنْدَ الْمُغِيرَةِ بْنَ شُعْبَةَ إِلَخْ) فِي مُسْنَدِ أَحْمَدَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ حَدَّثَنِي أَبِي حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ زِيَادِ بْنِ عِلَاقَةَ قَالَ سَمِعْتُ رَجُلًا عِنْدَ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا تَسُبُّوا الْأَمْوَاتَ فَتُؤْذُوا الْأَحْيَاءَ

فَالظَّاهِرُ أَنَّ زِيَادَ بْنَ عِلَاقَةَ سَمِعَ هَذَا الْحَدِيثَ أولا مِنْ رَجُلٍ يُحَدِّثُهُ عِنْدَ الْمُغِيرَةِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ سَمِعَ الْمُغِيرَةُ هَذَا الْحَدِيثَ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَحَدَّثَ بِهِ زِيَادَ بْنَ عِلَاقَةَ فَرَوَى زِيَادٌ عَنِ الْمُغِيرَةِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

٢ - قَوْلُهُ [١٩٨٣] (حَدَّثَنَا سُفْيَانُ) هُوَ الثَّوْرِيُّ

قَوْلُهُ (سِبَابُ الْمُسْلِمِ) بِكَسْرِ السِّينِ وَتَخْفِيفِ الْمُوَحَّدَةِ أَيْ سَبُّهُ وَشَتْمُهُ وَهُوَ مَصْدَرٌ

قَالَ إِبْرَاهِيمُ الْحَرْبِيُّ السِّبَابُ أَشَدُّ مِنَ السَّبِّ وَهُوَ أَنْ يَقُولَ فِي الرَّجُلِ مَا فِيهِ وَمَا لَيْسَ فِيهِ يُرِيدُ بِذَلِكَ عَيْبَهُ

وَقَالَ غَيْرُهُ السِّبَابُ هُنَا مِثْلُ الْقِتَالِ فَيَقْتَضِي الْمُفَاعَلَةَ (فُسُوقٌ) الْفِسْقُ فِي اللُّغَةِ الْخُرُوجُ وَفِي الشَّرْعِ الْخُرُوجُ عَنْ طَاعَةِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَهُوَ فِي عُرْفِ الشَّرْعِ أَشَدُّ مِنَ الْعِصْيَانِ

قَالَ اللَّهُ تَعَالَى وَكَرَّهَ إليكم الكفر والفسوق والعصيان فَفِي الْحَدِيثِ تَعْظِيمُ حَقِّ الْمُسْلِمِ وَالْحُكْمُ عَلَى مَنْ سَبَّهُ بِغَيْرِ حَقٍّ بِالْفِسْقِ (وَقِتَالُهُ كُفْرٌ) قال القارىء فِي الْمِرْقَاةِ لِمَا يَعْنِي مُجَادَلَتَهُ وَمُحَارَبَتَهُ بِالْبَاطِلِ

(كُفْرٌ) بِمَعْنَى كُفْرَانِ النِّعْمَةِ وَالْإِحْسَانِ فِي أُخُوَّةِ الاسلام أو أنه ربما يؤول هَذَا الْفِعْلُ بِشُؤْمِهِ إِلَى الْكُفْرِ أَوْ أَنَّهُ فِعْلُ الْكَفَرَةِ أَوْ أَرَادَ بِهِ التَّغْلِيظَ وَالتَّهْدِيدَ وَالتَّشْدِيدَ فِي الْوَعِيدِ كَمَا فِي قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ تَرَكَ صَلَاةً مُتَعَمِّدًا فَقَدْ كَفَرَ

نَعَمْ قَتْلُهُ مَعَ اسْتِحْلَالِ قَتْلِهِ كُفْرٌ صَرِيحٌ فَفِي النِّهَايَةِ السَّبُّ الشَّتْمُ يُقَالُ سَبَّهُ يَسُبُّهُ سَبًّا وَسِبَابًا قِيلَ هَذَا مَحْمُولٌ عَلَى مَنْ سَبَّ أَوْ قَاتَلَ مُسْلِمًا مِنْ غَيْرِ تَأْوِيلٍ وَقِيلَ إِنَّمَا ذَلِكَ عَلَى جِهَةِ التَّغْلِيظِ لَا أَنَّهُ يُخْرِجُهُ إِلَى الْفِسْقِ وَالْكُفْرِ

وَفِي شَرْحِ السُّنَّةِ إِذَا اسْتَبَاحَ دَمَهُ مِنْ غَيْرِ تَأْوِيلٍ وَلَمْ يَرَ الْإِسْلَامَ عَاصِمًا لَهُ فَهُوَ رِدَّةٌ وَكُفْرٌ انْتَهَى مَا فِي الْمِرْقَاةِ

قَالَ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ لَمْ يُرِدْ حَقِيقَةَ الْكُفْرِ الَّتِي هِيَ الْخُرُوجُ عَنِ الْمِلَّةِ بَلْ أَطْلَقَ عَلَيْهِ الْكُفْرَ مُبَالَغَةً فِي التَّحْذِيرِ مُعْتَمِدًا عَلَى مَا تَقَرَّرَ مِنَ الْقَوَاعِدِ أَنَّ مِثْلَ ذَلِكَ لَا يُخْرِجُ عَنِ الْمِلَّةِ مِثْلُ حَدِيثِ الشَّفَاعَةِ وَمِثْلُ قَوْلِهِ تَعَالَى

<<  <  ج: ص:  >  >>