الضَّأْنِ مِنَ اللِّينِ) كِنَايَةً عَنْ إِظْهَارِ اللِّينِ مع الناس
وقال القارىء الْمُرَادُ بِجُلُودِ الضَّأْنِ عَيْنُهَا أَوْ مَا عَلَيْهَا مِنَ الصُّوفِ وَهُوَ الْأَظْهَرُ
فَالْمَعْنَى أَنَّهُمْ يَلْبَسُونَ الْأَصْوَافَ لِيَظُنَّهُمُ النَّاسُ زُهَّادًا وَعُبَّادًا تَارِكِينَ الدُّنْيَا رَاغِبِينَ فِي الْعُقْبَى
وَقَوْلُهُ مِنَ اللِّينِ أَيْ مِنْ أَجْلِ إِظْهَارِ التَّلَيُّنِ وَالتَّلَطُّفِ وَالتَّمَسْكُنِ وَالتَّقَشُّفِ مَعَ النَّاسِ وَأَرَادُوا بِهِ فِي حَقِيقَةِ الْأَمْرِ التَّمَلُّقَ وَالتَّوَاضُعَ فِي وُجُوهِ النَّاسِ لِيَصِيرُوا مُرِيدِينَ لَهُمْ وَمُعْتَقِدِينَ لِأَحْوَالِهِمْ انْتَهَى (أَحْلَى مِنَ السُّكَّرِ) بِضَمِّ السِّينِ الْمُهْمَلَةِ وَتَشْدِيدِ الْكَافِ مُعَرَّبُ شَكَرَ (وَقُلُوبُهُمْ قُلُوبُ الذِّئَابِ) أَيْ مُسْوَدَّةٌ شَدِيدَةٌ فِي حُبِّ الدُّنْيَا وَالْجَاهِ (أَبِي تَغْتَرُّونَ) الْهَمْزَةُ لِلِاسْتِفْهَامِ أَيْ أَبِحِلْمِي وَإِمْهَالِي تَغْتَرُّونَ وَالِاغْتِرَارُ هُنَا عَدَمُ الْخَوْفِ مِنَ اللَّهِ وَإِهْمَالُ التَّوْبَةِ وَالِاسْتِرْسَالُ فِي الْمَعَاصِي وَالشَّهَوَاتِ (أَمْ عَلَيَّ تَجْتَرِئُونَ) أَمْ مُنْقَطِعَةٌ أَضْرَبَ إِلَى مَا هُوَ أَشْنَعُ مِنَ الِاغْتِرَارِ بِاَللَّهِ أَيْ تَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ لِيُعْتَقَدَ فِيكُمُ الصَّلَاحُ فَيُجْلَبُ إِلَيْكُمُ الْأَمْوَالُ وَتُخْدَمُونَ (فَبِي حَلَفْتُ) أَيْ بِعَظَمَتِي وَجَلَالِي لَا بِغَيْرِ ذَلِكَ (لَأَبْعَثَنَّ) مِنَ الْبَعْثِ أَيْ لَأُسَلِّطَنَّ وَلَأَقْضِيَنَّ (عَلَى أُولَئِكَ) أَيِ الْمَوْصُوفِينَ بِمَا ذَكَرَ (مِنْهُمْ) أَيْ مِمَّا بَيْنَهُمْ بِتَسْلِيطِ بَعْضِهِمْ عَلَى بَعْضٍ (فِتْنَةً تَدْعُ الْحَلِيمَ) أَيْ تَتْرُكُ الْعَالِمَ الْحَازِمَ فَضْلًا عَنْ غَيْرِهِ (حَيْرَانًا) كَذَا فِي النُّسَخِ الْحَاضِرَةِ بِالتَّنْوِينِ
وَذَكَرَ الْمُنْذِرِيُّ هَذَا الْحَدِيثَ فِي التَّرْغِيبِ نَقْلًا عَنِ التِّرْمِذِيِّ وَفِيهِ حَيْرَانَ بِغَيْرِ التَّنْوِينِ وَكَذَلِكَ فِي الْمِشْكَاةِ وَهُوَ الظَّاهِرُ أَيْ حَالَ كَوْنِهِ مُتَحَيِّرًا فِي الْفِتْنَةِ لَا يَقْدِرُ عَلَى دَفْعِهَا وَلَا عَلَى الْخَلَاصِ مِنْهَا لَا بِالْإِقَامَةِ فِيهَا وَلَا بِالْفِرَارِ مِنْهَا
قَالَ الْأَشْرَفُ مِنْ فِي مِنْهُمْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ لِلتَّبْيِينِ بِمَعْنَى الَّذِينَ وَالْإِشَارَةِ إِلَى الرِّجَالِ وَتَقْدِيرُهُ عَلَى أُولَئِكَ الَّذِينَ يَخْتِلُونَ الدُّنْيَا بِالدِّينِ وَأَنْ يُجْعَلَ مُتَعَلِّقًا بِالْفِتْنَةِ أَيْ لَأَبْعَثَنَّ عَلَى الرِّجَالِ الَّذِينَ يَخْتِلُونِ الدُّنْيَا بِالدِّينِ فِتْنَةً نَاشِئَةً مِنْهُمْ كَذَا فِي الْمِرْقَاةِ
وَهَذَا الْحَدِيثُ أَيْضًا ضَعِيفٌ لِأَنَّ فِي سَنَدِهِ أَيْضًا يَحْيَى بْنَ عُبَيْدِ اللَّهِ
قَوْلُهُ (وَفِي الْبَابِ عن بن عُمَرَ) أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ بَعْدَ هَذَا
[٢٤٠٥] قَوْلُهُ (حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدٍ) بْنِ صَخْرٍ الدَّارِمِيُّ أَبُو جَعْفَرٍ السَّرَخْسِيُّ ثِقَةٌ حَافِظٌ مِنَ الْحَادِيَةَ عَشْرَةَ (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبَّادٍ) بْنِ الزِّبْرِقَانَ الْمَكِّيُّ نَزِيلُ بَغْدَادَ صَدُوقٌ يَهِمُ مِنَ الْعَاشِرَةِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute