للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَمُعْظَمُهَا أَرَادَ عَدُوًّا يَسْتَأْصِلُهُمْ وَيُهْلِكُهُمْ جَمِيعَهُمْ قِيلَ أَرَادَ إِذَا أُهْلِكَ أَصْلُ الْبَيْضَةِ كَانَ هَلَاكُ كُلِّ مَا فِيهَا مِنْ طَعْمٍ أَوْ فَرْخٍ

وَإِذَا لَمْ يُهْلِكْ أَصْلَ الْبَيْضَةِ بِمَا سَلِمَ بَعْضُ فِرَاخِهَا

وَقِيلَ أَرَادَ بِالْبَيْضَةِ الْخُوذَةَ فَكَأَنَّهُ شَبَّهَ مَكَانَ اجْتِمَاعِهِمْ وَالْتِآمِهِمْ بِبَيْضَةِ الْحَدِيدِ انْتَهَى مَا فِي النِّهَايَةِ

(إِذَا قَضَيْتُ قَضَاءً) أَيْ حَكَمْتُ حُكْمًا مُبْرَمًا (فَإِنَّهُ لَا يُرَدُّ) أَيْ بِشَيْءٍ لِخِلَافِ الْحُكْمِ الْمُعَلَّقِ بِشَرْطِ وُجُودِ شَيْءٍ أَوْ عَدَمِهِ (وَإِنِّي أَعْطَيْتُكَ) أَيْ عَهْدِي وَمِيثَاقِي (لِأُمَّتِكَ) أَيْ لِأَجْلِ أُمَّةِ إِجَابَتِكَ (أَنْ لَا أُهْلِكَهُمْ بِسَنَةٍ عَامَّةٍ) أَيْ بِحَيْثُ يَعُمُّهُمُ الْقَحْطُ وَيُهْلِكُهُمْ بِالْكُلِّيَّةِ قَالَ الطِّيبِيُّ اللَّامُ فِي لِأُمَّتِكَ هِيَ الَّتِي فِي قَوْلِهِ سَابِقًا سَأَلْتُ رَبِّي لأمتي أي أعطيت سؤالك لدعائك لأمنك وَالْكَافُ هُوَ الْمَفْعُولُ الْأَوَّلُ

وَقَوْلُهُ أَنْ لَا أُهْلِكَهُمْ الْمَفْعُولُ الثَّانِي كَمَا هُوَ فِي قَوْلِهِ سَأَلْتُ رَبِّي أَنْ لَا يُهْلِكَهَا هُوَ الْمَفْعُولُ الثَّانِي (وَلَوِ اجْتَمَعَ عَلَيْهِمْ مَنْ) أَيِ الَّذِينَ هُمْ (بِأَقْطَارِهَا) أَيْ بِأَطْرَافِهَا جَمْعُ قُطْرٍ وَهُوَ الْجَانِبُ وَالنَّاحِيَةُ

وَالْمَعْنَى فَلَا يَسْتَبِيحُ عَدُوٌّ مِنَ الْكُفَّارِ بَيْضَتَهُمْ وَلَوِ اجْتَمَعَ عَلَى مُحَارَبَتِهِمْ مِنْ أَطْرَافِ بَيْضَتِهِمْ

وَجَوَابُ لَوْ مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ وَأَنْ لَا أُسَلِّطَ (أَوْ قَالَ مِنْ بَيْنِ أَقْطَارِهَا) أَوِ الشَّكُّ مِنَ الرَّاوِي (وَيَسْبِي) كَيَرْمِي بِالرَّفْعِ عَطْفٌ عَلَى يُهْلِكُ أَيْ وَيَأْسِرُ (بَعْضَهُمْ) بِوَضْعِ الظَّاهِرِ مَوْضِعَ الْمُضْمَرِ (بَعْضًا) أَيْ بَعْضًا آخَرَ

قَالَ الطِّيبِيُّ حَتَّى بِمَعْنَى كَيْ أَيْ لِكَيْ يَكُونَ بَعْضُ أُمَّتِكَ يُهْلِكُ بَعْضًا فَقَوْلُهُ إِنِّي إِذَا قَضَيْتُ قَضَاءً فَلَا يُرَدُّ تَوْطِئَةً لِهَذَا الْمَعْنَى وَيَدُلُّ عَلَيْهِ حَدِيثُ خَبَّابِ بْنِ الْأَرَتِّ يَعْنِي حَدِيثَهُ الْمَذْكُورَ فِي هَذَا الباب قال المظهر اعلم أن الله تَعَالَى فِي خَلْقِهِ قَضَاءَيْنِ مُبْرَمًا وَمُعَلَّقًا بِفِعْلٍ كَمَا قَالَ إِنَّ الشَّيْءَ الْفُلَانِيَّ كَانَ كَذَا وَكَذَا وَإِنْ لَمْ يَفْعَلْهُ فَلَا يَكُونُ كَذَا وَكَذَا مِنْ قَبِيلِ مَا يَتَطَرَّقُ إِلَيْهِ الْمَحْوُ وَالْإِثْبَاتُ كَمَا قَالَ تَعَالَى فِي مُحْكَمِ كِتَابِهِ يمحو الله ما يشاء ويثبت وَأَمَّا الْقَضَاءُ الْمُبْرَمُ فَهُوَ عِبَارَةٌ عَمَّا قَدَّرَهُ سُبْحَانَهُ فِي الْأَزَلِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُعَلِّقَهُ بِفِعْلٍ فَهُوَ فِي الْوُقُوعِ نَافِذٌ غَايَةَ النَّفَاذِ بحيث لا يتغير بحال وَلَا يَتَوَقَّفُ عَلَى الْمُقْضَى عَلَيْهِ وَلَا الْمَقْضِيِّ لَهُ لِأَنَّهُ مِنْ عِلْمِهِ بِمَا كَانَ وَمَا يَكُونُ وَخِلَافُ مَعْلُومِهِ مُسْتَحِيلٌ قَطْعًا وَهَذَا مِنْ قَبِيلِ مَا لَا يَتَطَرَّقُ إِلَيْهِ الْمَحْوُ وَالْإِثْبَاتُ قال تعالى لا معقب لحكمه وَقَالَ النَّبِيُّ عَلَيْهِ السَّلَامُ لَا مَرَدَّ لِقَضَائِهِ وَلَا مَرَدَّ لِحُكْمِهِ

فَقَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا قَضَيْتُ قَضَاءً فَلَا يُرَدُّ مِنَ الْقَبِيلِ الثَّانِي وَلِذَلِكَ لَمْ يُجَبْ إِلَيْهِ وَفِيهِ أَنَّ الْأَنْبِيَاءَ مُسْتَجَابُو الدَّعْوَةِ إِلَّا فِي مِثْلِ هَذَا

قَوْلُهُ (هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ) وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ

<<  <  ج: ص:  >  >>