للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَا ذُكِرَ مِنَ الْغَسْلِ فِي النَّهَرِ خَمْسَ مَرَّاتٍ

قَالَ الطِّيبِيُّ الْفَاءُ جَزَاءُ شَرْطٍ أَيْ إِذَا أَقْرَرْتُمْ بِذَلِكَ وَصَحَّ عِنْدَكُمْ فَذَلِكَ (مَثَلُ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ) عَكَسَ فِي التَّشْبِيهِ حَيْثُ إِنَّ الْأَصْلَ تَشْبِيهُ الْمَعْقُولِ بِالْمَحْسُوسِ مُبَالَغَةً كَقَوْلِهِ تَعَالَى قالوا إنما البيع مثل الربا (يَمْحُو اللَّهُ بِهِنَّ) أَيْ بِالصَّلَوَاتِ (الْخَطَايَا) أَيِ الصغائر

قال بن الْعَرَبِيِّ وَجْهُ التَّمْثِيلِ أَنَّ الْمَرْءَ كَمَا يَتَدَنَّسُ بِالْأَقْذَارِ الْمَحْسُوسَةِ فِي بَدَنِهِ وَثِيَابِهِ وَيُطَهِّرُهُ الْمَاءُ الكثير فكذلك الصلوات تطهر العبد عن أَقْذَارِ الذُّنُوبِ حَتَّى لَا تُبْقِي لَهُ ذَنْبًا إِلَّا أَسْقَطَتْهُ انْتَهَى

قَالَ الْحَافِظُ وَظَاهِرُهُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْخَطَايَا فِي الْحَدِيثِ مَا هُوَ أَعَمُّ مِنَ الصَّغِيرَةِ وَالْكَبِيرَةِ لَكِنْ رَوَى مُسْلِمٌ قَبْلَهُ حديث العلاء عن أبيه عن أبي هريرة مَرْفُوعًا الصَّلَوَاتُ الْخَمْسُ كَفَّارَةٌ لِمَا بَيْنَهَا مَا اجْتُنِبَتِ الْكَبَائِرُ

فَعَلَى هَذَا الْمُقَيَّدِ يُحْمَلُ الْمُطْلَقُ في غيره

فائدة قال بن بزبزة فِي شَرْحِ الْأَحْكَامِ يَتَوَجَّهُ عَلَى حَدِيثِ الْعَلَاءِ إِشْكَالٌ يَصْعُبُ التَّخَلُّصُ مِنْهُ

وَذَلِكَ أَنَّ الصَّغَائِرَ بِنَصِّ الْقُرْآنِ مُكَفَّرَةٌ بِاجْتِنَابِ الْكَبَائِرِ وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَمَا الَّذِي تُكَفِّرُ الصَّلَوَاتُ الْخَمْسُ انْتَهَى قَالَ الْحَافِظُ وَقَدْ أَجَابَ عَنْهُ شَيْخُنَا الْإِمَامُ الْبُلْقِينِيُّ بِأَنَّ السُّؤَالَ غَيْرُ وَارِدٍ لِأَنَّ مُرَادَ اللَّهِ أَنْ تَجْتَنِبُوا أَيْ فِي جَمِيعِ الْعُمْرِ وَمَعْنَاهُ الْمُوَافَاةُ عَلَى هَذِهِ الْحَالَةِ مِنْ وَقْتِ الْإِيمَانِ أَوِ التَّكْلِيفِ إِلَى الْمَوْتِ وَالَّذِي فِي الْحَدِيثِ أَنَّ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسَ تُكَفِّرُ مَا بَيْنَهَا أَيْ فِي يَوْمِهَا إِذَا اجْتُنِبَتِ الْكَبَائِرُ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ فَعَلَى هَذَا لَا تَعَارُضَ بَيْنَ الْآيَةِ وَالْحَدِيثِ انْتَهَى وَعَلَى تَقْدِيرِ وُرُودِ السُّؤَالِ فَالتَّخَلُّصُ مِنْهُ بِحَمْدِ اللَّهِ سَهْلٌ وَذَلِكَ أَنَّهُ لَا يَتِمُّ اجْتِنَابُ الْكَبَائِرِ إِلَّا بِفِعْلِ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ فَمَنْ لَمْ يَفْعَلْهَا لَمْ يُعَدَّ مُجْتَنِبًا لِلْكَبَائِرِ لِأَنَّ تَرْكَهَا مِنَ الْكَبَائِرِ فَوَقَفَ التَّكْفِيرُ عَلَى فِعْلِهَا انْتَهَى

قَوْلُهُ (وَفِي الْبَابِ عَنْ جَابِرٍ) أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ

قَوْلُهُ (هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ) وَأَخْرَجَهُ الشَّيْخَانِ والنسائي

<<  <  ج: ص:  >  >>