للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَوْلُهُ (هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ) وَأَخْرَجَهُ الشَّيْخَانِ

[٢٦٠٧] قَوْلُهُ (لَمَّا تُوُفِّيَ) بِصِيغَةِ الْمَجْهُولِ (وَاسْتُخْلِفَ) بِصِيغَةِ الْمَجْهُولِ أَيْضًا أَيْ جُعِلَ خَلِيفَةً (بَعْدَهُ) أَيْ بَعْدَ وَفَاتِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (كَفَرَ مَنْ كَفَرَ) قَالَ الْخَطَّابِيُّ زَعَمَ الرَّوَافِضُ أَنَّ هَذَا الْحَدِيثَ مُتَنَاقِضٌ لِأَنَّ فِي أَوَّلِهِ أَنَّهُمْ كَفَرُوا وَفِي آخِرِهِ أَنَّهُمْ ثَبَتُوا عَلَى الْإِسْلَامِ إِلَّا أَنَّهُمْ مَنَعُوا الزَّكَاةَ فَإِنْ كَانُوا مُسْلِمِينَ فَكَيْفَ اسْتَحَلَّ قِتَالَهُمْ وَسَبْيَ ذَرَارِيِّهِمْ وَإِنْ كَانُوا كفار فَكَيْفَ احْتَجَّ عَلَى عُمَرَ بِالتَّفْرِقَةِ بَيْنَ الصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ فَإِنَّ فِي جَوَابِهِ إِشَارَةً إِلَى أَنَّهُمْ كَانُوا مُقِرِّينَ بِالصَّلَاةِ

قَالَ وَالْجَوَابُ عَنْ ذَلِكَ إِنَّ الَّذِينَ نُسِبُوا إِلَى الرِّدَّةِ كَانُوا صِنْفَيْنِ صِنْفٌ رَجَعُوا إِلَى عِبَادَةِ الْأَوْثَانِ وَصِنْفٌ مَنَعُوا الزَّكَاةَ وَتَأَوَّلُوا قَوْلَهُ تَعَالَى (خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صلاتك سكن لهم) فَزَعَمُوا أَنَّ دَفْعَ الزَّكَاةِ خَاصٌّ بِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَنَّ غَيْرَهُ لَا يُطَهِّرُهُمْ وَلَا يُصَلِّي عَلَيْهِمْ فَكَيْفَ تَكُونُ صَلَاتُهُ سَكَنًا لَهُمْ وَإِنَّمَا أَرَادَ عُمَرُ بِقَوْلِهِ تُقَاتِلُ النَّاسَ الصِّنْفَ الثَّانِيَ لِأَنَّهُ لَا يَتَرَدَّدُ فِي جَوَازِ قِتَالِ الصِّنْفِ الْأَوَّلِ كَمَا أَنَّهُ لَا يَتَرَدَّدُ فِي قِتَالِ غَيْرِهِمْ مِنْ عُبَّادِ الْأَوْثَانِ وَالنِّيرَانِ وَالْيَهُودِ وَالنَّصَارَى

قَالَ وَكَأَنَّهُ لَمْ يَسْتَحْضِرْ مِنَ الْحَدِيثِ إِلَّا الْقَدْرَ الَّذِي ذَكَرَهُ وَقَدْ حَفِظَ غَيْرَهُ فِي الصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ مَعًا

وَقَدْ رَوَاهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يَعْقُوبَ بِلَفْظِ يَعُمُّ جَمِيعَ الشَّرِيعَةِ حَيْثُ قَالَ فِيهَا وَيُؤْمِنُوا بِي وَبِمَا جِئْتُ بِهِ

فَإِنَّ مُقْتَضَى ذَلِكَ أَنَّ مَنْ جَحَدَ شَيْئًا مِمَّا جَاءَ بِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَدَعَا إِلَيْهِ فَامْتَنَعَ وَنَصَبَ الْقِتَالَ أنه يجب قتاله وقتله إذا أمر

قَالَ وَإِنَّمَا عَرَضَتِ الشُّبْهَةُ لِمَا دَخَلَهُ مِنَ الِاخْتِصَارِ وَكَأَنَّ رَاوِيَهُ لَمْ يَقْصِدْ سِيَاقَ الْحَدِيثِ عَلَى وَجْهِهِ وَإِنَّمَا أَرَادَ سِيَاقَ مُنَاظَرَةِ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَاعْتَمَدَ عَلَى مَعْرِفَةِ السَّامِعِينَ بِأَصْلِ الْحَدِيثِ

كَذَا ذَكَرَ الْحَافِظُ كَلَامَ الْخَطَّابِيِّ مُلَخَّصًا ثُمَّ قَالَ وَفِي هَذَا الْجَوَابِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ عِنْدَ عُمَرَ فِي الْحَدِيثِ حَتَّى يُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ مَا اسْتَشْكَلَ قِتَالَهُمْ لِلتَّسْوِيَةِ فِي كَوْنِ غَايَةِ الْقِتَالِ تَرْكِ كُلٍّ مِنَ التَّلَفُّظِ بِالشَّهَادَتَيْنِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ

قال عياض حديث بن عُمَرَ نَصَّ فِي قِتَالِ مَنْ لَمْ يُصَلِّ وَلَمْ يُزَكِّ كَمَنْ لَمْ يُقِرَّ بِالشَّهَادَتَيْنِ وَاحْتِجَاجُ عُمَرَ عَلَى أَبِي بَكْرٍ وَجَوَابُ أَبِي بَكْرٍ دَلَّ عَلَى أَنَّهُمَا لَمْ يَسْمَعَا فِي الْحَدِيثِ الصَّلَاةَ وَالزَّكَاةَ إِذْ لَوْ سَمِعَهُ عُمَرُ لَمْ يحتج على

<<  <  ج: ص:  >  >>