أَيْ سَيَلَانِهِ لِأَنَّهُ يَنْطِفُ نَطْفًا أَيْ يَسِيلُ (ثُمَّ يَكُونُ) أَيْ خَلْقُ أَحَدِكُمْ (عَلَقَةً) أَيْ دَمًا غَلِيظًا جَامِدًا (مِثْلَ ذَلِكَ) إِشَارَةٌ إِلَى مَحْذُوفٍ أَيْ مِثْلَ ذَلِكَ الزَّمَانِ يَعْنِي أَرْبَعِينَ يَوْمًا (ثُمَّ يَكُونُ مُضْغَةً) أَيْ قِطْعَةَ لَحْمٍ قَدْرَ مَا يُمْضَغُ (مِثْلَ ذَلِكَ) يَعْنِي أَرْبَعِينَ يَوْمًا وَيَظْهَرُ التَّصْوِيرُ فِي هَذِهِ الْأَرْبَعِينَ (ثُمَّ يُرْسِلُ اللَّهُ إِلَيْهِ الْمَلَكَ) أَيْ إِلَى خَلْقِ أَحَدِكُمْ أَوْ إِلَى أَحَدِكُمْ يَعْنِي فِي الطَّوْرِ الرَّابِعِ حِينَ مَا يَتَكَامَلُ بُنْيَانُهُ وَيَتَشَكَّلُ أَعْضَاؤُهُ
وَالْمُرَادُ بِالْإِرْسَالِ أَمْرُهُ بِهَا وَالتَّصَرُّفُ فِيهَا لِأَنَّهُ ثَبَتَ فِي الصَّحِيحَيْنِ إِنَّهُ مُوَكَّلٌ بِالرَّحِمِ حِينَ كَانَ نُطْفَةً أَوْ ذَاكَ مَلَكٌ آخَرُ غَيْرُ مَلَكِ الْحِفْظِ (وَيُؤْمَرُ بِأَرْبَعٍ) وَفِي الصَّحِيحَيْنِ بِأَرْبَعِ كَلِمَاتٍ أَيْ بِكِتَابَتِهَا وَكُلُّ قَضِيَّةٍ تُسَمَّى كَلِمَةً قَوْلًا كَانَ أَوْ فِعْلًا (يَكْتُبُ رِزْقَهُ) يَعْنِي أَنَّهُ قَلِيلٌ أَوْ كَثِيرٌ (وَأَجَلَهُ) أَيْ مُدَّةَ حَيَاتِهِ أَوِ انْتِهَاءِ عُمُرِهِ (وَعَمَلَهُ) أَيْ مِنَ الْخَيْرِ وَالشَّرِّ (وَشَقِيٌّ أَوْ سَعِيدٌ) خَبَرُ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ أَيْ يَكْتُبُ هُوَ شَقِيٌّ أَوْ سَعِيدٌ (حَتَّى مَا يَكُونَ) فِي الْمَوْضِعَيْنِ بِالرَّفْعِ لَا لِأَنَّ مَا النَّافِيَةَ كَافَّةٌ عَنِ الْعَمَلِ بَلْ لِأَنَّ الْمَعْنَى عَلَى حِكَايَةِ حَالِ الرَّجُلِ لَا الْإِخْبَارِ عَنِ الْمُسْتَقْبَلِ كَذَا قَالَهُ السَّيِّدُ جَمَالُ الدِّينِ
وَقَالَ الْمُظْهِرُ حَتَّى هِيَ النَّاصِبَةُ وَمَا نَافِيَةٌ وَلَفْظَةُ يَكُونُ مَنْصُوبَةٌ بِحَتَّى وَمَا غَيْرُ مانعة لها عن العمل
وقال بن الْمَلَكِ الْأَوْجَهُ أَنَّهَا عَاطِفَةٌ وَيَكُونُ بِالرَّفْعِ عَلَى مَا قَبْلَهُ (بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا) أَيْ بَيْنَ الرَّجُلِ وَالْجَنَّةِ (إِلَّا ذِرَاعٌ) تَمْثِيلٌ لِغَايَةِ قُرْبِهَا (ثُمَّ يَسْبِقُ عَلَيْهِ الْكِتَابُ) ضُمِّنَ مَعْنَى يَغْلِبُ وَلِذَا عُدِّيَ بِعَلَى وَإِلَّا فَهُوَ مُتَعَدٍّ بِنَفْسِهِ أَيْ يَغْلِبُ عَلَيْهِ كِتَابُ الشَّقَاوَةِ وَالتَّعْرِيفُ لِلْعَهْدِ وَالْكِتَابُ بِمَعْنَى الْمَكْتُوبِ أَيِ الْمُقَدَّرُ أَوِ التَّقْدِيرُ أَيِ التَّقْدِيرُ الْأَزَلِيُّ (حَتَّى مَا يَكُونَ) بِالْوَجْهَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ (هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ) وَأَخْرَجَهُ الشَّيْخَانِ (وَفِي الْبَابِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَأَنَسٍ) أَمَّا حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ فَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَأَمَّا حَدِيثُ أَنَسٍ فَأَخْرَجَهُ أَيْضًا الْبُخَارِيُّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute