الْقِيَاسِ
وَلَوْ كَانَ مِنْهُ لَجَازَ الْمَسْحُ عَلَى الْقُفَّازَيْنِ وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ فَرَضَ اللَّهُ مَسْحَ الرَّأْسِ وَحَدِيثُ مَسْحِ الْعِمَامَةِ مُحْتَمِلٌ لِلتَّأْوِيلِ فَلَا يُتْرَكُ الْمُتَيَقَّنُ لِلْمُحْتَمِلِ وَقِيَاسُهُ عَلَى الْخُفِّ بَعِيدٌ لِمَشَقَّةِ نَزْعِهِ بِخِلَافِهَا
وَتُعُقِّبَ بِأَنَّ الْآيَةَ لَا تَنْفِي الِاقْتِصَارَ عَلَى الْمَسْحِ لَا سِيَّمَا عِنْدَ مَنْ يَحْمِلُ الْمُشْتَرَكَ عَلَى حَقِيقَتِهِ وَمَجَازِهِ
لِأَنَّ مَنْ قَالَ قَبَّلْتُ رَأْسَ فُلَانٍ يَصْدُقُ وَلَوْ عَلَى حَائِلٍ
وَبِأَنَّ الْمُجِيزِينَ الِاقْتِصَارَ عَلَى مَسْحِ الْعِمَامَةِ شَرَطُوا فِيهِ مَشَقَّةَ نَزْعِهَا كَالْخُفِّ وَرُدَّ الْأَوَّلُ بِأَنَّ الْأَصْلَ حَمْلُ اللَّفْظِ عَلَى حَقِيقَتِهِ مَا لَمْ يَرِدْ نَصٌّ صَرِيحٌ بِخِلَافِهِ وَالنُّصُوصُ وَرَدَتْ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِعْلًا وَأَمْرًا بِمَسْحِ الرَّأْسِ فَتُحْمَلُ رِوَايَةُ مَسْحِ الْعِمَامَةِ عَلَى أَنَّهُ كَانَ لِعُذْرٍ بِدَلِيلِ الْمَسْحِ عَلَى النَّاصِيَةِ مَعَهَا كَمَا فِي مُسْلِمٍ انْتَهَى كَلَامُ الزُّرْقَانِيِّ
قُلْتُ قَدْ ثَبَتَتْ وَصَحَّتْ أَحَادِيثُ الْمَسْحِ عَلَى الْعِمَامَةِ فَلَا حَاجَةَ إِلَى الْقِيَاسِ عَلَى الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ وَلَا حَاجَةَ إِلَى تَأْوِيلِ تِلْكَ الْأَحَادِيثِ بَلْ الظَّاهِرُ أَنْ تُحْمَلَ عَلَى ظَوَاهِرِهَا فَائِدَةٌ اخْتَلَفَ الْقَائِلُونَ بِالْمَسْحِ عَلَى الْعِمَامَةِ هَلْ يَحْتَاجُ الْمَاسِحُ عَلَى الْعِمَامَةِ إِلَى لُبْسِهَا عَلَى طَهَارَةٍ أَوْ لَا يَحْتَاجُ فَقَالَ أَبُو ثَوْرٍ لَا يَمْسَحُ عَلَى الْعِمَامَةِ إِلَّا مَنْ لَبِسَهَا عَلَى طَهَارَةٍ قِيَاسًا عَلَى الْخُفَّيْنِ وَلَمْ يَشْتَرِطْ ذَلِكَ الْبَاقُونَ وَكَذَلِكَ اخْتَلَفُوا فِي التَّوْقِيتِ فَقَالَ أَبُو ثَوْرٍ أَيْضًا إِنَّ وَقْتَهُ كَوَقْتِ الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ وَرُوِيَ مِثْلُ ذَلِكَ عَنْ عمر
والباقون لم يوقتوا
قال بن حَزْمٍ إِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَسَحَ عَلَى الْعِمَامَةِ وَالْخِمَارِ وَلَمْ يُوَقِّتْ ذَلِكَ بِوَقْتٍ وَفِيهِ أَنَّ الطَّبَرَانِيَّ قَدْ رَوَى مِنْ حَدِيثِ أَبِي أُمَامَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَمْسَحُ عَلَى الْخُفَّيْنِ وَالْعِمَامَةِ ثَلَاثًا فِي السَّفَرِ وَيَوْمًا وَلَيْلَةً فِي الْحَضَرِ
لَكِنْ فِي إِسْنَادِهِ مَرْوَانُ أَبُو سَلَمَةَ قَالَ بن أَبِي حَاتِمٍ لَيْسَ بِالْقَوِيِّ وَقَالَ الْبُخَارِيُّ مُنْكَرُ الْحَدِيثِ وَقَالَ الْأَزْدِيُّ لَيْسَ بِشَيْءٍ
وَسُئِلَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ عَنْ هَذَا الْحَدِيثِ فَقَالَ لَيْسَ بِصَحِيحٍ انْتَهَى كَلَامُ الشَّوْكَانِيِّ
قَوْلُهُ (يَقُولُ سَمِعْتُ وَكِيعَ بْنَ الْجَرَّاحِ يَقُولُ إِنْ مَسَحَ عَلَى الْعِمَامَةِ يُجْزِئُهُ لِلْأَثَرِ) أَيْ لِلْحَدِيثِ وَالْأَمْرُ عِنْدِي كَمَا قَالَ وَكِيعٌ فَإِنَّ أَحَادِيثَ الْبَابِ تَدُلُّ على أجزاء المسح على العمامة
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute