للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مِنْ هَذَيْنِ الْقَائِلَيْنِ لِأَنَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَا يَرْضَيَانِ بِدْعَةً أَيَّ بِدْعَةٍ كَانَتْ وَلَوْ أَرَادَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِخْرَاجَ الْحَسَنَةِ مِنْهَا لَمَا قَالَ فِيمَا تَقَدَّمَ مِنَ الْأَحَادِيثِ كُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ وَكُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ وَكُلَّ ضَلَالَةٍ فِي النَّارِ كَمَا وَرَدَ بِهَذَا اللَّفْظِ فِي حَدِيثٍ آخَرَ بَلْ هَذَا اللَّفْظُ لَيْسَ بِقَيْدٍ فِي الْأَصْلِ هُوَ إِخْبَارٌ عَنِ الْإِنْكَارِ عَلَى الْبِدَعِ وَأَنَّهَا مِمَّا لَا يَرْضَاهُ اللَّهُ وَلَا رَسُولُهُ وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُهُ تَعَالَى رَهْبَانِيَّةً ابْتَدَعُوهَا ما كتبناها عليهم وَأَمَّا ظَنُّ مَصْلَحَةِ الدِّينِ وَتَقْوِيَتِهِ فِيهَا فَمِنْ وَادِي قَوْلِهِ سُبْحَانَهُ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا أَدْرِي مَا مَعْنَى قَوْلِهِ سُبْحَانَهُ (إِنَّ بعض الظن إثم) وَلَا أَدْرِي مَا مَعْنَى قَوْلِهِ تَعَالَى الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لكم الاسلام دينا إِنْ كَانَتْ تِلْكَ الْمَصْلَحَةُ فِي تَرْوِيجِ الْبِدْعَاتِ يالله الْعَجَبَ مِنْ أَمْثَالِ هَذِهِ الْقَالَةِ لَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ فِي إِشَاعَةِ الْبِدَعِ إِمَاتَةَ السُّنَنِ وَفِي إِمَاتَتِهَا إِحْيَاءَ الدِّينِ وَعُلُومِهِ وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إِنَّ دِينَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ كَامِلٌ تَامٌّ غَيْرُ نَاقِصٍ وَلَا يَحْتَاجُ إِلَى شَيْءٍ فِي كَمَالِهِ وَإِتْمَامُهُ وَنُصُوصُهُ مَعَ أَدِلَّةِ السُّنَّةِ الْمُطَهَّرَةِ كَافِيَةٌ وَافِيَةٌ شَافِيَةٌ لِجَمِيعِ الْحَوَادِثِ وَالْقَضَايَا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ انْتَهَى مَا فِي الدِّينِ الْخَالِصِ مُخْتَصَرًا

قُلْتُ قَوْلُهُ بِدْعَةٌ ضَلَالَةٌ يُرْوَى بِالْإِضَافَةِ وَيَجُوزُ أَنْ يُنْصَبَ مَوْصُوفًا وَصِفَةً وَهَذِهِ الصِّفَةُ لَيْسَتْ لِلِاحْتِرَازِ عَنِ الْبِدْعَةِ الْحَسَنَةِ بَلْ هِيَ صِفَةٌ كَاشِفَةٌ لِلْبِدْعَةِ يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ كَمَا فِي رِوَايَةِ أَبِي دَاوُدَ عَنِ الْعِرْبَاضِ بْنِ سَارِيَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ (لَا يَرْضَاهَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ) هَذَا أَيْضًا صِفَةٌ كَاشِفَةٌ بِقَوْلِهِ بِدْعَةٌ

قَوْلُهُ (هذا حديث حسن) وأخرجه بن مَاجَهْ وَالْحَدِيثُ ضَعِيفٌ لِضَعْفِ كَثِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ وَقَدِ اعْتُرِضَ عَلَى تَحْسِينِ التِّرْمِذِيِّ لِحَدِيثِهِ

قَالَ الْمُنْذِرِيُّ فِي التَّرْغِيبِ بَعْدَ نَقْلِ تَحْسِينِ التِّرْمِذِيِّ بَلْ كَثِيرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ مَتْرُوكٌ وَاهٍ وَلَكِنْ لِلْحَدِيثِ شَوَاهِدُ انْتَهَى

قَوْلُهُ (عَنْ أَبِيهِ) هُوَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُثَنَّى بْنِ عَبْدِ اللَّهِ (عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ) هُوَ بن جُدْعَانَ

[٢٦٧٨] قَوْلُهُ (قَالَ لِي) أَيْ وَحْدِي أَوْ مُخَاطِبًا لِي مِنْ بَيْنِ أَصْحَابِي (يَا بُنَيَّ) بضم الباء تصغير بن وَهُوَ تَصْغِيرُ لُطْفٍ وَمَرْحَمَةٍ وَيَدُلُّ عَلَى جَوَازِ هَذَا لِمَنْ لَيْسَ ابْنَهُ وَمَعْنَاهُ اللُّطْفُ وَأَنَّكَ عِنْدِي بِمَنْزِلَةِ وَلَدِي فِي الشَّفَقَةِ (إِنْ قَدَرْتَ) أَيِ اسْتَطَعْتَ وَالْمُرَادُ اجْتَهِدْ قَدْرَ مَا تَقْدِرُ (أَنْ تُصْبِحَ وَتُمْسِيَ) أَيْ تَدْخُلَ فِي

<<  <  ج: ص:  >  >>