للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَبْقَ أَحَدٌ مِمَّنْ سَمِعَهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَيْرُهُ

لِأَنَّهُ كَانَ آخِرَ مَنْ مَاتَ بِالْبَصْرَةِ مِنَ الصَّحَابَةِ فَلَعَلَّ الْخِطَابَ بِذَلِكَ كَانَ لِأَهْلِ الْبَصْرَةِ أَوْ كَانَ عَامًّا وَكَانَ تَحْدِيثُهُ بِذَلِكَ فِي آخِرِ عُمْرِهِ لِأَنَّهُ لَمْ يَبْقَ بَعْدَهُ مِنَ الصَّحَابَةِ مَنْ ثَبَتَ سَمَاعُهُ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَّا النَّادِرَ مِمَّنْ لَمْ يَكُنْ هَذَا الْمَتْنُ مِنْ مَرْوِيِّهِ انْتَهَى (أَنْ يُرْفَعَ الْعِلْمُ) هُوَ فِي مَحَلِّ النَّصْبِ لِأَنَّهُ اسْمُ إِنَّ وَالْمُرَادُ بِرَفْعِهِ مَوْتُ حَمَلَتِهِ

وَفِي رِوَايَةٍ لِلْبُخَارِيِّ أَنْ يَقِلَّ الْعِلْمُ

قَالَ الْحَافِظُ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ بِقِلَّتِهِ أَوَّلُ الْعَلَامَةِ وَبِرَفْعِهِ آخِرُهَا أَوْ أُطْلِقَتِ الْقِلَّةُ وَأُرِيدَ بِهَا الْعَدَمُ كَمَا يُطْلَقُ العدم ويرادبه الْقِلَّةُ وَهَذَا أَلْيَقُ لِاتِّحَادِ الْمَخْرَجِ انْتَهَى

(وَيُفْشُو الزنى) بِالْقَصْرِ عَلَى لُغَةِ أَهْلِ الْحِجَازِ وَبِهَا جَاءَ التَّنْزِيلُ وَبِالْمَدِّ لِأَهْلِ نَجْدٍ وَالنِّسْبَةُ إِلَى الْأَوَّلِ زِنَوِيٌّ وَإِلَى الْآخَرِ زِنَاوِيٌّ (يُشْرَبُ الْخَمْرُ) بِضَمِّ أَوَّلِهِ وَفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ عَلَى الْعَطْفِ وَالْمُرَادُ كَثْرَةُ ذلك واشتهاره (ويكثر النِّسَاءُ) قِيلَ سَبَبُهُ أَنَّ الْفِتَنَ تَكْثُرُ فَيَكْثُرُ الْقَتْلُ فِي الرِّجَالِ لِأَنَّهُمْ أَهْلُ الْحَرْبِ دُونَ النساء

وقال بن عَبْدِ الْمَلِكِ هُوَ إِشَارَةٌ إِلَى كَثْرَةِ الْفُتُوحِ فَتَكْثُرُ السَّبَايَا فَيَتَّخِذُ الرَّجُلُ الْوَاحِدُ عِدَّةَ مَوْطُوءَاتٍ

قَالَ الْحَافِظُ فِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ صَرَّحَ بِالْعِلَّةِ فِي حَدِيثِ أَبِي مُوسَى الْآتِي يَعْنِي فِي الزَّكَاةِ عِنْدَ الْبُخَارِيِّ فَقَالَ مِنْ قِلَّةِ الرِّجَالِ وَكَثْرَةِ النِّسَاءِ

وَالظَّاهِرُ أَنَّهَا عَلَامَةٌ مَحْضَةٌ لَا بِسَبَبٍ آخَرَ بَلْ يُقَدِّرُ اللَّهُ فِي آخِرِ الزَّمَانِ أَنْ يَقِلَّ مَنْ يُولَدُ مِنَ الذُّكُورِ وَيَكْثُرَ مَنْ يُولَدُ مِنَ الْإِنَاثِ وَكَوْنُ كَثْرَةِ النِّسَاءِ مِنَ الْعَلَامَاتِ مُنَاسِبٌ لِظُهُورِ الْجَهْلِ وَرَفْعِ الْعِلْمِ انْتَهَى

(وَيَقِلُّ) بِكَسْرِ الْقَافِ مِنَ الْقِلَّةِ (لِخَمْسِينَ) يُحْتَمَلُ أَنْ يُرَادَ بِهِ حَقِيقَةُ هَذَا الْعَدَدِ أَوْ يَكُونَ مَجَازًا عَنِ الْكَثْرَةِ وَيُؤَيِّدُهُ أَنَّ فِي حَدِيثِ أَبِي مُوسَى

وَيُرَى الرَّجُلُ الْوَاحِدُ يَتْبَعُهُ أَرْبَعُونَ امْرَأَةً (قَيِّمٌ وَاحِدٌ) بِالرَّفْعِ صِفَةٌ لِقَيِّمٍ أَيْ مَنْ يَقُومُ بِأَمْرِهِنَّ وَاللَّامُ لِلْعَهْدِ إِشْعَارًا بِمَا هُوَ مَعْهُودٌ مِنْ كَوْنِ الرِّجَالِ قَوَّامِينَ عَلَى النِّسَاءِ وَكَأَنَّ هَذِهِ الْأُمُورَ الْخَمْسَةَ خُصَّتْ بِالذِّكْرِ لِكَوْنِهَا مُشْعِرَةً بِاخْتِلَالِ الْأُمُورِ الَّتِي يَحْصُلُ بِحِفْظِهَا صَلَاحُ الْمَعَاشِ وَالْمَعَادِ وَهِيَ الدِّينُ لِأَنَّ رَفْعَ الْعِلْمِ يُخِلُّ بِهِ وَالْعَقْلُ لِأَنَّ شُرْبَ الْخَمْرِ يُخِلُّ بِهِ وَالنَّسَبُ لِأَنَّ الزنى يُخِلُّ بِهِ وَالنَّفْسُ وَالْمَالُ لِأَنَّ كَثْرَةَ الْفِتَنِ تُخِلُّ بِهِمَا

قَالَ الْكَرْمَانِيُّ وَإِنَّمَا كَانَ اخْتِلَالُ هَذِهِ الْأُمُورِ مُؤْذِنًا بِخَرَابِ الْعَالَمِ لِأَنَّ الْخَلْقَ لَا يُتْرَكُونَ هَمَلًا وَلَا نَبِيَّ بَعْدَ نَبِيِّنَا صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ فَيَتَعَيَّنُ ذَلِكَ

<<  <  ج: ص:  >  >>