للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فُضَيْلِ بْنِ عِيَاضٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ عن بن عُمَرَ حَيْثُ قَالَ فِيهَا أَنْ يَبِيتَ

فَصَرَّحَ بِأَنْ الْمَصْدَرِيَّةِ انْتَهَى

قُلْتُ وَيَدُلُّ لَهُ أَيْضًا مَا رَوَاهُ أَحْمَدُ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ أَيُّوبَ بِلَفْظِ حَقٌّ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ أَنْ لَا يَبِيتَ لَيْلَتَيْنِ وَلَهُ مَا يُوصِي فِيهِ الْحَدِيثُ

وَمَا رَوَاهُ أَبُو عَوَانَةَ مِنْ طَرِيقِ هِشَامِ بْنِ الْغَازِ عَنْ نَافِعٍ بِلَفْظِ لَا يَنْبَغِي لِمُسْلِمٍ أَنْ يَبِيتَ لَيْلَتَيْنِ الْحَدِيثُ فَقَوْلُ الْعَيْنِيِّ هَذَا قِيَاسٌ فَاسِدٌ وَفِيهِ تَغْيِيرُ الْمَعْنَى إِلَخْ لَيْسَ مِمَّا يُلْتَفَتُ إِلَيْهِ وَقَدْ قَالَ بِمَا قَالَ الْحَافِظُ غَيْرُهُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ قَالَ فِي الْعُدَّةِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ خَبَرُ الْمُبْتَدَأِ يَبِيتُ بِتَأْوِيلِهِ بِالْمَصْدَرِ تَقْدِيرَهُ مَا حَقُّهُ بَيْتُوتَتُهُ لَيْلَتَيْنِ إِلَّا وَهُوَ بِهَذِهِ الصِّفَةِ وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِهِ فِي الْمَصَابِيحِ أَنْ يَبِيتَ لَيْلَتَيْنِ ارْتَفَعَ بَعْدَ حَذْفِ أَنْ مِثْلَ قَوْلِهِ تَعَالَى وَمِنْ اياته يريكم البرق ذَكَرَهُ الْقَسْطَلَّانِيُّ قَالَ الْحَافِظُ قَوْلُهُ لَيْلَتَيْنِ كَذَا لِأَكْثَرِ الرُّوَاةِ وَفِي رِوَايَةٍ لِأَبِي عَوَانَةَ وَالْبَيْهَقِيِّ يَبِيتُ لَيْلَةً أَوْ لَيْلَتَيْنِ وَفِي رِوَايَةٍ لِمُسْلِمٍ وَالنَّسَائِيِّ يَبِيتُ ثَلَاثَ لَيَالٍ فَكَأَنَّ ذِكْرَ اللَّيْلَتَيْنِ وَالثَّلَاثِ لِرَفْعِ الْحَرَجِ لِتَزَاحُمِ أَشْغَالِ الْمَرْءِ الَّتِي يَحْتَاجُ إِلَى ذِكْرِهَا فَفَسَحَ لَهُ هَذَا الْقَدْرَ لِيَتَذَكَّرَ مَا يَحْتَاجُ إِلَيْهِ وَاخْتِلَافُ الرِّوَايَاتِ فِيهِ دَالٌّ عَلَى أَنَّهُ لِلتَّقْرِيبِ لَا التَّحْدِيدِ وَالْمَعْنَى لَا يَمْضِي عَلَيْهِ زَمَانٌ وَإِنْ كَانَ قَلِيلًا إِلَّا وَوَصِيَّتُهُ مَكْتُوبَةٌ وَفِيهِ إِشَارَةٌ إِلَى اغْتِفَارِ الزَّمَنِ الْيَسِيرِ وَكَأَنَّ الثَّلَاثَ غَايَةٌ لِلتَّأْخِيرِ وَلِذَلِكَ قال بن عُمَرَ فِي رِوَايَةِ سَالِمٍ لَمْ أَبِتْ لَيْلَةً مُنْذُ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ ذَلِكَ إِلَّا وَوَصِيَّتِي عِنْدِي انْتَهَى

قَالَ النَّوَوِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ فِيهِ الْحَثُّ عَلَى الْوَصِيَّةِ وَقَدْ أَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى الْأَمْرِ بِهَا لَكِنَّ مَذْهَبَنَا وَمَذْهَبَ الْجَمَاهِيرِ أَنَّهَا مَنْدُوبَةٌ لَا وَاجِبَةٌ

وقَالَ دَاوُدُ وَغَيْرُهُ مِنْ أَهْلِ الظَّاهِرِ هِيَ وَاجِبَةٌ لِهَذَا الْحَدِيثِ وَلَا دَلَالَةَ لَهُمْ فِيهِ فَلَيْسَ فِيهِ تَصْرِيحٌ بِإِيجَابِهَا لَكِنْ إِنْ كَانَ عَلَى الْإِنْسَانِ دَيْنٌ أَوْ حَقٌّ أَوْ عِنْدَهُ وَدِيعَةٌ وَنَحْوُهَا لَزِمَهُ الْإِيصَاءُ بِذَلِكَ قَالَ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى مَعْنَى الْحَدِيثِ مَا الْحَزْمُ وَالِاحْتِيَاطُ لِلْمُسْلِمِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ وَصِيَّتُهُ مَكْتُوبَةً عِنْدَهُ وَيُسْتَحَبُّ تَعْجِيلُهَا وَأَنْ يَكْتُبَهَا فِي صَحِيفَةٍ وَيُشْهِدَ عَلَيْهِ فِيهَا وَيَكْتُبَ فِيهَا مَا يَحْتَاجُ إِلَيْهِ فَإِنْ تَجَدَّدَ لَهُ أَمْرٌ يَحْتَاجُ إِلَى الْوَصِيَّةِ بِهِ أَلْحَقَهُ بِهَا

وَقَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَوَصِيَّتُهُ مَكْتُوبَةٌ عِنْدَهُ مَعْنَاهُ مَكْتُوبَةٌ وَقَدْ أَشْهَدَ عَلَيْهِ بِهَا لَا أَنَّهُ يَقْتَصِرُ عَلَى الْكِتَابَةِ بَلْ لَا يُعْمَلُ بِهَا وَلَا يَنْفَعُ إِلَّا إِذَا كَانَ أَشْهَدَ عَلَيْهِ بِهَا

هَذَا مَذْهَبُنَا وَمَذْهَبُ الْجُمْهُورِ

وَقَالَ الْإِمَامُ مُحَمَّدُ بْنُ نَصْرٍ الْمَرْوَزِيُّ مِنْ أَصْحَابِنَا يَكْفِي الْكِتَابُ مِنْ غَيْرِ إِشْهَادٍ لِظَاهِرِ الْحَدِيثِ انْتَهَى

قَوْلُهُ (هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ) وَأَخْرَجَهُ مَالِكٌ وأحمد والشيخان وبن ماجه

<<  <  ج: ص:  >  >>