للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْعِرْبَاضِ) بِكَسْرِ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ الرَّاءِ بَعْدَهَا مُوَحَّدَةٌ وَآخِرُهُ مُعْجَمَةٌ (بْنِ سَارِيَةَ) السُّلَمِيِّ كُنْيَتُهُ أَبُو نَجِيحٍ صَحَابِيٌّ كَانَ مِنْ أَهْلِ الصُّفَّةِ وَنَزَلَ حِمْصَ

قَوْلُهُ (ذَرَفَتْ) أَيْ دَمَعَتْ (وَوَجِلَتْ) بِكَسْرِ الْجِيمِ أَيْ خَافَتْ (إِنَّ هَذِهِ مَوْعِظَةُ مودع) با ضافة فَإِنَّ الْمُوَدِّعَ بِكَسْرِ الدَّالِ عِنْدَ الْوَدَاعِ لَا يَتْرُكُ شَيْئًا مِمَّا يُهِمُّ الْمُوَدَّعَ بِفَتْحِ الدَّالِ أَيْ كَأَنَّكَ تُوَدِّعُنَا بِهَا لِمَا رَأَى مِنْ مُبَالَغَتِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْمَوْعِظَةِ (فَمَاذَا تَعْهَدُ إِلَيْنَا) أَيْ فَبِأَيِّ شَيْءٍ تُوصِينَا (وَإِنْ عَبْدٌ حَبَشِيٌّ) أَيْ وَإِنْ تَأَمَّرَ عَلَيْكُمْ عَبْدٌ حَبَشِيٌّ كَمَا فِي رِوَايَةِ الْأَرْبَعِينَ لِلنَّوَوِيِّ أَيْ صَارَ أَمِيرًا أَدْنَى الْخَلْقِ فَلَا تَسْتَنْكِفُوا عَنْ طَاعَتِهِ أَوْ لَوِ اسْتَوْلَى عَلَيْكُمْ عَبْدٌ حَبَشِيٌّ فَأَطِيعُوهُ مَخَافَةَ إِثَارَةِ الْفِتَنِ وَوَقَعَ فِي بَعْضِ نُسَخِ أَبِي دَاوُدَ وَإِنْ عَبْدًا حَبَشِيًّا بِالنَّصْبِ أَيْ وَإِنْ كَانَ الْمُطَاعُ عَبْدًا حَبَشِيًّا

قَالَ الْخَطَّابِيُّ يُرِيدُ بِهِ طَاعَةَ مَنْ وَلَّاهُ الإمام عليكم وإن كان عبدا حبشا وَلَمْ يُرِدْ بِذَلِكَ أَنْ يَكُونَ الْإِمَامُ عَبْدًا حَبَشِيًّا وَقَدْ ثَبَتَ عَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ الْأَئِمَّةُ مِنْ قُرَيْشٍ وَقَدْ يُضْرَبُ الْمَثَلُ فِي الشَّيْءِ بِمَا لَا يَكَادُ يَصِحُّ فِي الْوُجُودِ كَقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ بَنَى لِلَّهِ مَسْجِدًا وَلَوْ مِثْلَ مَفْحَصِ قَطَاةٍ بَنَى اللَّهُ لَهُ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ وَقَدْرُ مَفْحَصِ الْقَطَاةِ لَا يَكُونُ مَسْجِدًا لِشَخْصٍ آدَمِيٍّ وَنَظَائِرُ هَذَا الْكَلَامِ كَثِيرَةٌ (وَإِيَّاكُمْ وَمُحْدَثَاتِ الْأُمُورِ إِلَخْ) وَفِي رِوَايَةِ أَبِي دَاوُدَ وَإِيَّاكُمْ وَمُحْدَثَاتِ الْأُمُورِ فَإِنَّ كُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ وكل بدعه ضلالة

قال الحافظ بن رَجَبٍ فِي كِتَابِ جَامِعِ الْعُلُومِ وَالْحِكَمِ فِيهِ تَحْذِيرٌ لِلْأُمَّةِ مِنَ اتِّبَاعِ الْأُمُورِ الْمُحْدَثَةِ الْمُبْتَدَعَةِ وَأَكَّدَ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ كُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ وَالْمُرَادُ بِالْبِدْعَةِ مَا أُحْدِثَ مِمَّا لَا أَصْلَ لَهُ فِي الشَّرِيعَةِ يَدُلُّ عَلَيْهِ وَأَمَّا مَا كَانَ لَهُ أَصْلٌ مِنَ الشَّرْعِ يَدُلُّ عَلَيْهِ فَلَيْسَ بِبِدْعَةٍ شَرْعًا وَإِنْ كَانَ بِدْعَةً لُغَةً فَقَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ مِنْ جَوَامِعِ الْكَلِمِ لَا يَخْرُجُ عَنْهُ شَيْءٌ وَهُوَ أَصْلٌ عَظِيمٌ مِنْ أُصُولِ الدِّينِ وَأَمَّا مَا وَقَعَ فِي كَلَامِ السَّلَفِ مِنَ اسْتِحْسَانِ بَعْضِ الْبِدَعِ فَإِنَّمَا ذَلِكَ فِي الْبِدَعِ اللُّغَوِيَّةِ لَا الشَّرْعِيَّةِ فَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي التَّرَاوِيحِ نِعْمَتِ الْبِدْعَةُ هَذِهِ وَرُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ إِنْ كَانَتْ هَذِهِ بِدْعَةً فَنِعْمَتِ الْبِدْعَةُ وَمِنْ ذَلِكَ أَذَانُ الْجُمُعَةِ الْأَوَّلُ زَادَهُ عُثْمَانُ لِحَاجَةِ النَّاسِ إِلَيْهِ وَأَقَرَّهُ عَلِيٌّ وَاسْتَمَرَّ عَمَلُ الْمُسْلِمِينَ عَلَيْهِ وَرُوِيَ عَنِ بن عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ هُوَ بِدْعَةٌ

<<  <  ج: ص:  >  >>