وَأَنَّهُمْ خَلَّفُوا وَرَاءَهُمْ أَوْقَاتَ الدُّعَاءِ وَالتَّضَرُّعِ وَعَطَّلُوا الأسباب التي يستجيب سَلْ رَبَّكَ دَاعِيًا لِيَحْكُمَ بِالْمَوْتِ (عَلَيْنَا رَبُّكَ) لِنَسْتَرِيحَ أَوْ مِنْ قَضَى عَلَيْهِ إِذَا أَمَاتَهُ فَالْمَعْنَى لِيُمِتْنَا رَبُّكَ فَنَسْتَرِيحَ (قَالَ) أَيِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (فَيُجِيبُهُمْ) أَيْ مَالِكٌ جَوَابًا مِنْ عِنْدِ نَفْسِهِ أَوْ مِنْ عِنْدِ ربه تعالى بقوله (إنكم ماكثون) أَيْ مُكْثًا مُخَلَّدًا (قَالَ الْأَعْمَشُ نُبِّئْتُ) بِتَشْدِيدِ الْمُوَحَّدَةِ الْمَكْسُورَةِ أَيْ أُخْبِرْتُ (أَنَّ بَيْنَ دُعَائِهِمْ وَبَيْنَ إِجَابَةِ مَالِكٍ إِيَّاهُمْ) أَيْ بِهَذَا الْجَوَابِ (قَالَ فَيَقُولُونَ) أَيْ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ (فَلَا أَحَدَ) أَيْ فَلَيْسَ أَحَدٌ (خَيْرٌ مِنْ رَبِّكُمْ) أَيْ فِي الرَّحْمَةِ وَالْقُدْرَةِ عَلَى الْمَغْفِرَةِ غَلَبَتْ عَلَيْنَا شقوتنا بِكَسْرٍ فَسُكُونٍ وَفِي قِرَاءَةٍ بِفَتْحَتَيْنِ وَأَلِفٍ بَعْدَهُمَا وَهُمَا لُغَتَانِ بِمَعْنًى ضِدُّ السَّعَادَةِ
وَالْمَعْنَى سَبَقَتْ عَلَيْنَا هَلَكَتُنَا الْمُقَدَّرَةُ بِسُوءِ خَاتِمَتِنَا وَكُنَّا قَوْمًا ضالين عَنْ طَرِيقِ التَّوْحِيدِ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْهَا فَإِنْ عدنا فإنا ظالمون وَهَذَا كَذِبٌ مِنْهُمْ فَإِنَّهُ تَعَالَى قَالَ وَلَوْ ردوا لعادوا لما نهوا عنه إنهم لكاذبون (قَالَ فَيُجِيبُهُمْ) أَيِ اللَّهُ بِوَاسِطَةٍ أَوْ بِغَيْرِهَا إجابة إعراض (اخسؤوا فيها) أَيْ ذِلُّوا وَانْزَجِرُوا كَمَا يَنْزَجِرُ الْكِلَابُ إِذَا زُجِرَتْ
وَالْمَعْنَى ابْعُدُوا أَذِلَّاءَ فِي النَّارِ وَلَا تكلمون أَيْ لَا تَكَلَّمُونِي فِي رَفْعِ الْعَذَابِ فَإِنَّهُ لَا يُرْفَعُ وَلَا يُخَفَّفُ عَنْكُمْ (قَالَ فَعِنْدَ ذَلِكَ يَئِسُوا) أَيْ قَنِطُوا (مِنْ كُلِّ خَيْرٍ) أَيْ مِمَّا يُنَجِّيهِمْ مِنَ الْعَذَابِ أَوْ يُخَفِّفُهُ عَنْهُمْ (وَعِنْدَ ذَلِكَ) أَيْ أَيْضًا (يَأْخُذُونَ فِي الزَّفِيرِ) قِيلَ الزَّفِيرُ أَوَّلُ صَوْتِ الْحِمَارِ كَمَا أَنَّ الشَّهِيقَ آخِرُ صَوْتِهِ
قَالَ تَعَالَى لَهُمْ فيها زفير وشهيق وَقَالَ الْمُنْذِرِيُّ فِي التَّرْغِيبِ الشَّهِيقُ فِي الصَّدْرِ والزفير في الحلق
وقال بن فَارِسٍ الشَّهِيقُ ضِدُّ الزَّفِيرِ لِأَنَّ الشَّهِيقَ رَدُّ النَّفْسِ وَالزَّفِيرَ إِخْرَاجُ النَّفْسِ
وَرَوَى الْبَيْهَقِيُّ عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ صَالِحٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طلحة عن بن عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute