قَوْلُهُ [٢٠٦٢] (أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِسْحَاقَ) بْنِ زَيْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي إِسْحَاقَ الْحَضْرَمِيُّ أَبُو إِسْحَاقَ الْبَصْرِيُّ ثِقَةٌ
كَانَ يَحْفَظُ مِنَ التاسعة (أخبرنا وهيب) بالتصغير بن خَالِدِ بْنِ عَجْلَانَ الْبَاهِلِيُّ مَوْلَاهُمْ أَبُو بَكْرٍ الْبَصْرِيُّ ثِقَةٌ ثَبْتٌ لَكِنَّهُ تَغَيَّرَ قَلِيلًا بِأَخَرَةٍ من السابعة كذا في التقريب (عن بن طَاوُسٍ) هُوَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ طَاوُسِ بْنِ كَيْسَانَ الْيَمَانِيُّ أَبُو مُحَمَّدٍ ثِقَةٌ فَاضِلٌ عَابِدٌ مِنَ السَّادِسَةِ
قَوْلُهُ (لَوْ كَانَ شَيْءٌ سَابِقَ الْقَدَرِ) بِالتَّحْرِيكِ أَيْ لَوْ أَمْكَنَ أَنْ يَسْبِقَ شَيْءٌ الْقَدَرَ فِي إِفْنَاءِ شَيْءٍ وَزَوَالِهِ قَبْلَ أَوَانِهِ الْمُقَدَّرِ لَهُ (لَسَبَقَتْهُ) أَيِ الْقَدَرَ (الْعَيْنُ) لَكِنَّهَا لَا تَسْبِقُ الْقَدَرَ فَإِنَّهُ تَعَالَى قَدَّرَ الْمَقَادِيرَ قَبْلَ الْخَلْقِ
قَالَ الْحَافِظُ جَرَى الْحَدِيثُ مَجْرَى الْمُبَالَغَةِ فِي إِثْبَاتِ الْعَيْنِ لَا أَنَّهُ يُمْكِنُ أَنْ يَرُدَّ الْقَدَرَ شَيْءٌ إِذِ الْقَدَرُ عبارة عن سابق علم الله وهو لاراد لِأَمْرِهِ
وَحَاصِلُهُ لَوْ فُرِضَ أَنَّ شَيْئًا لَهُ قُوَّةٌ بِحَيْثُ يَسْبِقُ الْقَدَرَ لَكَانَ الْعَيْنَ لَكِنَّهَا لَا تَسْبِقُ فَكَيْفَ غَيْرُهَا انْتَهَى
قَالَ النَّوَوِيُّ فِيهِ إِثْبَاتُ الْقَدَرِ وَهُوَ حَقٌّ بِالنُّصُوصِ وَإِجْمَاعِ أَهْلِ السُّنَّةِ وَمَعْنَاهُ أَنَّ الْأَشْيَاءَ كُلَّهَا بِقَدَرِ اللَّهِ تَعَالَى وَلَا تَقَعُ إِلَّا عَلَى حَسَبِ ما قدرها الله تعالى وسبق بها عمله
فَلَا يَقَعُ ضَرَرُ الْعَيْنِ وَلَا غَيْرُهُ مِنَ الْخَيْرِ وَالشَّرِّ إِلَّا بِقَدَرِ اللَّهِ تَعَالَى وَفِيهِ صِحَّةُ أَمْرِ الْعَيْنِ وَأَنَّهَا قَوِيَّةُ الضَّرَرِ انْتَهَى
(وَإِذَا اسْتُغْسِلْتُمْ) بِصِيغَةِ الْمَجْهُولِ أَيْ إِذَا طُلِبْتُمْ لِلِاغْتِسَالِ (فَاغْسِلُوا) أَطْرَافَكُمْ عِنْدَ طَلَبِ الْمَعْيُونِ ذَلِكَ مِنَ الْعَائِنِ وَهَذَا كَانَ أَمْرًا مَعْلُومًا عِنْدَهُمْ فَأَمَرَهُمْ أَنْ لَا يَمْتَنِعُوا مِنْهُ إِذَا أُرِيدَ مِنْهُمْ وَأَدْنَى مَا فِي ذَلِكَ رَفْعُ الْوَهْمِ الْحَاصِلِ فِي ذَلِكَ وَظَاهِرُ الْأَمْرِ الْوُجُوبُ
وَحَكَى الْمَازِرِيُّ فِيهِ خِلَافًا وَصَحَّحَ الْوُجُوبَ وَقَالَ مَتَى خُشِيَ الْهَلَاكُ وَكَانَ اغْتِسَالُ الْعَائِنِ مِمَّا جَرَتِ الْعَادَةُ بِالشِّفَاءِ بِهِ فَإِنَّهُ يَتَعَيَّنُ
وَقَدْ تَقَرَّرَ أَنَّهُ يُجْبَرُ عَلَى بَذْلِ الطَّعَامِ لِلْمُضْطَرِّ وَهَذَا أَوْلَى وَلَمْ يُبَيِّنْ فِي هَذَا الْحَدِيثِ صِفَةَ الِاغْتِسَالِ وَقَدْ وَقَعَتْ فِي حَدِيثِ سَهْلِ بْنِ حنيف عند أحمد والنسائي وصححه بن حِبَّانَ مِنْ طَرِيقِ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ بْنِ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ أَنَّ أَبَاهُ حَدَّثَهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَرَجَ وَسَارُوا مَعَهُ نَحْوَ مَاءٍ حَتَّى إِذَا كَانُوا بشعب الخرار من الحجفة اغْتَسَلَ سَهْلُ بْنُ حُنَيْفٍ وَكَانَ أَبْيَضَ حَسَنَ الْجِسْمِ وَالْجِلْدِ فَنَظَرَ إِلَيْهِ عَامِرُ بْنُ رَبِيعَةَ فَقَالَ مَا رَأَيْتُ كَالْيَوْمِ وَلَا جِلْدَ مُخَبَّأَةٍ فليط أَيْ صُرِعَ وَزْنًا وَمَعْنًى أَيْ سَهْلٌ فَأَتَى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال هَلْ تَتَّهِمُونَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ قَالُوا عَامِرَ بْنَ رَبِيعَةَ فَدَعَا عَامِرًا فَتَغَيَّظَ عَلَيْهِ فَقَالَ علام يقتل أحدكم أخاه هلا إذ رَأَيْتَ مَا يُعْجِبُكَ بَرَّكْتَ ثُمَّ قَالَ اغْتَسِلْ لَهُ فَغَسَلَ وَجْهَهُ وَيَدَيْهِ وَمِرْفَقَيْهِ وَرُكْبَتَيْهِ وَأَطْرَافَ رِجْلَيْهِ وَدَاخِلَةَ إِزَارِهِ فِي قَدَحٍ ثُمَّ يَصُبُّ ذَلِكَ الْمَاءَ عَلَيْهِ رَجُلٌ مِنْ خَلْفِهِ عَلَى رَأْسِهِ وَظَهْرِهِ ثُمَّ يُكْفَأُ الْقَدَحُ فَفَعَلَ بِهِ