لَا يَجُوزُ كَمَا لَوْ مَسَحَ عَلَى خُفٍّ وَاحِدٍ وَغَسَلَ الرِّجْلَ الْأُخْرَى
وَأَمَّا التَّيَمُّمُ بِالْعِمَامَةِ فَهُوَ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَجَمَاعَةٍ عَلَى الِاسْتِحْبَابِ لِيَكُونَ الطَّهَارَةُ عَلَى جَمِيعِ الرَّأْسِ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ لُبْسُ الْعِمَامَةَ عَلَى طُهْرٍ أَوْ عَلَى حَدَثٍ وَكَذَا لَوْ كَانَ عَلَى رَأْسِهِ قَلَنْسُوَةٌ وَلَمْ يَنْزِعْهَا مَسَحَ بِنَاصِيَتِهِ وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَتَيَمَّمَ عَلَى الْقَلَنْسُوَةِ كَالْعِمَامَةِ وَلَوْ اقْتَصَرَ عَلَى الْعِمَامَةِ وَلَمْ يَمْسَحْ شَيْئًا مِنَ الرَّأْسِ لَمْ يَجْزِهِ ذَلِكَ عِنْدَنَا بِلَا خِلَافٍ وَهُوَ مَذْهَبُ مَالِكٍ وَأَبِي حَنِيفَةَ وَأَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ وَذَهَبَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ إِلَى جَوَازِ الِاقْتِصَارِ وَوَافَقَهُ عَلَيْهِ جَمَاعَةٌ مِنَ السَّلَفِ انْتَهَى كَلَامُ النَّوَوِيِّ
قُلْتُ وَالْمُرَجَّحُ عِنْدِي هُوَ مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ لِأَحَادِيثِ الْبَابِ وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ
قَوْلُهُ (وَفِي الْبَابِ عَنْ عَمْرِو بْنِ أُمَيَّةَ وَسَلْمَانَ وَثَوْبَانَ وَأَبِي أُمَامَةَ) أَمَّا حَدِيثُ عَمْرِو بن أمية فأخرجه أحمد والبخاري وبن مَاجَهْ عَنْهُ قَالَ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَمْسَحُ عَلَى عِمَامَتِهِ وَخُفَّيْهِ وَأَمَّا حَدِيثُ سَلْمَانَ فَأَخْرَجَهُ أَحْمَدُ عَنْهُ أَنَّهُ رَأَى رَجُلًا قَدْ أَحْدَثَ وَهُوَ يُرِيدُ أَنْ يَخْلَعَ خُفَّيْهِ فَأَمَرَهُ سَلْمَانُ أَنْ يَمْسَحَ عَلَى خُفَّيْهِ وَعَلَى عِمَامَتِهِ وَقَالَ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَمْسَحُ عَلَى خُفَّيْهِ وَعَلَى خِمَارِهِ وَحَدِيثُ سَلْمَانَ هَذَا أَخْرَجَهُ أَيْضًا التِّرْمِذِيُّ فِي الْعِلَلِ وَلَكِنَّهُ قَالَ مَكَانَ وَعَلَى خِمَارِهِ وَعَلَى نَاصِيَتِهِ وَفِي إِسْنَادِهِ أَبُو شُرَيْحٍ قَالَ التِّرْمِذِيُّ سَأَلْتُ مُحَمَّدَ بْنَ إِسْمَاعِيلَ عَنْهُ مَا اسْمُهُ فَقَالَ لَا أَدْرِي لَا أَعْرِفُ اسْمَهُ وَفِي إِسْنَادِهِ أَيْضًا أَبُو مُسْلِمٍ مَوْلَى زَيْدِ بْنِ صُوحَانَ وَهُوَ مَجْهُولٌ قَالَ التِّرْمِذِيُّ لَا أَعْرِفُ اسْمَهُ وَلَا أَعْرِفُ لَهُ غَيْرَ هَذَا الْحَدِيثِ
وَأَمَّا حَدِيثُ ثَوْبَانَ فَأَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُدَ عَنْهُ قَالَ بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَرِيَّةً فَأَصَابَهُمْ الْبَرْدُ فَلَمَّا قَدِمُوا عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَكَوْا إِلَيْهِ مَا أَصَابَهُمْ مِنَ الْبَرْدِ فَأَمَرَهُمْ أَنْ يَمْسَحُوا عَلَى الْعَصَائِبِ وَالتَّسَاخِينِ قَالَ صاحب المنتقي العصائب والعمائم وَالتَّسَاخِينُ الْخِفَافُ قَالَ الشَّوْكَانِيُّ فِي النَّيْلِ فِي إِسْنَادِهِ رَاشِدُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ ثَوْبَانَ قَالَ الْخَلَّالُ فِي عِلَلِهِ إِنَّ أَحْمَدَ قَالَ لَا يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ رَاشِدُ بْنُ سَعْدٍ سَمِعَ مِنْ ثَوْبَانَ لِأَنَّهُ مَاتَ قَدِيمًا انْتَهَى
وَأَمَّا حَدِيثُ أَبِي أُمَامَةَ فَأَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ بِلَفْظِ مَسَحَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الْخُفَّيْنِ وَالْعِمَامَةِ فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ وَفِي الْبَابِ أَيْضًا عَنْ خُزَيْمَةَ بْنِ ثَابِتٍ أَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَمْسَحُ عَلَى الْخُفَّيْنِ وَالْخِمَارِ وَعَنْ أَبِي طَلْحَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَوَضَّأَ فَمَسَحَ عَلَى الْخُفَّيْنِ وَالْخِمَارِ أَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي مُعْجَمِهِ الصَّغِيرِ وَعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى الله عليه وسلم كان يَمْسَحُ عَلَى الْمُوقَيْنِ وَالْخِمَارِ أَخْرَجَهُ الْبَيْهَقِيُّ فِي سُنَنِهِ وَعَنْ أَبِي ذَرٍّ قَالَ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَمْسَحُ عَلَى الْمُوقَيْنِ وَالْخِمَارِ أَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute