للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ بَيْنَمَا نَحْنُ نَخْرُجُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ وَقَدْ أَصَابَنَا الْحَرُّ فَتَفَرَّقَ الْقَوْمُ فَإِذَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَقْرَبُهُمْ مِنِّي فَدَنَوْتُ مِنْهُ وَقُلْتُ (أَخْبِرْنِي بِعَمَلٍ يُدْخِلُنِي الْجَنَّةَ) بِرَفْعِ يُدْخِلُ عَلَى أَنَّهُ صِفَةُ عَمَلٍ إِمَّا مُخَصِّصَةٌ أَوْ مَادِحَةٌ أَوْ كَاشِفَةٌ فَإِنَّ الْعَمَلَ إِذَا لَمْ يَكُنْ بِهَذِهِ الْحَيْثِيَّةِ كَأَنَّهُ لَا عَمَلَ وَقِيلَ بِالْجَزْمِ وَفِيهِ تَكَلُّفٌ (عَنْ عَظِيمٍ) أَيْ عَنْ عَمَلٍ عَظِيمٍ فِعْلُهُ عَلَى النُّفُوسِ (وَإِنَّهُ لَيَسِيرٌ) أَيْ هَيِّنٌ سَهْلٌ (عَلَى مَنْ يَسَّرَهُ اللَّهُ) أَيْ جَعَلَهُ سَهْلًا (تَعْبُدُ اللَّهَ) إِمَّا بِمَعْنَى الْأَمْرِ وَكَذَا مَا بَعْدَهُ وَإِمَّا خَبَرُ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ تَعْوِيلًا عَلَى أَقْوَى الدَّلِيلَيْنِ أَيْ هُوَ أَنْ تَعْبُدَ أَيِ الْعَمَلُ الَّذِي يُدْخِلُكَ الْجَنَّةَ عِبَادَتُكُ اللَّهَ بِحَذْفِ أَنْ أَوْ تَنْزِيلُ الْفِعْلِ مَنْزِلَةَ الْمَصْدَرِ وَعَدَلَ عَنْ صِيغَةِ الْأَمْرِ تَنْبِيهًا عَلَى أَنَّ الْمَأْمُورَ كَأَنَّهُ مُتَسَارِعٌ إِلَى الِامْتِثَالِ وَهُوَ يُخْبِرُ عَنْهُ إِظْهَارًا لِرَغْبَتِهِ فِي وُقُوعِهِ وَفَصَلَهُ عَنِ الْجُمْلَةِ الْأُولَى لِكَوْنِهِ بَيَانًا أَوِ اسْتِئْنَافًا (أَلَا أَدُلُّكَ عَلَى أَبْوَابِ الْخَيْرِ) أَيِ الطُّرُقِ الْمُوَصِّلَةِ بِهِ (الصَّوْمُ جُنَّةٌ) بِضَمِّ الْجِيمِ التُّرْسُ أَيْ مَانِعٌ مِنَ النَّارِ أَوْ مِنَ الْمَعَاصِي بِكَسْرَةِ الشَّهْوَةِ وَضَعْفِ الْقُوَّةِ

وَقَالَ فِي النِّهَايَةِ الصَّوْمُ جُنَّةٌ أَيْ يَقِي صَاحِبَهُ مَا يُؤْذِيهِ مِنَ الشَّهَوَاتِ وَالْجُنَّةُ الْوِقَايَةُ انتهى

(والصدقة تطفىء الْخَطِيئَةَ) مِنَ الْإِطْفَاءِ أَيْ تُذْهِبُهَا وَتَمْحُو أَثَرَهَا أَيْ إِذَا كَانَتْ مُتَعَلِّقَةً بِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى وَإِذَا كَانَتْ مِنْ حُقُوقِ الْعِبَادِ فَتُدْفَعُ تِلْكَ الْحَسَنَةُ إِلَى خَصْمِهِ عِوَضًا عَنْ مَظْلِمَتِهِ (وَصَلَاةُ الرَّجُلِ مِنْ جَوْفِ اللَّيْلِ) مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ مَحْذُوفٌ أي كذلك يعني تطفي الْخَطِيئَةَ

أَوْ هِيَ مِنْ أَبْوَابِ الْخَيْرِ وَالْأَوَّلُ أظهر

قال القاضي وقيل الأظهر أن بقدر الْخَبَرُ وَهُوَ شِعَارُ الصَّالِحِينَ كَمَا فِي جَامِعِ الأصول ذكره القارىء (ثُمَّ تَلَا) أَيْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تتجافى جنوبهم أي تتباعد (عن المضاجع) أي المفارش والمراقد يدعون ربهم بِالصَّلَاةِ وَالذِّكْرِ وَالْقِرَاءَةِ وَالدُّعَاءِ (حَتَّى بَلَغَ يَعْمَلُونَ) بَقِيَّةُ الْآيَةِ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قرة أعين جزاء بما كانوا يعملون (أَلَا أُخْبِرُكَ بِرَأْسِ الْأَمْرِ كُلِّهِ) أَيْ بِأَصْلِ كُلِّ أَمْرٍ (وَعَمُودِهِ) بِفَتْحِ أَوَّلِهِ أَيْ مَا يَقُومُ وَيَعْتَمِدُ عَلَيْهِ (وَذِرْوَةِ سَنَامِهِ) بِكَسْرِ الذَّالِ وَهُوَ الْأَشْهَرُ وَبِضَمِّهَا وَحُكِيَ فَتْحُهَا أَعْلَى الشَّيْءِ

<<  <  ج: ص:  >  >>