للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَجَوَابُهُ لِأَنَسٍ كيلا ييأس انتهى

قال القارىء فِيهِ أَنَّهُ خَادِمِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَهُوَ مَحَلُّ الِاتِّكَالِ أَيْضًا مَعَ أَنَّ الْيَأْسَ غَيْرُ مُلَائِمٍ لَهَا أَيْضًا فَالْأَوْجَهُ أَنْ يُقَالَ إِنَّ الْحَدِيثَ الْأَوَّلَ مَحْمُولٌ عَلَى الْغَائِبِينَ فَلَا أَحَدٌ يَذْكُرُ أَحَدًا مِنْ أَهْلِهِ الْغُيَّبِ وَالْحَدِيثُ الثَّانِي مَحْمُولٌ عَلَى مَنْ حَضَرَهُ مِنْ أُمَّتِهِ انْتَهَى (قَالَ اطْلُبْنِي أَوَّلَ مَا تَطْلُبُنِي) أَيْ فِي أَوَّلِ طَلَبِكَ إِيَّايَ (عَلَى الصِّرَاطِ) فَمَا مَصْدَرِيَّةٌ وَأَوَّلُ نُصِبَ عَلَى الظَّرْفِيَّةِ

وَقَالَ الطِّيبِيُّ نَصَبَهُ عَلَى الْمَصْدَرِيَّةِ (قَالَ فَاطْلُبْنِي عِنْدَ الْمِيزَانِ) فِيهِ إِيذَانٌ بِأَنَّ الْمِيزَانَ بَعْدَ الصراط (فإني لا أخطيء) بضم همز وَكَسْرِ الطَّاءِ بَعْدَهَا هَمْزٌ أَيْ لَا أَتَجَاوَزُ

وَالْمَعْنَى أَنِّي لَا أَتَجَاوَزُ هَذِهِ الْمَوَاطِنَ الثَّلَاثَةَ وَلَا أَحَدٌ يَفْقِدُنِي فِيهِنَّ جَمِيعِهِنَّ فَلَا بُدَّ أَنْ تَلْقَانِي فِي مَوْضِعٍ مِنْهُنَّ

وَالْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْحَوْضَ بَعْدَ الصِّرَاطِ وَإِلَى ذَلِكَ أَشَارَ الْبُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ

قَالَ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ إِيرَادُ الْبُخَارِيِّ لِأَحَادِيثِ الْحَوْضِ بَعْدَ أَحَادِيثِ الشَّفَاعَةِ وَبَعْدَ نَصْبِ الصِّرَاطِ إِشَارَةٌ مِنْهُ إِلَى أَنَّ الْوُرُودَ عَلَى الْحَوْضِ يَكُونُ بَعْدَ نَصْبِ الصِّرَاطِ وَالْمُرُورِ عَلَيْهِ ثُمَّ ذَكَرَ حَدِيثَ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ الْمَذْكُورِ فِي هَذَا الْبَابِ ثُمَّ قَالَ وَقَدِ اسْتَشْكَلَ كَوْنُ الْحَوْضِ بَعْدَ الصِّرَاطِ بِمَا ثَبَتَ أَنَّ جَمَاعَةً يُدْفَعُونَ عَنِ الْحَوْضِ بَعْدَ أَنْ يَكَادُوا يَرِدُونَ وَيُذْهَبُ بِهِمْ إِلَى النَّارِ

وَوَجْهُ الْإِشْكَالِ أَنَّ الَّذِي يَمُرُّ عَلَى الصِّرَاطِ إِلَى أَنْ يَصِلَ إِلَى الْحَوْضِ يَكُونُ قَدْ نَجَا مِنَ النَّارِ فَكَيْفَ يُرَدُّ إِلَيْهَا وَيُمْكِنُ أَنْ يُحْمَلَ عَلَى أَنَّهُمْ يُقَرَّبُونَ مِنَ الْحَوْضِ بِحَيْثُ يَرَوْنَهُ وَيَرَوْنَ النَّارَ فَيُدْفَعُونَ إِلَى النَّارِ قَبْلَ أَنْ يَخْلُصُوا مِنْ بَقِيَّةِ الصِّرَاطِ

وَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْقُرْطُبِيُّ فِي التَّذْكِرَةِ ذَهَبَ صَاحِبُ الْقُوتِ وَغَيْرُهُ إِلَى أَنَّ الْحَوْضَ يَكُونُ بَعْدَ الصِّرَاطِ

وَذَهَبَ آخَرُونَ إِلَى الْعَكْسِ

وَالصَّحِيحُ أَنَّ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَوْضَيْنِ أَحَدُهُمَا فِي الْمَوْقِفِ قَبْلَ الصِّرَاطِ

وَالْآخَرُ داخل الجنة وكل منهما يسمى كوثر انْتَهَى

وَقَدْ تَعَقَّبَ الْحَافِظُ عَلَى الْقُرْطُبِيِّ فِي قَوْلِهِ وَالصَّحِيحُ أَنَّ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَوْضَيْنِ إِلَخْ وَبَسَطَ الْكَلَامَ فِيهِ

قَوْلُهُ (هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ) وَأَخْرَجَهُ أَحْمَدُ

<<  <  ج: ص:  >  >>