للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِلْوَفَاءِ

الثَّابِتُونَ عَلَى غِلَاظَةِ الطَّبْعِ وَقَسَاوَةِ الْقَلْبِ (فِي النَّارِ) إِمَّا مُدَّةً أَوْ أَبَدًا لِأَنَّهُ فِي مُقَابِلِ الْإِيمَانِ الْكَامِلِ أَوْ مُطْلَقُهُ فَصَاحِبُهُ مِنْ أَهْلِ الْكُفْرَانِ أَوِ الْكُفْرِ

قَوْلُهُ (وَفِي الباب عن بن عُمَرَ وَأَبِي بَكْرَةَ وَأَبِي أُمَامَةَ وَعِمْرَانَ بْنِ حصين)

أما حديث بن عُمَرَ فَأَخْرَجَهُ الشَّيْخَانِ وَلَهُ أَحَادِيثُ أُخْرَى فِي هَذَا الْبَابِ

وَأَمَّا حَدِيثُ أَبِي بَكْرَةَ فَأَخْرَجَهُ البخاري في الأدب وبن مَاجَهْ وَالْحَاكِمُ وَالْبَيْهَقِيُّ

وَأَمَّا حَدِيثُ أَبِي أُمَامَةَ فَأَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وَالْحَاكِمُ وَالطَّبَرَانِيُّ

وَأَمَّا حَدِيثُ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ فَأَخْرَجَهُ الشَّيْخَانِ عَنْهُ مَرْفُوعًا بِلَفْظِ الْحَيَاءُ لَا يَأْتِي إِلَّا بِخَيْرٍ

وَفِي رِوَايَةٍ الْحَيَاءُ خَيْرٌ كُلُّهُ

تَنْبِيهٌ قَالَ النَّوَوِيُّ فِي شرح مسلم حديث كون الحياء كله خير أو لا يَأْتِي إِلَّا بِخَيْرٍ يُشْكِلُ عَلَى بَعْضِ النَّاسِ من حيث أن صاحب الحياء قد يستحي أَنْ يُوَاجِهَ بِالْحَقِّ مَنْ يُجِلُّهُ وَيُعَظِّمُهُ فَيَتْرُكَ أَمْرَهُ بِالْمَعْرُوفِ وَنَهْيَهُ عَنِ الْمُنْكَرِ

وَقَدْ يَحْمِلُهُ الْحَيَاءُ عَلَى الْإِخْلَالِ بِبَعْضِ الْحُقُوقِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا هُوَ مَعْرُوفٌ فِي الْعَادَةِ وَالْجَوَابُ مَا أَجَابَ بِهِ عَنْهُ جَمَاعَةٌ مِنَ الْأَئِمَّةِ مِنْهُمُ الشَّيْخُ أَبُو عَمْرِو بْنُ الصَّلَاحِ إِنَّ هَذَا الْمَانِعَ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ لَيْسَ بِحَيَاءٍ حَقِيقَةً بَلْ هُوَ عَجْزٌ وَخَوَرٌ وَإِنَّمَا تَسْمِيَتُهُ حَيَاءً مِنْ إِطْلَاقِ بَعْضِ أَهْلِ الْعُرْفِ أَطْلَقُوهُ مَجَازًا لِمُشَابَهَتِهِ الْحَيَاءَ الْحَقِيقِيَّ وَإِنَّمَا حَقِيقَةُ الْحَيَاءِ خُلُقٌ يَبْعَثُ عَلَى تَرْكِ الْقَبِيحِ وَيَمْنَعُ مِنَ التَّقْصِيرِ فِي حَقِّ ذِي الْحَقِّ وَنَحْوِ هَذَا

وَيَدُلُّ عَلَيْهِ مَا رَوَيْنَا فِي رِسَالَةِ الْإِمَامِ أَبِي الْقَاسِمِ الْقُشَيْرِيِّ عَنِ السَّيِّدِ الْجَلِيلِ أَبِي الْقَاسِمِ الْجُنَيْدِ رَحِمَهُ اللَّهُ قَالَ الْحَيَاءُ رُؤْيَةُ الْآلَاءِ أَيِ النِّعَمِ وَرُؤْيَةُ التَّقْصِيرِ فَيَتَوَلَّدُ بَيْنَهُمَا حَالَةٌ تُسَمَّى الحياة

وَقَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ وَغَيْرُهُ

إِنَّمَا جُعِلَ الْحَيَاءُ مِنَ الْإِيمَانِ لِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ تَخَلُّقًا وَاكْتِسَابًا كَسَائِرِ أَعْمَالِ الْبِرِّ وَقَدْ يَكُونُ غَرِيزَةً وَلَكِنَّ اسْتِعْمَالَهُ عَلَى قَانُونِ الشَّرْعِ يَحْتَاجُ إِلَى اكْتِسَابٍ وَنِيَّةٍ وَعِلْمٍ فَهُوَ مِنَ الْإِيمَانِ لِهَذَا وَلِكَوْنِهِ بَاعِثًا عَلَى أَفْعَالِ الْبِرِّ وَمَانِعًا مِنَ الْمَعَاصِي انْتَهَى

وَقَالَ الطِّيبِيُّ وَيُمْكِنُ أَنْ يُحْمَلَ التَّعْرِيفُ عَلَى الْعَهْدِ وَيَكُونُ إِشَارَةً إِلَى مَا وَرَدَ فِي قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الِاسْتِحْيَاءُ من الله أن يحفظ الرَّأْسَ وَمَا وَعَى وَالْبَطْنَ وَمَا حَوَى الْحَدِيثَ انْتَهَى

قَوْلُهُ (هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ) وَأَخْرَجَهُ أحمد ورجاله رجال الصحيح وبن حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ

وَالْحَاكِمُ وَالْبَيْهَقِيُّ كَذَا فِي الترغيب والمرقاة

<<  <  ج: ص:  >  >>