أَقْرَبُ إِلَى اللَّهِ بَلَاؤُهُ أَشَدُّ لِيَكُونَ ثَوَابُهُ أَكْثَرَ قَالَ الطِّيبِيُّ ثُمَّ فِيهِ لِلتَّرَاخِي فِي الرُّتْبَةِ وَالْفَاءُ لِلتَّعَاقُبِ عَلَى سَبِيلِ التَّوَالِي تَنَزُّلًا مِنَ الْأَعْلَى إِلَى الْأَسْفَلِ وَاللَّامُ فِي الْأَنْبِيَاءِ للجنس
قال القارىء ويصح كونها للاستغراق إذ لا يخلو واحد مِنْهُمْ مِنْ عَظِيمِ مِحْنَةٍ وَجَسِيمِ بَلِيَّةٍ بِالنِّسْبَةِ لِأَهْلِ زَمَنِهِ وَيَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ (يُبْتَلَى الرَّجُلُ عَلَى حَسَبِ دِينِهِ) أَيْ مِقْدَارِهِ ضَعْفًا وَقُوَّةً وَنَقْصًا وَكَمَالًا
قَالَ الطِّيبِيُّ الْجُمْلَةُ بَيَانٌ لِلْجُمْلَةِ الأولى واللام في الرجل الاستغراق فِي الْأَجْنَاسِ الْمُتَوَالِيَةِ (فَإِنْ كَانَ) تَفْصِيلٌ لِلِابْتِلَاءِ وَقَدْرِهِ (فِي دِينِهِ صُلْبًا) بِضَمِّ الصَّادِ الْمُهْمَلَةِ أَيْ قَوِيًّا شَدِيدًا وَهُوَ خَبَرُ كَانَ وَاسْمُهُ ضمير راجع وَالْجَارُّ مُتَعَلِّقٌ بِالْخَبَرِ (اشْتَدَّ بَلَاؤُهُ) أَيْ كَمِّيَّةً وَكَيْفِيَّةً (وَإِنْ كَانَ فِي دِينِهِ رِقَّةً) أَيْ ذَا رِقَّةٍ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ رِقَّةٌ اسْمَ كَانَ أَيْ ضَعْفٌ وَلِينٌ
قَالَ الطِّيبِيُّ جَعَلَ الصَّلَابَةَ صِفَةً لَهُ وَالرِّقَّةَ صِفَةً لِدِينِهِ مُبَالَغَةً وعلى الأصل
قال القارىء وَكَانَ الْأَصْلُ فِي الصُّلْبِ أَنْ يُسْتَعْمَلَ فِي الْجُثَثِ وَفِي الرِّقَّةِ أَنْ تُسْتَعْمَلَ فِي الْمَعَانِي وَيُمْكِنُ أَنْ يُحْمَلَ عَلَى التَّفَنُّنِ فِي الْعِبَارَةِ انْتَهَى (ابْتُلِيَ عَلَى قَدْرِ دِينِهِ) أَيْ بِبَلَاءٍ هَيِّنٍ سَهْلٍ وَالْبَلَاءُ فِي مُقَابَلَةِ النِّعْمَةِ فَمَنْ كَانَتِ النِّعْمَةُ عَلَيْهِ أَكْثَرَ فَبَلَاؤُهُ أَغْزَرُ (فَمَا يَبْرَحُ الْبَلَاءُ) أَيْ مَا يُفَارِقُ أَوْ مَا يُزَالُ (بِالْعَبْدِ) أَيِ الْإِنْسَانِ (حَتَّى يَتْرُكَهُ يَمْشِي عَلَى الْأَرْضِ وَمَا عَلَيْهِ خَطِيئَةٌ) كِنَايَةً عَنْ خَلَاصِهِ مِنَ الذُّنُوبِ فَكَأَنَّهُ كَانَ مَحْبُوسًا ثُمَّ أُطْلِقَ وَخُلِّيَ سَبِيلُهُ يَمْشِي مَا عَلَيْهِ بَأْسٌ
قَوْلُهُ (هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ) وَأَخْرَجَهُ أَحْمَدُ والدارمي والنسائي في الكبرى وبن ماجه وبن حبان والحاكم كذا في الفتح
قَالَ أَبُو عِيسَى هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ
[٢٣٩٩] قَوْلُهُ (مَا يَزَالُ الْبَلَاءُ بِالْمُؤْمِنِ) أَيْ يَنْزِلُ بِالْمُؤْمِنِ الْكَامِلِ (وَالْمُؤْمِنَةِ) الْوَاوُ بِمَعْنَى أَوْ بِدَلِيلِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute