للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَوْلُهُ (اشْتَكَتِ النَّارُ إِلَى رَبِّهَا وَقَالَتْ أَكَلَ بَعْضِي بَعْضًا) قَالَ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ قَدِ اخْتُلِفَ فِي هَذِهِ الشَّكْوَى هَلْ هِيَ بِلِسَانِ الْقَالِ أَوْ بِلِسَانِ الْحَالِ وَاخْتَارَ كُلًّا طَائِفَةٌ

وقال بن عَبْدِ الْبَرِّ لِكِلَا الْقَوْلَيْنِ وَجْهٌ وَنَظَائِرُ وَالْأَوَّلُ أَرْجَحُ وَقَالَ عِيَاضٌ إِنَّهُ الْأَظْهَرُ وَقَالَ الْقُرْطُبِيُّ لَا إِحَالَةَ فِي حَمْلِ اللَّفْظِ عَلَى حَقِيقَتِهِ قَالَ وَإِذَا أَخْبَرَ الصَّادِقُ بِأَمْرٍ جَائِزٍ لَمْ يُحْتَجْ إِلَى تَأْوِيلِهِ فَحَمْلُهُ عَلَى حَقِيقَتِهِ أَوْلَى

وَقَالَ النَّوَوِيُّ نَحْوَ ذَلِكَ ثُمَّ قَالَ حَمْلُهُ عَلَى حَقِيقَتِهِ هُوَ الصَّوَابُ وَقَالَ نَحْوَ ذَلِكَ التُّورْبَشْتِيُّ وَرَجَّحَ الْبَيْضَاوِيُّ حَمْلَهُ عَلَى الْمَجَازِ فَقَالَ شَكَوَاهَا مَجَازٌ عَنْ غَلَيَانِهَا وَأَكْلُهَا بَعْضِهَا بَعْضًا مَجَازٌ عَنِ ازْدِحَامِ أَجْزَائِهَا وَتَنَفُّسُهَا مَجَازٌ عَنْ خُرُوجِ مَا يَبْرُزُ مِنْهَا

وَقَالَ الزَّيْنُ بْنُ الْمُنِيرِ الْمُخْتَارُ حَمْلُهُ عَلَى الْحَقِيقَةِ لِصَلَاحِيَةِ الْقُدْرَةِ لِذَلِكَ وَلِأَنَّ اسْتِعَارَةَ الْكَلَامِ لِلْحَالِ وَإِنْ عُهِدَتْ وَسُمِعَتْ لَكِنَّ الشَّكْوَى وَتَفْسِيرَهَا وَالتَّعْلِيلَ لَهُ وَالْإِذْنَ وَالْقَبُولَ وَالتَّنَفُّسَ وَقَصْرَهُ عَلَى اثْنَيْنِ فَقَطْ بَعِيدٌ مِنَ الْمَجَازِ خَارِجٌ عَمَّا أُلِفَ مِنَ اسْتِعْمَالِهِ انْتَهَى مَا فِي الْفَتْحِ (فَجَعَلَ لَهَا نَفَسَيْنِ) بِفَتْحِ الْفَاءِ وَالنَّفَسُ مَعْرُوفٌ وَهُوَ مَا يَخْرُجُ مِنَ الْجَوْفِ وَيَدْخُلُ فِيهِ مِنَ الْهَوَاءِ (فَأَمَّا نَفَسُهَا فِي الشِّتَاءِ فَزَمْهَرِيرٌ) قَالَ الْحَافِظُ

الْمُرَادُ بِالزَّمْهَرِيرِ شِدَّةُ الْبُرْدِ وَاسْتُشْكِلَ وُجُودُهُ فِي النَّارِ وَلَا إِشْكَالَ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِالنَّارِ مَحَلُّهَا وَفِيهَا طَبَقَةٌ زَمْهَرِيرِيَّةٌ

وَفِي الْحَدِيثِ رَدٌّ عَلَى مَنْ زَعَمَ مِنَ الْمُعْتَزِلَةِ وَغَيْرِهِمْ أَنَّ النَّارَ لَا تُخْلَقُ إِلَّا يَوْمَ الْقِيَامَةِ انْتَهَى (أَمَّا نَفَسُهَا فِي الصَّيْفِ فَسَمُومٌ) بِفَتْحِ السِّينِ الرِّيحُ الْحَارَّةُ تَكُونُ غَالِبًا بِالنَّهَارِ

قَوْلُهُ (هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ) وَأَخْرَجَهُ الشَّيْخَانِ

[٢٥٩٣] قَوْلُهُ (قَالَ هِشَامٌ) أَيْ فِي حَدِيثِهِ (يَخْرُجُ) قَالَ الْحَافِظُ بِفَتْحِ أَوَّلِهِ وَضَمِّ الرَّاءِ وَيُرْوَى بِالْعَكْسِ وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُهُ فِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى أَخْرِجُوا (وَقَالَ شُعْبَةُ) أَيْ فِي حَدِيثِهِ (أَخْرِجُوا) بِصِيغَةِ الْأَمْرِ مِنَ الْإِخْرَاجِ (مَنْ قَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ)

قَالَ الْحَافِظُ فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى اشْتِرَاطِ النُّطْقِ

<<  <  ج: ص:  >  >>