في النار يقال بالفارسي يروانه (فأنا آخِذٌ) قَالَ النَّوَوِيُّ يُرْوَى عَلَى وَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا اسم فاعل بكسر الخاء وتنوين الدار وَالثَّانِي فِعْلٌ مُضَارِعٌ بِضَمِّ الْخَاءِ وَالْأَوَّلُ أَشْهَرُ وَهُمَا صَحِيحَانِ (بِحُجُزِكُمْ) بِضَمِّ الْحَاءِ وَفَتْحِ الْجِيمِ بَعْدَهَا زَايٌ جَمْعُ الْحُجْزَةِ وَهِيَ مَعْقِدُ الْإِزَارِ وَمِنَ السَّرَاوِيلِ مَوْضِعُ التِّكَّةِ
قَالَ الْأَبْهَرِيُّ وَيَجُوزُ ضَمُّ الْجِيمِ فِي الْجَمْعِ (وَأَنْتُمْ تَقَحَّمُونَ فِيهَا) من باب التفعل بحذف إحدى التائين أَيْ تَدْخُلُونَ فِيهَا بِشِدَّةٍ وَمُزَاحَمَةٍ
قِيلَ التَّقَحُّمُ هُوَ الدُّخُولُ فِي الشَّيْءِ مِنْ غَيْرِ رَوِيَّةٍ وَيُعَبَّرُ بِهِ عَنِ الْهَلَاكِ وَإِلْقَاءِ النَّفْسِ فِي الْهَلَاكِ
وَقَالَ الطِّيبِيُّ التَّقَحُّمُ الْإِقْدَامُ وَالْوُقُوعُ فِي أَمْرٍ شَاقٍّ
قَالَ النَّوَوِيُّ وَمَقْصُودُ الْحَدِيثِ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَبَّهَ تَسَاقُطَ الْجَاهِلِينَ وَالْمُخَالِفِينَ بِمَعَاصِيهِمْ وَشَهَوَاتِهِمْ فِي نَارِ الْآخِرَةِ وَحِرْصَهُمْ عَلَى الْوُقُوعِ فِي ذَلِكَ مَعَ مَنْعِهِ إِيَّاهُمْ وَقَبْضِهِ عَلَى مَوَاضِعِ الْمَنْعِ مِنْهُمْ بِتَسَاقُطِ الْفَرَاشِ فِي نَارِ الدُّنْيَا لِهَوَاهُ وَضَعْفِ تَمْيِيزِهِ فَكِلَاهُمَا حَرِيصٌ عَلَى هَلَاكِ نَفْسِهِ سَاعٍ فِي ذَلِكَ لِجَهْلِهِ
قَوْلُهُ (هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ) وَأَخْرَجَهُ الشَّيْخَانِ
قَوْلُهُ (إِنَّمَا أَجَلُكُمْ) قَالَ الطِّيبِيُّ الْأَجَلُ الْمُدَّةُ الْمَضْرُوبَةُ لِلشَّيْءِ قَالَ تَعَالَى وَلِتَبْلُغُوا أَجَلًا مُسَمًّى وَيُقَالُ لِلْمُدَّةِ الْمَضْرُوبَةِ لِحَيَاةِ الْإِنْسَانِ أَجَلٌ فَيُقَالُ دنا أجله وهو عبارة من دُنُوِّ الْمَوْتِ وَأَصْلُهُ اسْتِيفَاءُ الْأَجَلِ أَيْ مُدَّةِ الْحَيَاةِ وَالْمَعْنَى مَا أَجَلُكُمْ فِي أَجَلِ مَنْ مَضَى مِنَ الْأُمَمِ السَّابِقَةِ فِي الطُّولِ وَالْقِصَرِ إِلَّا مِقْدَارُ مَا بَيْنَ صَلَاةِ الْعَصْرِ إِلَى صَلَاةِ الْمَغْرِبِ مِنَ الزَّمَانِ (فِيمَا خَلَا مِنَ الْأُمَمِ كَمَا بَيْنَ صَلَاةِ الْعَصْرِ إِلَى مَغَارِبِ الشَّمْسِ) وَفِي رِوَايَةٍ لِلْبُخَارِيِّ إِنَّمَا بَقَاؤُكُمْ فِيمَا سَلَفَ قَبْلَكُمْ مِنَ الْأُمَمِ كَمَا بَيْنَ صَلَاةِ الْعَصْرِ إِلَى غُرُوبِ الشَّمْسِ قَالَ الْحَافِظُ ظَاهِرُهُ أَنَّ بَقَاءَ هَذِهِ الْأُمَّةِ وَقَعَ فِي زَمَانِ الْأُمَمِ السَّالِفَةِ وَلَيْسَ ذَلِكَ الْمُرَادَ قَطْعًا وَإِنَّمَا مَعْنَاهُ أَنَّ نِسْبَةَ مُدَّةِ هَذِهِ الْأُمَّةِ إِلَى مُدَّةِ مَنْ تَقَدَّمَ مِنَ الْأُمَمِ مِثْلُ مَا بَيْنَ صَلَاةِ الْعَصْرِ وَغُرُوبِ الشَّمْسِ إِلَى بَقِيَّةِ النَّهَارِ فَكَأَنَّهُ قَالَ إِنَّمَا بَقَاؤُكُمْ بِالنِّسْبَةِ إِلَى مَا سَلَفَ إِلَى آخِرِهِ وَحَاصِلُهُ أَنَّ فِي بِمَعْنَى إِلَى وَحَذَفَ الْمُضَافَ وَهُوَ لَفْظُ نِسْبَةٍ (وَإِنَّمَا مَثَلُكُمْ وَمَثَلُ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى) أَيْ مَعَ الرَّبِّ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى (كَرَجُلٍ اسْتَعْمَلَ عُمَّالًا) بِضَمٍّ فَتَشْدِيدٍ جَمْعُ عَامِلٍ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute