النَّوَوِيُّ مَعْنَى الْحَدِيثِ أَنَّ الْقِيَامَةَ إِنَّمَا تَقُومُ عَلَى شِرَارِ الْخَلْقِ كَمَا جَاءَ فِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى يَعْنِي حَدِيثَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ عِنْدَ مُسْلِمٍ
وَتَأْتِي الرِّيحُ مِنْ قِبَلِ الْيَمَنِ فَتَقْبِضُ أَرْوَاحَ الْمُؤْمِنِينَ عِنْدَ قُرْبِ السَّاعَةِ انْتَهَى
وَقَالَ الطِّيبِيُّ مَعْنَى حَتَّى لَا يُقَالَ حَتَّى لَا يُذْكَرَ اسْمُ اللَّهِ وَلَا يُعْبَدَ
قَوْلُهُ (هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ) وَأَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وَمُسْلِمٌ
قَوْلُهُ (وَهَذَا أَصَحُّ مِنَ الْحَدِيثِ الْأَوَّلِ) لِأَنَّ خَالِدَ بن الحارث أوثق من بن أبي عدي
قَوْلُهُ (تَقِيءُ الْأَرْضُ) مُضَارِعٌ مِنَ الْقَيْءِ أَيْ تلقي الأرض (أفلاذ كبدها) قال القارىء بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ جَمْعٌ الْفِلْذَةِ وَهِيَ الْقِطْعَةُ الْمَقْطُوعَةُ طُولًا وَسُمِّيَ مَا فِي الْأَرْضِ كَبِدًا تَشْبِيهًا بِالْكَبِدِ الَّتِي فِي بَطْنِ الْبَعِيرِ لِأَنَّهَا أَحَبُّ مَا هُوَ مُخَبَّأٌ فِيهَا كَمَا أَنَّ الْكَبِدَ أَطْيَبُ مَا فِي بَطْنِ الْجَزُورِ وَأَحَبُّهُ إِلَى الْعَرَبِ
وَإِنَّمَا قُلْنَا فِي بَطْنِ الْبَعِيرِ لِأَنَّ بن الْأَعْرَابِيِّ قَالَ الْفِلْذَةُ لَا تَكُونُ إِلَّا لِلْبَعِيرِ
فَالْمَعْنَى تُظْهِرُ كُنُوزَهَا وَتُخْرِجُهَا مِنْ بُطُونِهَا إِلَى ظُهُورِهَا انْتَهَى
(أَمْثَالَ الْأُسْطُوَانِ) بِضَمِّ الْهَمْزَةِ وَالطَّاءِ
وَقَوْلُهُ (مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ) لِبَيَانِ مُجْمَلِ الْحَالِ
قَالَ الْقَاضِي رَحِمَهُ اللَّهُ مَعْنَاهُ أَنَّ الْأَرْضَ تُلْقِي مِنْ بَطْنِهَا مَا فِيهِ مِنَ الْكُنُوزِ وَقِيلَ مَا وَسِخَ فِيهَا مِنَ الْعُرُوقِ الْمَعْدِنِيَّةِ وَيَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ أَمْثَالَ الْأُسْطُوَانَةِ
وَشَبَّهَهَا بِأَفْلَاذِ الْكَبِدِ هَيْئَةً وَشَكْلًا فَإِنَّهَا قِطَعُ الْكَبِدِ الْمَقْطُوعَةِ طُولًا (قُطِعَتْ يَدِي) بِصِيغَةِ الْمَجْهُولِ (وَيَجِيءُ الْقَاتِلُ) أَيْ قَاتِلُ النَّفْسِ (فِي هَذَا) أَيْ فِي طَلَبِ هَذَا الْغَرَضِ لِأَجْلِ تَحْصِيلِ هَذَا الْمَقْصُودِ (قُتِلْتُ) أَيْ مَنْ قَتَلْتُ مِنَ الْأَنْفُسِ (وَيَجِيءُ الْقَاطِعُ) أَيْ قَاطِعُ الرَّحِمِ (ثُمَّ يَدَعُونَهُ) بِفَتْحِ الدَّالِ أَيْ يَتْرُكُونَ مَا قَاءَتْهُ الْأَرْضُ مِنَ الْكَنْزِ أَوِ الْمَعْدِنِ
قَوْلُهُ (هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ) وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ
قَوْلُهُ (عَنْ عَمْرِو بْنِ أَبِي عَمْرٍو) اسْمُهُ مَيْسَرَةُ مَوْلَى الْمُطَّلِبِ الْمَدَنِيِّ أَبُو عُثْمَانَ ثِقَةٌ رُبَّمَا وَهِمَ مِنَ الْخَامِسَةِ
قَوْلُهُ (حَتَّى يَكُونَ أَسْعَدَ النَّاسِ) بِنَصْبِ أَسْعَدَ وَيُرْفَعُ أَيْ أَكْثَرُهُمْ مَالًا وَأَطْيَبُهُمْ عَيْشًا وَأَرْفَعُهُمْ مَنْصِبًا وَأَنْفَذُهُمْ حُكْمًا (بِالدُّنْيَا) أَيْ بِأُمُورِهَا أَوْ فِيهَا (لُكَعُ بْنُ لُكَعَ) بِضَمِّ اللَّامِ وَفَتْحِ الْكَافِ غَيْرُ مَصْرُوفٍ أَيْ لَئِيمُ بْنُ لَئِيمٍ أَيْ رَدِيءُ النَّسَبِ دَنِيءُ الْحَسَبِ
وَقِيلَ أَرَادَ بِهِ مَنْ لَا يُعْرَفُ لَهُ أَصْلٌ وَلَا يُحْمَدُ لَهُ خُلُقٌ قاله القارىء
وَقَالَ فِي النِّهَايَةِ اللُّكَعُ عِنْدَ الْعَرَبِ الْعَبْدُ ثُمَّ اسْتُعْمِلَ فِي الْحَمَقِ وَالذَّمِّ يُقَالُ لِلرَّجُلِ لُكَعُ وَلِلْمَرْأَةِ لَكَاعِ وَقَدْ لَكِعَ الرَّجُلُ يَلْكَعُ لَكْعًا فَهُوَ أَلْكَعُ
وَأَكْثَرُ مَا يَقَعُ فِي النِّدَاءِ وَهُوَ اللَّئِيمُ وَقِيلَ الْوَسَخُ وَقَدْ يُطْلَقُ عَلَى الصَّغِيرِ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ إِنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ جَاءَ يَطْلُبُ الْحَسَنَ بْنَ عَلِيٍّ قَالَ أَثِمَ لُكَعُ فَإِنْ أُطْلِقَ عَلَى الْكَبِيرِ أُرِيدَ بِهِ الصَّغِيرُ الْعِلْمِ وَالْعَقْلِ
وَمِنْهُ حَدِيثُ الْحَسَنِ قَالَ لرجل يالكع
يُرِيدُ يَا صَغِيرًا فِي الْعِلْمِ وَالْعَقْلِ انْتَهَى
وحذف ألف بن لِإِجْرَاءِ اللَّفْظَيْنِ مَجْرَى عَلَمَيْنِ لِشَخْصَيْنِ خَسِيسَيْنِ لَئِيمَيْنِ
قال بن الْمَلَكِ رَحِمَهُ اللَّهُ فِي بَعْضِ النُّسَخِ يَعْنِي مِنَ الْمِشْكَاةِ بِنَصْبِ أَسْعَدَ عَلَى أَنَّهُ خَبَرُ يَكُونُ وَفِي بَعْضِهَا بِرَفْعِهِ عَلَى أَنَّ الضَّمِيرَ فِي يَكُونُ لِلشَّأْنِ
وَالْجُمْلَةُ بَعْدَهُ تَفْسِيرٌ لِلضَّمِيرِ الْمَذْكُورِ انْتَهَى
وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ أَسْعَدُ اسْمًا وَلُكَعَ بِنَصْبٍ عَلَى الْخَبَرِيَّةِ لِفَسَادِ الْمَعْنَى كَمَا لَا يَخْفَى