قَوْلُهُ (لَا يُؤْمِنُ عَبْدٌ) هَذَا نَفْيُ أَصْلِ الْإِيمَانِ أَيْ لَا يُعْتَبَرُ مَا عِنْدَهُ مِنَ التَّصْدِيقِ الْقَلْبِيِّ (حَتَّى يُؤْمِنَ بِأَرْبَعٍ يَشْهَدَ) مَنْصُوبٌ عَلَى الْبَدَلِ مِنْ قَوْلِهِ يُؤْمِنَ وَقِيلَ مَرْفُوعٌ تَفْصِيلٌ لِمَا سَبَقَهُ أَيْ يَعْلَمُ وَيَتَيَقَّنُ (أَنَّ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنِّي رَسُولُ اللَّهِ) أَيْ يُؤْمِنَ بِالتَّوْحِيدِ وَالرِّسَالَةِ وَعَدَلَ إِلَى لَفْظِ الشَّهَادَةِ أَمْنًا مِنَ الْإِلْبَاسِ بِأَنْ يَشْهَدَ وَلَمْ يُؤْمِنْ أَوْ دَلَالَةً عَلَى أَنَّ النُّطْقَ بِالشَّهَادَتَيْنِ أَيْضًا مِنْ جُمْلَةِ الْأَرْكَانِ فَكَأَنَّهُ قِيلَ يَشْهَدَ بِاللِّسَانِ بَعْدَ تَصْدِيقِهِ بِالْجِنَانِ أَوْ إِشَارَةً إِلَى أَنَّ الْحُكْمَ بِالظَّوَاهِرِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِالسَّرَائِرِ
(بَعَثَنِي بِالْحَقِّ) اسْتِئْنَافٌ كَأَنَّهُ قِيلَ لِمَ يَشْهَدُ فَقَالَ بَعَثَنِي بِالْحَقِّ أَيْ إِلَى كَافَّةِ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ
وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ حَالًا مُؤَكِّدَةً أَوْ خَبَرًا بَعْدَ خَبَرٍ فَيَدْخُلُ عَلَى هَذَا فِي حَيِّزِ الشَّهَادَةِ وَقَدْ حَكَى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الْقَوْلَيْنِ كَلَامَ الْمُشَاهِدِ بِالْمَعْنَى إِذْ عِبَارَتُهُ أَنَّ مُحَمَّدًا وَبَعَثَهُ (وَيُؤْمِنَ بِالْمَوْتِ) بِالْوَجْهَيْنِ (وَيُؤْمِنَ بِالْبَعْثِ) أَيْ يُؤْمِنَ بِوُقُوعِ الْبَعْثِ (بَعْدَ الْمَوْتِ) تَكْرِيرُ الْمَوْتِ إِيذَانٌ لِلِاهْتِمَامِ بِشَأْنِهِ
(وَيُؤْمِنَ) بِالْوَجْهَيْنِ (بالقدر) قال القارىء نَقْلًا عَنِ الْمُظْهِرِ الْمُرَادُ بِهَذَا الْحَدِيثِ نَفْيُ أَصْلِ الْإِيمَانِ لَا نَفْيُ الْكَمَالِ
فَمَنْ لَمْ يُؤْمِنْ بِوَاحِدٍ مِنْ هَذِهِ الْأَرْبَعَةِ لَمْ يَكُنْ مُؤْمِنًا
الْأَوَّلُ الْإِقْرَارُ بِالشَّهَادَتَيْنِ وَأَنَّهُ مَبْعُوثٌ إِلَى كَافَّةِ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ
وَالثَّانِي أَنْ يُؤْمِنَ بِالْمَوْتِ أَيْ يَعْتَقِدَ فَنَاءَ الدُّنْيَا وَهُوَ احْتِرَازٌ عَنْ مَذْهَبِ الدَّهْرِيَّةِ الْقَائِلِينَ بِقِدَمِ الْعَالَمِ وَبَقَائِهِ أَبَدًا
قال القارىء وَفِي مَعْنَاهُ التَّنَاسُخِيُّ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُرَادَ اعْتِقَادُ أَنَّ الْمَوْتَ يَحْصُلُ بِأَمْرِ اللَّهِ لَا بِفَسَادِ الْمِزَاجِ كَمَا يَقُولُهُ الطَّبِيعِيُّ
وَالثَّالِثُ أَنْ يُؤْمِنَ بِالْبَعْثِ
وَالرَّابِعُ أَنْ يُؤْمِنَ بِالْقَدَرِ يَعْنِي بِأَنَّ جَمِيعَ مَا يَجْرِي فِي الْعَالَمِ بِقَضَاءِ اللَّهِ وَقَدَرِهِ انْتَهَى
وَحَدِيثُ عَلِيٍّ هَذَا رِجَالُهُ رِجَالُ الصحيح
وأخرجه أيضا أحمد وبن مَاجَهْ وَالْحَاكِمُ
قَوْلُهُ (إِلَّا أَنَّهُ) أَيِ النَّضْرَ بْنَ شُمَيْلٍ (قَالَ رِبْعِيٌّ عَنْ رَجُلٍ عَنْ عَلِيٍّ) أَيْ زَادَ بَيْنَ رِبْعِيٍّ وَعَلِيٍّ رَجُلًا (حَدِيثُ أَبِي دَاوُدَ عَنْ شُعْبَةَ) أَيْ بِلَا زِيَادَةِ رَجُلٍ بَيْنَ رِبْعِيٍّ وَعَلِيٍّ (أَصَحُّ مِنْ حديث النضر