للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْمِرَاءَ وَهُوَ مُبْطِلٌ فَوَضَعَ الْكَذِبَ مَوْضِعَ الْمِرَاءِ لِأَنَّهُ الْغَالِبَ فِيهِ أَوِ الْمَعْنَى أَنَّ مَنْ تَرَكَ الْكَذِبَ وَلَوْ لَمْ يَتْرُكِ الْمِرَاءَ بُنِيَ لَهُ فِي رَبَضِ الْجَنَّةِ لِأَنَّهُ حَفِظَ نَفْسَهُ عَنِ الْكَذِبِ لَكِنْ مَا صَانَهَا عَنْ مُطْلَقِ الْمِرَاءِ فَلِهَذَا يَكُونُ أَحَطَّ مَرْتَبَةً مِنْهُ انْتَهَى مَا فِي الْمِرْقَاةِ (وَمَنْ حَسَّنَ) بِتَشْدِيدِ السِّينِ أَيْ أَحْسَنَ بِالرِّيَاضَةِ (خُلُقَهُ) بِضَمَّتَيْنِ وَيُسَكَّنُ اللَّامُ أَيْ جَمِيعَ أَخْلَاقِهِ الَّتِي مِنْ جُمْلَتِهَا تَرْكُ الْمِرَاءِ وَتَرْكُ الْكَذِبِ (بُنِيَ لَهُ فِي أَعْلَاهَا) أَيْ حِسًّا وَمَعْنًى وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْخُلُقَ مُكْتَسَبٌ وَإِنْ كَانَ أَصْلُهُ غَرِيزِيًّا وَمِنْهُ خَبَرٌ صَحِيحٌ اللَّهُمَّ حَسِّنْ خُلُقِي كَمَا حَسَّنْتَ خَلْقِي وَكَذَا خَبَرُ مُسْلِمٍ اللَّهُمَّ اهْدِنِي لِأَحْسَنِ الْأَخْلَاقِ لَا يَهْدِي لِأَحْسَنِهَا إِلَّا أَنْتَ

قَالَ الْإِمَامُ حُجَّةُ الْإِسْلَامِ حَدُّ الْمِرَاءِ الِاعْتِرَاضُ عَلَى كَلَامِ الْغَيْرِ بِإِظْهَارِ خَلَلٍ فِيهِ إِمَّا لَفْظًا أَوْ مَعْنًى أَوْ فِي قَصْدِ الْمُتَكَلِّمِ وَتَرْكُ الْمِرَاءِ بِتَرْكِ الِاعْتِرَاضِ وَالْإِنْكَارِ فَكُلُّ كَلَامٍ سَمِعْتُهُ فَإِنْ كَانَ حَقًّا فَصَدِّقْ بِهِ وَإِنْ كَانَ بَاطِلًا وَلَمْ يَكُنْ مُتَعَلِّقًا بِأُمُورِ الدِّينِ فَاسْكُتْ عَنْهُ

قَوْلُهُ (هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ) قَالَ مَيْرَكُ نَقْلًا عَنِ التَّصْحِيحِ وَسَلَمَةُ تُكُلِّمَ فِيهِ لَكِنْ حَسَّنَ حَدِيثَهُ التِّرْمِذِيُّ وَلِلْحَدِيثِ شَوَاهِدُ انْتَهَى

قُلْتُ وَمِنْهَا حَدِيثُ أَبِي أُمَامَةَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَا زَعِيمٌ بِبَيْتٍ فِي رَبَضِ الْجَنَّةِ لِمَنْ تَرَكَ الْمِرَاءَ وَإِنْ كَانَ مُحِقًّا وَبِبَيْتٍ فِي وَسَطِ الْجَنَّةِ لِمَنْ تَرَكَ الْكَذِبَ وَإِنْ كَانَ مَازِحًا وَبِبَيْتٍ فِي أَعْلَى الْجَنَّةِ لِمَنْ حَسُنَ خُلُقُهُ

رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَاللَّفْظُ له وبن مَاجَهْ وَالتِّرْمِذِيُّ كَذَا فِي التَّرْغِيبِ

وَمِنْ عَادَاتِ التِّرْمِذِيِّ أَنَّهُ يُحَسِّنُ الْحَدِيثَ الضَّعِيفَ لِلشَّوَاهِدِ وَقَدْ بَيَّنْتُهُ فِي الْمُقَدِّمَةِ

قَوْلُهُ [١٩٩٤] (حَدَّثَنَا فَضَالَةُ بْنُ الْفَضْلِ) بْنِ فَضَالَةَ التَّمِيمِيُّ أَبُو الْفَضْلِ الْكُوفِيُّ صَدُوقٌ رُبَّمَا أَخْطَأَ مِنْ صِغَارِ الْعَاشِرَةِ (عَنِ بن وَهْبِ بْنِ مُنَبِّهٍ) مَجْهُولٌ مِنَ السَّادِسَةِ وَكَانَ لِوَهْبٍ ثَلَاثَةُ أَوْلَادٍ عَبْدُ اللَّهِ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ وَأَيُّوبُ كَذَا فِي التَّقْرِيبِ وَقَالَ فِي الْمِيزَانِ بن وَهْبِ بْنِ مُنَبِّهٍ عَنْ أَبِيهِ لَا يُعْرَفُ وَعَنْهُ أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ فَبَنُو وَهْبٍ عبد الله وعبد الرحمن وأيوب وليسوا بِالْمَشْهُورِينَ انْتَهَى (عَنْ أَبِيهِ) أَيْ وَهْبِ بْنِ مُنَبِّهِ بْنِ كَامِلٍ الْيَمَانِيِّ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الْأَبْنَاوِيِّ بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَسُكُونِ الْمُوَحَّدَةِ بَعْدَهَا نُونٌ ثِقَةٌ مِنَ الثَّالِثَةِ (كَفَى بِكَ إِثْمًا أَنْ لَا تَزَالَ مُخَاصِمًا) لِأَنَّ كَثْرَةَ الْمُخَاصَمَةِ تَقْضِي إِلَى مَا يُذَمُّ صَاحِبُهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>