للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اجْتَمَعَ عَلَيْهِ النَّاسُ إِلَى أَنِ اضْطَرَبَ أَمْرُ بَنِي أُمَيَّةَ وَوَقَعَتْ بَيْنَهُمُ الْفِتْنَةُ زَمَنَ الْوَلِيدِ بْنِ يَزِيدَ فَاتَّصَلَتْ بَيْنَهُمْ إِلَى أَنْ قَامَتِ الدَّوْلَةُ الْعَبَّاسِيَّةُ فَاسْتَأْصَلُوا أَمْرَهُمْ وَهَذَا الْعَدَدُ مَوْجُودٌ صَحِيحٌ إِذَا اعْتُبِرَ

قَالَ وَقَدْ يَحْتَمِلُ وُجُوهًا أُخَرَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمُرَادِ نَبِيِّهِ انْتَهَى

قَالَ الْحَافِظُ وَالِاحْتِمَالُ الَّذِي قَبْلَ هَذَا وَهُوَ اجْتِمَاعُ اثْنَيْ عَشَرَ فِي عَصْرٍ وَاحِدٍ كُلُّهُمْ يَطْلُبُ الخلافة هو الذي اختاره المهلب كَمَا تَقَدَّمَ وَقَدْ ذَكَرْتُ وَجْهَ الرَّدِّ عَلَيْهِ وَلَوْ لَمْ يَرِدْ إِلَّا قَوْلُهُ كُلُّهُمْ يَجْتَمِعُ عَلَيْهِ النَّاسُ فَإِنَّ فِي وَجُودِهِمْ فِي عَصْرٍ وَاحِدٍ يُوجَدُ عَيْنُ الِافْتِرَاقِ فَلَا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ انْتَهَى

ثُمَّ نَقَلَ الْحَافِظُ كَلَامَ بن الْجَوْزِيِّ عَنْ كِتَابِهِ كَشْفِ الْمُشْكِلِ ثُمَّ قَالَ وَيَنْتَظِمُ مِنْ مَجْمُوعِ مَا ذَكَرَاهُ (يَعْنِي الْقَاضِيَ عياض وبن الْجَوْزِيِّ) أَوْجُهٌ أَرْجَحُهَا الثَّالِثُ مِنْ أَوْجُهِ الْقَاضِي لِتَأْيِيدِهِ بِقَوْلِهِ فِي بَعْضِ طُرُقِ الْحَدِيثِ الصَّحِيحَةِ كُلُّهُمْ يَجْتَمِعُ عَلَيْهِ النَّاسُ وَإِيضَاحُ ذَلِكَ أَنَّ الْمُرَادَ بِالِاجْتِمَاعِ انْقِيَادُهُمْ لِبَيْعَتِهِ وَالَّذِي وَقَعَ أَنَّ النَّاسَ اجْتَمَعُوا عَلَى أَبِي بَكْرٍ ثُمَّ عُمَرَ ثُمَّ عُثْمَانَ ثُمَّ عَلِيٍّ إِلَى أَنْ وَقَعَ أَمْرُ الْحَكَمَيْنِ فِي صِفِّينَ فَسُمِّيَ مُعَاوِيَةُ يَوْمَئِذٍ بِالْخِلَافَةِ ثُمَّ اجْتَمَعَ النَّاسُ عَلَى مُعَاوِيَةَ عِنْدَ صُلْحِ الْحَسَنِ ثُمَّ اجْتَمَعُوا عَلَى وَلَدِهِ يَزِيدَ وَلَمْ يَنْتَظِمْ لِلْحُسَيْنِ أَمْرٌ بَلْ قُتِلَ قَبْلَ ذَلِكَ ثُمَّ لَمَّا مَاتَ يَزِيدُ وَقَعَ الِاخْتِلَافُ إِلَى أَنِ اجْتَمَعُوا عَلَى عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مروان بعد قتل بن الزُّبَيْرِ ثُمَّ اجْتَمَعُوا عَلَى أَوْلَادِهِ الْأَرْبَعَةِ الْوَلِيدِ ثُمَّ سُلَيْمَانَ ثُمَّ يَزِيدَ ثُمَّ هِشَامٍ وَتَخَلَّلَ بَيْنَ سُلَيْمَانَ وَيَزِيدَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ فَهَؤُلَاءِ سَبْعَةٌ بَعْدَ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ

وَالثَّانِي عَشَرَ هُوَ الْوَلِيدُ بْنُ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ اجْتَمَعَ عَلَيْهِ النَّاسُ لَمَّا مَاتَ عَمُّهُ هِشَامٌ فَوُلِّيَ نَحْوَ أَرْبَعِ سِنِينَ ثُمَّ قَامُوا عَلَيْهِ فَقَتَلُوهُ وَانْتَشَرَتِ الْفِتَنُ وَتَغَيَّرَتِ الْأَحْوَالُ مِنْ يَوْمِئِذٍ وَلَمْ يَتَّفِقْ أَنْ يَجْتَمِعَ النَّاسُ عَلَى خَلِيفَةٍ بَعْدَ ذَلِكَ لِأَنَّ يَزِيدَ بْنَ الْوَلِيدِ الَّذِي قام على بن عَمِّهِ الْوَلِيدِ بْنِ يَزِيدَ لَمْ تَطُلْ مُدَّتُهُ بل ثار عليه قبل أن يموت بن عَمِّ أَبِيهِ مَرْوَانُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مَرْوَانَ وَلَمَّا مَاتَ يَزِيدُ وَلِيَ أَخُوهُ إِبْرَاهِيمُ فَغَلَبَهُ مَرْوَانُ ثُمَّ ثَارَ عَلَى مَرْوَانَ بَنُو الْعَبَّاسِ إِلَى أَنْ قُتِلَ ثُمَّ كَانَ أَوَّلَ خُلَفَاءِ بَنِي الْعَبَّاسِ أَبُو الْعَبَّاسِ السَّفَّاحُ وَلَمْ تَطُلْ مُدَّتُهُ مَعَ كَثْرَةِ مَنْ ثَارَ عَلَيْهِ ثُمَّ وَلِيَ أَخُوهُ الْمَنْصُورُ فَطَالَتْ مُدَّتُهُ لَكِنْ خَرَجَ عَنْهُ الْمَغْرِبُ الْأَقْصَى بِاسْتِيلَاءِ الْمَرْوَانِيِّينَ عَلَى الْأَنْدَلُسِ وَاسْتَمَرَّتْ فِي أَيْدِيهِمْ مُتَغَلِّبِينَ عَلَيْهَا إِلَى أَنْ تَسَمَّوْا بِالْخِلَافَةِ بَعْدَ ذَلِكَ وَانْفَرَطَ الْأَمْرُ فِي جَمِيعِ أَقْطَارِ الْأَرْضِ إِلَى أَنْ لَمْ يَبْقَ مِنَ الْخِلَافَةِ إِلَّا الِاسْمُ فِي بَعْضِ الْبِلَادِ بَعْدَ أَنْ كَانُوا فِي أَيَّامِ بَنِي عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ يُخْطَبُ لِلْخَلِيفَةِ فِي جَمِيعِ أَقْطَارِ الْأَرْضِ شَرْقًا وَغَرْبًا وَشِمَالًا وَيَمِينًا مِمَّا غَلَبَ عَلَيْهِ الْمُسْلِمُونَ وَلَا يَتَوَلَّى أَحَدٌ فِي بَلَدٍ مِنَ الْبِلَادِ كُلِّهَا الْإِمَارَةَ عَلَى شَيْءٍ مِنْهَا إِلَّا بِأَمْرِ الْخَلِيفَةِ وَمَنْ نَظَرَ فِي أَخْبَارِهِمْ عَرَفَ صِحَّةَ ذَلِكَ فَعَلَى هَذَا يَكُونُ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ ثُمَّ يَكُونُ الْهَرْجُ يَعْنِي الْقَتْلَ الناشىء عَنِ الْفِتَنِ وُقُوعًا فَاشِيًّا يَفْشُو وَيَسْتَمِرُّ وَيَزْدَادُ عَلَى مَدَى الْأَيَّامِ وَكَذَا كَانَ انْتَهَى كَلَامُ الحافظ

<<  <  ج: ص:  >  >>