للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْحَافِظُ (إِنَّهُمْ لَمْ يَزَالُوا مُرْتَدِّينَ عَلَى أَعْقَابِهِمْ مُنْذُ فَارَقْتَهُمْ) هَذَا بَيَانٌ لِقَوْلِهِ مَا أَحْدَثُوا بَعْدَكَ

قَالَ النَّوَوِيُّ هَذَا مِمَّا اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي الْمُرَادِ عَلَى أَقْوَالٍ

أَحَدُهَا أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ الْمُنَافِقُونَ وَالْمُرْتَدُّونَ فَيَجُوزُ أَنْ يُحْشَرُوا بِالْغُرَّةِ وَالتَّحْجِيلِ فَيُنَادِيهِمُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلسِّيمَا الَّتِي عَلَيْهِمْ فَيُقَالُ لَيْسَ هَؤُلَاءِ مِمَّنْ وُعِدْتَ بِهِمْ

إِنَّ هَؤُلَاءِ بَدَّلُوا بَعْدَكَ أَيْ لَمْ يَمُوتُوا عَلَى مَا ظَهَرَ مِنْ إِسْلَامِهِمْ

وَالثَّانِي أَنَّ الْمُرَادَ مَنْ كَانَ فِي زَمَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ ارْتَدَّ بَعْدَهُ فَيُنَادِيهِمُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِمْ سِيمَا الْوُضُوءِ لَمَا كَانَ يَعْرِفُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَيَاتِهِ مِنْ إِسْلَامِهِمْ فَيُقَالُ ارْتَدُّوا بَعْدَكَ

وَالثَّالِثُ أن المراد أصحاب المعاصي الكبائر الَّذِينَ مَاتُوا عَلَى التَّوْحِيدِ وَأَصْحَابُ الْبِدَعِ الَّذِينَ لَمْ يَخْرُجُوا بِبِدْعَتِهِمْ عَنِ الْإِسْلَامِ

وَعَلَى هَذَا الْقَوْلِ لَا يُقْطَعُ لِهَؤُلَاءِ الَّذِينَ يُذَادُونَ بِالنَّارِ بَلْ يَجُوزُ أَنْ يُذَادُوا عُقُوبَةً لَهُمْ ثُمَّ يَرْحَمُهُمُ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى فَيُدْخِلُهُمُ الْجَنَّةَ بِغَيْرِ عَذَابٍ

قَالَ أَصْحَابُ هَذَا الْقَوْلِ وَلَا يَمْتَنِعُ أَنْ يَكُونَ لَهُمْ غُرَّةٌ وَتَحْجِيلٌ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ كَانُوا فِي زَمَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَبَعْدَهُ لَكِنْ عَرَفَهُمْ بِالسِّيمَا وَقَالَ الحافظ بن عَبْدِ الْبَرِّ كُلُّ مَنْ أَحْدَثَ فِي الدِّينِ فَهُوَ مِنَ الْمَطْرُودِينَ عَنِ الْحَوْضِ كَالْخَوَارِجِ وَالرَّوَافِضِ وَسَائِرِ أَصْحَابِ الْهَوَى

قَالَ وَكَذَلِكَ الظُّلْمَةُ الْمُتْرَفُونَ فِي الْجَوْرِ وَطَمْسِ الْحَقِّ وَالْمُعَادُونَ بِالْكَبَائِرِ قَالَ وَكُلُّ هَؤُلَاءِ يُخَافُ عَلَيْهِمْ أَنْ يَكُونُوا مِمَّنْ عَنَوْا بِهَذَا الْخَبَرِ انْتَهَى كَلَامُ النَّوَوِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ (فَأَقُولُ كَمَا قَالَ الْعَبْدُ الصَّالِحُ) أَيْ عِيسَى عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ (إِنْ تُعَذِّبْهُمْ إِلَخْ) وَفِي الْمِشْكَاةِ (وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَا دُمْتُ فيهم إِلَى قَوْلِهِ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) وَهَذِهِ الْآيَةُ فِي آخر سورة المائدة

وحديث بن عَبَّاسٍ هَذَا أَخْرَجَهُ الشَّيْخَانِ أَيْضًا

[٢٤٢٤] قَوْلُهُ (إِنَّكُمْ تُحْشَرُونَ رِجَالًا) بِكَسْرِ الرَّاءِ جَمْعُ رَاجِلٍ أَيْ مُشَاةً (وَرُكْبَانًا) أَيْ عَلَى النُّوقِ

<<  <  ج: ص:  >  >>