للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ مِقْسَمٍ عَنْ جَابِرٍ قَالَ بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بعثا إلى أرض جهينة فذكره الْقِصَّةَ (فَقِيلَ لَهُ) أَيْ لِجَابِرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ (يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ) هَذَا كُنْيَةُ جَابِرٍ (وَأَيْنَ كَانَتْ تَقَعُ التَّمْرَةُ مِنَ الرَّجُلِ) وَفِي رِوَايَةِ الْبُخَارِيِّ فَقُلْتُ مَا تُغْنِي عَنْكُمْ تَمْرَةٌ

قَالَ الْحَافِظُ هُوَ صَرِيحٌ فِي أَنَّ السَّائِلَ عَنْ ذَلِكَ وَهْبُ بْنُ كَيْسَانَ (قَالَ لقد وجدنا فقدها) أي موثرا

قَالَ النَّوَوِيُّ وَفِي هَذَا بَيَانُ مَا كَانَ الصَّحَابَةُ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ عَلَيْهِ مِنَ الزُّهْدِ فِي الدُّنْيَا وَالتَّقَلُّلِ مِنْهَا وَالصَّبْرِ عَلَى الْجُوعِ وَخُشُونَةِ الْعَيْشِ وَإِقْدَامِهِمْ عَلَى الْغَزْوِ مَعَ هذا الحال (فإذا نحن بحوت) هواسم جِنْسٍ لِجَمِيعِ السَّمَكِ وَقِيلَ هُوَ مَخْصُوصٌ بِمَا عَظُمَ مِنْهَا (قَدْ قَذَفَهُ الْبَحْرُ) أَيْ رَمَاهُ وَفِي رِوَايَةٍ لِلْبُخَارِيِّ فَأَلْقَى الْبَحْرُ حُوتًا مَيِّتًا لَمْ يُرَ مِثْلُهُ يُقَالُ لَهُ الْعَنْبَرُ

وَفِي رِوَايَةٍ أُخْرَى لَهُ فَإِذَا حُوتٌ مِثْلُ الظَّرِبِ وَهُوَ بِفَتْحِ الظَّاءِ الْمُعْجَمَةِ وَكَسْرِ الرَّاءِ بَعْدَهَا مُوَحَّدَةٌ الْجَبَلُ الصَّغِيرُ (فَأَكَلْنَا مِنْهُ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ يَوْمًا مَا أَحْبَبْنَا) مَا مَوْصُولَةٌ

وَفِي رِوَايَةٍ لِمُسْلِمٍ فَأَقَمْنَا عَلَيْهِ شَهْرًا وَنَحْنُ ثَلَاثُمِائَةٍ حَتَّى سَمِنَّا

وَفِي رِوَايَةٍ أُخْرَى لَهُ فَأَكَلْنَا مِنْهَا نِصْفَ شَهْرٍ

وَفِي رِوَايَةٍ أُخْرَى لَهُ فَأَكَلَ مِنْهَا الْجَيْشُ ثَمَانِ عَشْرَةَ لَيْلَةً

قَالَ النَّوَوِيُّ فِي الْجَمْعِ بَيْنَ هَذِهِ الرِّوَايَاتِ الْمُخْتَلِفَةِ مَا لَفْظُهُ طَرِيقُ الْجَمْعِ بَيْنَ الرِّوَايَاتِ أَنَّ مَنْ رَوَى شَهْرًا هُوَ الْأَصْلُ وَمَعَهُ زِيَادَةُ عِلْمٍ وَمَنْ رَوَى دُونَهُ لَمْ يَنْفِ الزِّيَادَةَ وَلَوْ نفاها قدم المثبث وَقَدْ قَدَّمْنَا مَرَّاتٍ أَنَّ الْمَشْهُورَ الصَّحِيحَ عِنْدَ الْأُصُولِيِّينَ أَنَّ مَفْهُومَ الْعَدَدِ لَا حُكْمَ لَهُ

فَلَا يَلْزَمُ مِنْهُ نَفْيَ الزِّيَادَةِ لَوْ لَمْ يُعَارِضْهُ إِثْبَاتُ الزِّيَادَةِ كَيْفَ وَقَدْ عَارَضَهُ فَوَجَبَ قَبُولُ الزِّيَادَةِ وَجَمَعَ الْقَاضِي بَيْنَهُمَا بِأَنَّ مَنْ قَالَ نِصْفَ شَهْرٍ أَرَادَ أَكَلُوا مِنْهُ تِلْكَ الْمُدَّةَ طَرِيًّا وَمَنْ قَالَ شَهْرًا أَرَادَ أَنَّهُمْ قَدَّدُوهُ فَأَكَلُوا مِنْهُ بَقِيَّةَ الشَّهْرِ قَدِيدًا انْتَهَى

قَالَ الْحَافِظُ وَيُجْمَعُ بَيْنَ هَذَا الِاخْتِلَافِ بِأَنَّ الذي قال ثمان عشر ضَبَطَ مَا لَمْ يَضْبِطْهُ غَيْرُهُ وَأَنَّ مَنْ قَالَ نِصْفَ شَهْرٍ أَلْغَى الْكَسْرَ الزَّائِدَ وَهُوَ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ وَمَنْ قَالَ شَهْرًا جَبَرَ الْكَسْرَ أَوْ ضَمَّ بَقِيَّةَ الْمُدَّةِ الَّتِي كَانَتْ قَبْلَ وِجْدَانِهِمُ الْحُوتَ إِلَيْهَا

قَالَ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ الْحَاكِمِ اثْنَيْ عَشَرَ يَوْمًا وَهِيَ شَاذَّةٌ انْتَهَى وَالْحَدِيثُ هَكَذَا أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ مُخْتَصَرًا وَأَخْرَجَهُ الشَّيْخَانِ مُطَوَّلًا وَفِي آخِرِ الْحَدِيثِ فَلَمَّا قَدِمْنَا الْمَدِينَةَ ذَكَرْنَا ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ كُلُوا رِزْقًا أَخْرَجَهُ اللَّهُ أَطْعِمُونَا إِنْ كَانَ مَعَكُمْ فَأَتَاهُ بَعْضُهُمْ فَأَكَلَهُ

وَقَدِ اسْتُدِلَّ بِهَذَا الْحَدِيثِ عَلَى جَوَازِ أَكْلِ السَّمَكِ الطَّافِي قَالَ النَّوَوِيُّ وَأَمَّا السَّمَكُ

<<  <  ج: ص:  >  >>