حَدِيثًا) أَيِ الَّذِي هُوَ أَصْدَقُهُمْ حَدِيثًا هُوَ أصدقهم رؤيا (ورؤيا المسلم جزأ مِنْ سِتَّةٍ وَأَرْبَعِينَ جُزْءًا مِنَ النُّبُوَّةِ) كَذَا وَقَعَ فِي أَكْثَرِ الْأَحَادِيثِ وَفِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ عِنْدَ مُسْلِمٍ جُزْءٌ مِنْ خَمْسَةٍ وَأَرْبَعِينَ
ووقع عند مسلم أيضا من حديث بن عُمَرَ جُزْءٌ مِنْ سَبْعِينَ جُزْءًا وَعِنْدَ الطَّبَرَانِيِّ عن بن مسعود جزء من ستة وسبعين
وأخرج بن عَبْدِ الْبَرِّ عَنْ أَنَسٍ جُزْءٌ مِنْ سِتَّةٍ وَعِشْرِينَ
وَفِي رِوَايَةٍ جُزْءٌ مِنْ خَمْسِينَ جُزْءًا مِنَ النُّبُوَّةِ
وَفِي رِوَايَةٍ جُزْءٌ مِنْ أَرْبَعِينَ
وَفِي رِوَايَةٍ جُزْءٌ مِنْ أَرْبَعَةٍ وَأَرْبَعِينَ
وَفِي رِوَايَةٍ جُزْءٌ مِنْ تِسْعَةٍ وَأَرْبَعِينَ
ذَكَرَ هَذِهِ الرِّوَايَاتِ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ ثُمَّ قَالَ أَصَحُّهَا مُطْلَقًا الْأَوَّلُ
وَقَالَ وَقَدِ اسْتُشْكِلَ كَوْنُ الرُّؤْيَا جزء مِنَ النُّبُوَّةِ مَعَ أَنَّ النُّبُوَّةَ انْقَطَعَتْ بِمَوْتِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
فَقِيلَ فِي الْجَوَابِ إِنْ وَقَعَتِ الرُّؤْيَا مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَهِيَ جُزْءٌ مِنْ أَجْزَاءِ النُّبُوَّةِ حَقِيقَةً وَإِنْ وَقَعَتْ مِنْ غَيْرِ النَّبِيِّ فَهِيَ جُزْءٌ مِنْ أَجْزَاءِ النُّبُوَّةِ عَلَى سَبِيلِ الْمَجَازِ
وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ قِيلَ مَعْنَاهُ أنَّ الرُّؤْيَا تَجِيءُ عَلَى مُوَافَقَةِ النُّبُوَّةِ لِأَنَّهَا جُزْءٌ بَاقٍ مِنَ النُّبُوَّةِ
وَقِيلَ الْمَعْنَى أنَّهَا جُزْءٌ مِنْ عِلْمِ النُّبُوَّةِ لِأَنَّ النُّبُوَّةَ وَإِنِ انْقَطَعَتْ فَعِلْمُهَا باق
وتعقب بقول مالك فيما حكاه بن عَبْدِ الْبَرِّ أَنَّهُ سُئِلَ أَيَعْبُرُ الرُّؤْيَا كُلُّ أحد فقال أبا النبوة يُلْعَبُ ثُمَّ قَالَ الرُّؤْيَا جُزْءٌ مِنَ النُّبُوَّةِ فَلَا يُلْعَبُ بِالنُّبُوَّةِ
وَالْجَوَابُ أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ أَنَّهَا نُبُوَّةٌ بَاقِيَةٌ وَإِنَّمَا أَرَادَ أَنَّهَا لَمَّا اشْتَبَهَتِ النُّبُوَّةَ مِنْ جِهَةِ الِاطِّلَاعِ عَلَى بَعْضِ الْغَيْبِ لَا يَنْبَغِي أَنْ يُتَكَلَّمَ فِيهَا بِغَيْرِ عِلْمٍ انْتَهَى
وَقَالَ صَاحِبُ مَجْمَعِ الْبِحَارِ وَلَا حَرَجَ فِي الْأَخْذِ بِظَاهِرِهِ فَإِنَّ أَجْزَاءَ النُّبُوَّةِ لا تكون نبوة فلا ينا في حَدِيثَ ذَهَبَ النُّبُوَّةُ انْتَهَى (فَالرُّؤْيَا الصَّالِحَةُ بُشْرَى مِنَ اللَّهِ) أَيْ إِشَارَةٌ إِلَى بِشَارَةٍ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى لِلرَّائِي أَوِ الْمَرْئِيِّ لَهُ (وَالرُّؤْيَا مِنْ تَحْزِينِ الشَّيْطَانِ) أَيْ بِأَنْ يُكَدِّرَ عَلَيْهِ وَقْتَهُ فَيُرِيَهُ فِي النَّوْمِ أَنَّهُ قُطِعَ رَأْسُهُ مَثَلًا (وَالرُّؤْيَا مِمَّا يُحَدِّثُ بِهَا الرَّجُلُ نَفْسَهُ) كَمَنْ يَكُونُ فِي أَمْرٍ أَوْ حِرْفَةٍ يَرَى نَفْسَهُ فِي ذَلِكَ الْأَمْرِ (وَلْيَتْفُلْ) قَالَ فِي الْقَامُوسِ تَفَلَ يَتْفُلُ وَيَتْفِلُ بَصَقَ (قَالَ وَأُحِبُّ الْقَيْدَ فِي النَّوْمِ وَأَكْرَهُ الْغُلَّ) قَالَ الْمُهَلِّبُ الْغُلُّ يُعَبَّرُ بِالْمَكْرُوهِ
لِأَنَّ اللَّهَ أَخْبَرَ فِي كِتَابِهِ أَنَّهُ مِنْ صِفَاتِ أَهْلِ النَّارِ بِقَوْلِهِ تعالى أذ الأغلال في أعناقهم الْآيَةَ
وَقَالَ النَّوَوِيُّ قَالَ الْعُلَمَاءُ إِنَّمَا أُحِبُّ الْقَيْدَ لِأَنَّ مَحَلَّهُ الرَّجُلُ وَهُوَ كَفٌّ عَنِ المعاصي والشر والباطل وأبغض الْغِلُّ لِأَنَّ مَحَلَّهُ الْعُنُقُ وَهُوَ صِفَةُ أَهْلِ النَّارِ (الْقَيْدُ ثَبَاتٌ فِي الدِّينِ) وَإِنَّمَا جُعِلَ الْقَيْدُ ثَبَاتًا فِي الدِّينِ لِأَنَّ الْمُقَيَّدَ لَا يَسْتَطِيعُ الْمَشْيَ فَضُرِبَ مَثَلًا لِلْإِيمَانِ الَّذِي يَمْنَعُ عَنِ الْمَشْيِ إِلَى الْبَاطِلِ