بِصِحَّتِهِ وَلَا مُخَالَفَتُهُ قَدَحٌ فِي صِحَّتِهِ وَلَا فِي رِوَايَتِهِ انْتَهَى قَالَ السُّيُوطِيُّ فِي التَّدْرِيبِ وقال بن كَثِيرٍ فِي الْقِسْمِ الْأَوَّلِ نَظَرٌ إِذَا لَمْ يَكُنْ فِي الْبَابِ غَيْرُ ذَلِكَ الْحَدِيثِ وَتَعَرَّضَ لِلِاحْتِجَاجِ بِهِ فِي فُتْيَاهُ أَوْ حُكْمِهِ أَوِ اسْتَشْهَدَ بِهِ عِنْدَ الْعَمَلِ بِمُقْتَضَاهُ قَالَ الْعِرَاقِيُّ وَالْجَوَابُ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ كَوْنِ ذَلِكَ الْبَابِ لَيْسَ فِيهِ غَيْرُ هَذَا الْحَدِيثِ أَنْ لَا يَكُونَ ثَمَّ دَلِيلٌ آخَرُ مِنْ قِيَاسٍ أَوْ إِجْمَاعٍ وَلَا يَلْزَمُ الْمُفْتِيَ أَوِ الْحَاكِمَ أَنْ يَذْكُرَ جَمِيعَ أَدِلَّتِهِ بَلْ وَلَا بَعْضَهَا
وَلَعَلَّ لَهُ دَلِيلًا آخَرَ وَاسْتَأْنَسَ بِالْحَدِيثِ الْوَارِدِ فِي الْبَابِ وَرُبَّمَا كَانَ يَرَى الْعَمَلَ بِالضَّعِيفِ وَتَقْدِيمَهُ عَلَى الْقِيَاسِ انْتَهَى
وَأَمَّا رَابِعًا فَلِأَنَّ هَذِهِ النُّكْتَةَ لَيْسَتْ بِجَيِّدَةٍ بَلْ هِيَ فَاسِدَةٌ
فَإِنَّ حَاصِلَهَا أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ وُجُودِ الضَّعْفِ فِي الْحَدِيثِ فِي الزَّمَنِ الْمُتَأَخِّرِ وُجُودُهُ فِيهِ فِي الزَّمَنِ الْمُتَقَدِّمِ وَعَلَى هَذَا يَلْزَمُ صِحَّةُ كُلِّ حَدِيثٍ ضَعِيفٍ ثَبَتَ ضَعْفُهُ فِي الزَّمَنِ الْمُتَأَخِّرِ لِضَعْفِ بَعْضِ رُوَاتِهِ
فَإِنَّ الرَّاوِيَ الضَّعِيفَ إِمَّا أَنْ يَكُونَ تَابِعِيًّا أَوْ غَيْرَهُ مِمَّنْ دُونَهُ فَعَلَى الْأَوَّلِ يُقَالُ إِنَّ الْحَدِيثَ كَانَ فِي زَمَنِ الصَّحَابَةِ صَحِيحًا وَالضَّعْفُ إِنَّمَا حَدَثَ فِي زَمَنِ التَّابِعِيِّ وَعَلَى الثَّانِي يُقَالُ إِنَّ الْحَدِيثَ كَانَ صَحِيحًا فِي الزَّمَنِ التَّابِعِيِّ وَالضَّعْفُ إِنَّمَا حَدَثَ فِي زَمَنِ غَيْرِ التَّابِعِيِّ مِمَّنْ دُونَهُ وَاللَّازِمُ بَاطِلٌ فَالْمَلْزُومُ كَذَلِكَ فَتَدَبَّرْ وَتَفَكَّرْ
تَنْبِيهٌ آخَرُ قَالَ الشَّيْخُ الْأَجَلُّ الشَّاهْ وَلِيُّ اللَّهِ فِي الْمُسَوَّى شَرْحِ الْمُوَطَّأِ تَحْتَ أثر بن عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ يَتَيَمَّمُ إِلَى الْمِرْفَقَيْنِ
إِنَّ هذين الحديثين يعني أثر بن عُمَرَ وَحَدِيثَ عَمَّارٍ لَيْسَا مُتَعَارِضَيْنِ عِنْدِي
فَإِنَّ فعل بن عُمَرَ كَمَالُ التَّيَمُّمِ وَفِعْلَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَقَلُّ التَّيَمُّمِ كَمَا أَنَّ لَفْظَ يَكْفِيكَ يُرْشِدُ إِلَيْهِ فَكَمَا أَنَّ أَصْلَ الْوُضُوءِ غَسْلُ الْأَعْضَاءِ مَرَّةً مَرَّةً وَكَمَالَهُ غَسْلُهَا ثَلَاثَ مَرَّاتٍ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ كَذَلِكَ أَصْلُ التَّيَمُّمِ ضَرْبَةٌ وَاحِدَةٌ وَالْمَسْحُ إِلَى الْكَفَّيْنِ وَكَمَالُهُ ضَرْبَتَانِ وَالْمَسْحُ إِلَى الْمِرْفَقَيْنِ انْتَهَى كَلَامُهُ مُعَرَّبًا
قُلْتُ لَوْ كَانَ حَدِيثُ الضَّرْبَتَيْنِ وَالْمَسْحِ إِلَى الْمِرْفَقَيْنِ مَرْفُوعًا صَحِيحًا لَتَمَّ مَا قَالَ الشَّيْخُ الْأَجَلُّ الدَّهْلَوِيُّ وَلَكِنْ قَدْ عَرَفْتَ أَنَّ أَحَادِيثَ الضَّرْبَتَيْنِ وَالْمِرْفَقَيْنِ ضَعِيفَةٌ أَوْ مُخْتَلِفَةٌ فِي الرَّفْعِ وَالْوَقْفِ وَالرَّاجِحُ هُوَ الْوَقْفُ
وَأَمَّا حَدِيثُ عَمَّارٍ الْمَرْفُوعُ فَمُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَكَانَ يُفْتِي بِهِ عَمَّارٌ بَعْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَكَيْفَ يَصِحُّ الْقَوْلُ بِأَنَّ فعل بن عُمَرَ كَمَالُ التَّيَمُّمِ وَفِعْلَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم أقل التيمم
وأما مجرد فعل بن عُمَرَ فَلَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ كَمَالُ التَّيَمُّمِ ألا ترى أن بن المنذر قد روى بإسناد صحيح أن بن عُمَرَ كَانَ يَغْسِلُ رِجْلَيْهِ فِي الْوُضُوءِ سَبْعَ مَرَّاتٍ ذَكَرَهُ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ فَهَلْ يُقَالُ إن غسل بن عُمَرَ الرِّجْلَيْنِ سَبْعَ مَرَّاتٍ كَمَالُ غَسْلِ الرِّجْلَيْنِ كَلَّا ثُمَّ كَلَّا
تَنْبِيهٌ آخَرُ اعْلَمْ أَنَّ الْعُلَمَاءَ الْحَنَفِيَّةَ وَغَيْرَهُمْ مِمَّنْ قَالَ بِالتَّيَمُّمِ بِالضَّرْبَتَيْنِ وَبِمَسْحِ الْوَجْهِ وَالْيَدَيْنِ إِلَى الْمِرْفَقَيْنِ قَدِ اعْتَذَرُوا عَنِ الْعَمَلِ بِرِوَايَاتِ عَمَّارٍ الصَّحِيحَةِ الْقَاضِيَةِ بِالتَّيَمُّمِ بضربة