مِنْ كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى وَيَلْحَقُ بِهِ مَا كَانَ مِنَ الدَّعَوَاتِ الْمَأْثُورَةِ أَوْ مِمَّا يُشَابِهُهَا وَلَا يَجُوزُ بِأَلْفَاظٍ مِمَّا لَا يُعْلَمُ مَعْنَاهَا من الألفاظ الغير العربية
قال بن الْقَيِّمِ إِذَا ثَبَتَ أَنَّ لِبَعْضِ الْكَلَامِ خَوَاصَّ وَمَنَافِعَ فَمَا الظَّنُّ بِكَلَامِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ثُمَّ بِالْفَاتِحَةِ الَّتِي لَمْ يَنْزِلْ فِي الْقُرْآنِ وَلَا غَيْرِهِ مِنَ الْكُتُبِ مِثْلُهَا لِتَضَمُّنِهَا جَمِيعَ مَعَانِي الْكِتَابِ فَقَدِ اشْتَمَلَتْ عَلَى ذِكْرِ أُصُولِ أَسْمَاءِ اللَّهِ وَمَجَامِعِهَا وَإِثْبَاتِ الْمَعَادِ وَذِكْرِ التَّوْحِيدِ وَالِافْتِقَارِ إِلَى الرَّبِّ فِي طَلَبِ الْإِعَانَةِ بِهِ وَالْهِدَايَةِ مِنْهُ وَذِكْرِ أَفْضَلِ الدُّعَاءِ وَهُوَ طَلَبُ الْهِدَايَةِ إِلَى صِرَاطِهِ الْمُسْتَقِيمِ الْمُتَضَمِّنِ كَمَالَ مَعْرِفَتِهِ وَتَوْحِيدِهِ وَعِبَادَتِهِ بِفِعْلِ مَا أُمِرَ بِهِ وَاجْتِنَابِ مَا نُهِيَ عَنْهُ وَالِاسْتِقَامَةِ عَلَيْهِ وَلِتَضَمُّنِهَا ذِكْرَ أَصْنَافِ الْخَلَائِقِ وَقِسْمَتَهُمْ إِلَى مُنْعَمٍ عَلَيْهِ لِمَعْرِفَتِهِ بِالْحَقِّ وَالْعَمَلِ بِهِ وَمَغْضُوبٍ عَلَيْهِ لِعُدُولِهِ عَنِ الْحَقِّ بَعْدَ مَعْرِفَتِهِ وَخَالٍ لِعَدَمِ مَعْرِفَتِهِ لَهُ مَعَ مَا تَضَمَّنَهُ مِنْ إِثْبَاتِ الْقَدَرِ وَالشَّرْعِ وَالْأَسْمَاءِ وَالصِّفَاتِ وَالْمَعَادِ وَالتَّوْبَةِ وَتَزْكِيَةِ النَّفْسِ وَإِصْلَاحِ الْقَلْبِ وَالرَّدِّ عَلَى جَمِيعِ أَهْلِ الْبِدَعِ وَحَقِيقٌ بِسُورَةٍ هَذَا بَعْضُ شَأْنِهَا أَنْ يُسْتَشْفَى بِهَا مِنْ كُلِّ دَاءٍ انْتَهَى مُلَخَّصًا
قَوْلُهُ (هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ) وَأَخْرَجَهُ الشَّيْخَانِ وَأَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائِيُّ وبن مَاجَهْ (وَرَخَّصَ الشَّافِعِيُّ لِلْمُعَلِّمِ أَنْ يَأْخُذَ عَلَى تَعْلِيمِ الْقُرْآنِ أَجْرًا) وَبِهِ قَالَ مَالِكٌ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ وَأَبُو ثَوْرٍ وَآخَرُونَ مِنَ السَّلَفِ وَمَنْ بَعْدَهُمْ وَمَنَعَهُ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَجَازَهُ فِي الرُّقْيَةِ قَالَهُ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ
وَقَالَ الْحَافِظُ قَدْ نَقَلَ عِيَاضٌ جَوَازَ الِاسْتِئْجَارِ لِتَعْلِيمِ الْقُرْآنِ عَنِ الْعُلَمَاءِ كَافَّةً إِلَّا الْحَنَفِيَّةَ انْتَهَى
قُلْتُ وَقَدْ أَجَازَ الْمُتَأَخِّرُونَ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ أَيْضًا أَخْذَ الأجرة على تعليم القران ويرى أن يعتد الشَّافِعِيُّ (لَهُ) أَيْ يَجُوزُ لِلْمُعَلِّمِ (أَنْ يَشْتَرِطَ) أَيْ أَخْذَ الْأُجْرَةِ (عَلَى ذَلِكَ) أَيْ عَلَى تَعَلُّمِ الْقُرْآنِ وَقَوْلُهُ (وَاحْتَجَّ بِهَذَا الْحَدِيثِ) الِاحْتِجَاجُ بِهَذَا الْحَدِيثِ عَلَى جَوَازِ أَخْذِ الْأُجْرَةِ عَلَى الرُّقْيَةِ وَاضِحٌ وَأَمَّا الِاحْتِجَاجُ بِهِ عَلَى جَوَازِ أَخْذِ الْأُجْرَةِ عَلَى تَعْلِيمِ الْقُرْآنِ فَاعْتَرَضَ عَلَيْهِ الْقُرْطُبِيُّ حَيْثُ قَالَ لَا نُسَلِّمُ أَنَّ جَوَازَ أَخْذِ الْأَجْرِ فِي الرُّقَى يَدُلُّ عَلَى جَوَازِ التَّعْلِيمِ بِالْأَجْرِ انْتَهَى
لَمْ يَذْكُرِ الْقُرْطُبِيُّ سَنَدَ للمنع وَلَا يَظْهَرُ وَجْهٌ صَحِيحٌ لِعَدَمِ التَّسْلِيمِ وَاللَّهُ تعالى أعلم
وقد استدل للجمهور بِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اذْهَبْ فَقَدْ أنكحتكها بما معك من القران
في حَدِيثِ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ رَوَاهُ الشَّيْخَانِ وَهَذَا لفظ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute