(مَنْ بَطَرَ الْحَقَّ) أَيْ دَفَعَهُ وَرَدَّهُ (وَغَمَصَ النَّاسَ) أَيِ احْتَقَرَهُمْ وَلَمْ يَرَهُمْ شَيْئًا
مِنْ غَمَصْتُهُ غَمْصًا وَفِي رِوَايَةٍ الْكِبْرُ بَطَرُ الْحَقِّ وَغَمْطُ النَّاسِ
قَالَ فِي الْمَجْمَعِ الْغَمْطُ الِاسْتِهَانَةُ وَالِاسْتِحْقَارُ وَهُوَ كَالْغَمْصِ وَأَصْلُ الْبَطَرِ شِدَّةُ الْفَرَحِ وَالنَّشَاطِ وَالْمُرَادُ هُنَا قِيلَ سُوءُ احْتِمَالِ الْغِنَى وَقِيلَ الطُّغْيَانُ عِنْدَ النِّعْمَةِ وَالْمَعْنَيَانِ مُتَقَارِبَانِ
وَفِي النِّهَايَةِ بَطَرُ الْحَقِّ هُوَ أَنْ يَجْعَلَ مَا يَجْعَلُهُ اللَّهُ حَقًّا مِنْ تَوْحِيدِهِ وَعِبَادَتِهِ بَاطِلًا وَقِيلَ هُوَ أَنْ يَتَجَبَّرَ عِنْدَ الْحَقِّ فَلَا يَرَاهُ حَقًّا وَقِيلَ هُوَ أَنْ يَتَكَبَّرَ عَنِ الحق فلا يقبله
وقال التوربشتي وتفسير عَلَى الْبَاطِلِ أَشْبَهُ لِمَا وَرَدَ فِي غَيْرِ هَذِهِ الرِّوَايَةِ إِنَّمَا ذَلِكَ مَنْ سَفِهَ الْحَقَّ وَغَمَصَ النَّاسَ أَيْ رَأَى الْحَقَّ سَفَهًا
قَوْلُهُ (هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ غَرِيبٌ) وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ
قَوْلُهُ [٢٠٠٠] (عَنْ عُمَرَ بْنِ رَاشِدٍ) وَقَعَ فِي النُّسْخَةِ الْأَحْمَدِيَّةِ عَمْرُو بْنُ رَاشِدٍ بِالْوَاوِ وَالصَّوَابُ بِغَيْرِ الْوَاوِ وَقَالَ الْحَافِظُ فِي التَّقْرِيبِ عُمَرُ بْنُ رَاشِدِ بْنِ شَجَرَةَ بِفَتْحِ الْمُعْجَمَةِ وَالْجِيمِ الْيَمَامِيُّ ضَعِيفٌ مِنَ السَّابِعَةِ وَوَهَمَ مَنْ قَالَ إِنَّ اسْمَهُ عَمْرٌو وَكَذَا مَنْ زَعَمَ أَنَّهُ بن أَبِي خَثْعَمَ انْتَهَى
(عَنْ إِيَاسِ بْنِ سَلَمَةَ بْنِ الْأَكْوَعِ) الْأَسْلَمِيِّ كُنْيَتُهُ أَبُو سَلَمَةَ وَيُقَالُ أَبُو بَكْرٍ الْمَدَنِيُّ ثِقَةٌ مِنَ الثَّالِثَةِ
قَوْلُهُ (لَا يَزَالُ الرَّجُلُ يَذْهَبُ بِنَفْسِهِ) قَالَ الْمُظْهِرُ وَغَيْرُهُ الْبَاءُ لِلتَّعْدِيَةِ أَيْ يُعْلِي نَفْسَهُ وَيَرْفَعُهَا وَيُبْعِدُهَا عَنِ النَّاسِ فِي الْمَرْتَبَةِ وَيَعْتَقِدُهَا عَظِيمَةَ الْقَدْرِ أَوْ لِلْمُصَاحَبَةِ أَيْ يُرَافِقُ نَفْسَهُ فِي ذَهَابِهَا إِلَى الْكِبْرِ وَيُعَزِّزُهَا وَيُكْرِمُهَا كَمَا يُكْرِمُ الْخَلِيلُ الْخَلِيلَ حَتَّى تَصِيرَ مُتَكَبِّرَةً
وَفِي أَسَاسِ البلاغة يقال ذهب به مربه مع نفسه
قال القارىء وَمِنْ قَبِيلِ الْأَوَّلِ قَوْلُهُ تَعَالَى ذَهَبَ اللَّهُ بنورهم أَيْ أَذْهَبَ نُورَهُمْ
وَخُلَاصَةُ الْمَعْنَى أَنَّهُ لَا يَزَالُ يُذْهِبُهَا عَنْ دَرَجَتِهَا وَمَرْتَبَتِهَا إِلَى مَرْتَبَةٍ أَعْلَى وَهَكَذَا (حَتَّى يُكْتَبَ) أَيِ اسْمُهُ أَوْ يُثْبَتَ رَسْمُهُ (فِي الْجَبَّارِينَ) أَيْ فِي دِيوَانِ الظَّالِمِينَ وَالْمُتَكَبِّرِينَ أَوْ مَعَهُمْ فِي أَسْفَلِ السَّافِلِينَ (فَيُصِيبَهُ) بِالنَّصْبِ وَقِيلَ بِالرَّفْعِ أَيْ فَيَنَالُ الرَّجُلُ مِنْ بَلِيَّاتِ الدُّنْيَا وَعُقُوبَاتِ الْعُقْبَى (مَا أَصَابَهُمْ) أَيِ الْجَبَّارِينَ كَفِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَقَارُونَ
قَوْلُهُ (هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ) ذَكَرَهُ الْمُنْذِرِيُّ فِي التَّرْغِيبِ وَنَقَلَ تَحْسِينَ التِّرْمِذِيِّ وَأَقَرَّهُ
قَوْلُهُ [٢٠٠١] (حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عِيسَى بْنِ يَزِيدَ الْبَغْدَادِيُّ) الْكَرَاجِكِيُّ بِفَتْحِ الْكَافِ وَكَسْرِ الْجِيمِ