يَصْلُحُ حَالُكُمْ فِي الْإِيمَانِ إِلَّا بِالتَّحَابُبِ وَأَمَّا قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا تَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى تُؤْمِنُوا فَهُوَ عَلَى ظَاهِرِهِ وَإِطْلَاقِهِ فَلَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ إِلَّا مَنْ مَاتَ مُؤْمِنًا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ كَامِلَ الْإِيمَانِ فَهَذَا هُوَ الظَّاهِرُ مِنَ الْحَدِيثِ
وَقَالَ الشَّيْخُ أَبُو عَمْرٍو مَعْنَى الْحَدِيثِ لَا يَكْمُلُ إِيمَانُكُمْ إِلَّا بِالتَّحَابُبِ وَلَا تَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ عِنْدَ دُخُولِ أَهْلِهَا إِذَا لَمْ تَكُونُوا كَذَلِكَ
قَالَ النَّوَوِيُّ وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ مُحْتَمَلٌ انْتَهَى (أَفْشُوا السَّلَامَ بَيْنَكُمْ) بِقَطْعِ الْهَمْزَةِ الْمَفْتُوحَةِ مِنَ الْإِفْشَاءِ وَهُوَ الْإِظْهَارُ وَفِيهِ الْحَثُّ الْعَظِيمُ عَلَى إِفْشَاءِ السَّلَامِ وَبَذْلِهِ لِلْمُسْلِمِينَ كُلِّهِمْ مَنْ عَرَفْتَ وَمَنْ لَمْ تَعْرِفْ
قَالَ الطِّيبِيُّ جَعَلَ إِفْشَاءَ السَّلَامِ سَبَبًا لِلْمَحَبَّةِ وَالْمَحَبَّةَ سَبَبًا لِكَمَالِ الْإِيمَانِ لِأَنَّ إِفْشَاءَ السَّلَامِ سَبَبٌ للتحابب والتوادد أَوْ هُوَ سَبَبُ الْأُلْفَةِ وَالْجَمْعِيَّةِ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ الْمُسَبِّبِ لِكَمَالِ الدِّينِ وَإِعْلَاءِ كَلِمَةِ الْإِسْلَامِ وَفِي التَّهَاجُرِ وَالتَّقَاطُعِ التَّفْرِقَةُ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ وَهِيَ سَبَبٌ لانثلام الدين الوهن فِي الْإِسْلَامِ انْتَهَى
قَالَ الْحَافِظُ الْإِفْشَاءُ الْإِظْهَارُ وَالْمُرَادُ نَشْرُ السَّلَامِ بَيْنَ النَّاسِ لِيُحْيُوا سُنَّتَهُ
وَأَخْرَجَ الْبُخَارِيُّ فِي الْأَدَبِ الْمُفْرَدِ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ عن بن عُمَرَ إِذَا سَلَّمْتَ فَأَسْمِعْ فَإِنَّهَا تَحِيَّةٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ
وَنَقَلَ النَّوَوِيُّ عَنِ الْمُتَوَلِّي أَنَّهُ قَالَ يُكْرَهُ إِذَا لَقِيَ جَمَاعَةً أَنْ يَخُصَّ بَعْضَهُمْ بِالسَّلَامِ لِأَنَّ الْقَصْدَ بِمَشْرُوعِيَّةِ السَّلَامِ تَحْصِيلُ الْأُلْفَةِ وَفِي التَّخْصِيصِ إِيحَاشٌ لِغَيْرِ مَنْ خُصَّ بِالسَّلَامِ
قَوْلُهُ (وَفِي الْبَابِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَامٍ وَشُرَيْحِ بْنِ هَانِئٍ عَنْ أَبِيهِ وعبد الله بن عمرو والبراء وأنس وبن عُمَرَ) أَمَّا حَدِيثُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَامٍ فَأَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ قَبْلَ صِفَةِ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ وَأَمَّا حَدِيثُ شُرَيْحِ بْنِ هَانِئٍ عَنْ أَبِيهِ فَأَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ عَنْهُ قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَخْبِرْنِي بِشَيْءٍ يُوجِبُ لِيَ الْجَنَّةَ قَالَ طِيبُ الْكَلَامِ وَبَذْلُ السَّلَامِ وإطعام الطعام
وأخرجه أيضا بن حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ فِي حَدِيثٍ وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ وَأَمَّا حَدِيثُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو فَأَخْرَجَهُ الشيخان وأبو داود والنسائي وبن مَاجَهْ وَلَفْظُ الْبُخَارِيِّ إِنَّ رَجُلًا سَأَلَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيُّ الْإِسْلَامِ خَيْرٌ قَالَ تُطْعِمُ الطَّعَامَ وَتَقْرَأُ السَّلَامَ عَلَى مَنْ عَرَفْتَ وَمَنْ لَمْ تَعْرِفْ
وَأَمَّا حَدِيثُ الْبَرَاءِ فَأَخْرَجَهُ الشَّيْخَانِ
وَأَمَّا حَدِيثُ أَنَسٍ فَأَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ عَنْهُ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ قَالَ كُنَّا إِذَا كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَتُفَرِّقُ بَيْنَنَا شَجَرَةٌ فَإِذَا الْتَقَيْنَا يُسَلِّمُ بَعْضُنَا عَلَى بَعْضٍ
وَرَوَى الْبُخَارِيُّ فِي الْأَدَبِ الْمُفْرَدِ عَنْهُ مَرْفُوعًا السَّلَامُ اسْمٌ مِنْ أَسْمَاءِ اللَّهِ وَضَعَهُ اللَّهُ فِي الْأَرْضِ فَأَفْشُوهُ بَيْنَكُمْ
قَالَ الحافظ سنده حسن
وأما حديث بن عمر فأخرجه بن ماجه