للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالرَّابِعُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي لَيْلَى الْمَذْكُورُ

أَعْنِي وَالِدَ مُحَمَّدٍ وَعِيسَى الْمَذْكُورَيْنِ

قَوْلُهُ (أَنَّهُ كَانَتْ لَهُ سَهْوَةٌ) قَالَ الْمُنْذِرِيُّ فِي التَّرْغِيبِ السَّهْوَةُ بِفَتْحِ السِّينِ الْمُهْمَلَةِ هِيَ الطَّاقُ فِي الْحَائِطِ يُوضَعُ فِيهَا الشَّيْءُ وَقِيلَ هِيَ الصُّفَّةُ وَقِيلَ الْمُخْدَعُ بَيْنَ الْبَيْتَيْنِ وَقِيلَ هُوَ شَيْءٌ شَبِيهٌ بِالرَّفِّ وَقِيلَ بَيْتٌ صَغِيرٌ كَالْخِزَانَةِ الصَّغِيرَةِ قَالَ كُلُّ أَحَدٍ مِنْ هَؤُلَاءِ يُسَمَّى السَّهْوَةَ وَلَفْظُ الْحَدِيثِ يَحْتَمِلُ الْكُلَّ وَلَكِنْ وَرَدَ فِي بَعْضِ طُرُقِ هَذَا الْحَدِيثِ مَا يُرَجِّحُ الْأَوَّلَ انْتَهَى

وَقَالَ الْجَزَرِيُّ فِي النِّهَايَةِ السَّهْوَةُ بَيْتٌ صَغِيرٌ مُنْحَدِرٌ فِي الْأَرْضِ قَلِيلًا شَبِيهٌ بِالْمُخْدَعِ وَالْخِزَانَةِ وَقِيلَ هُوَ كَالصُّفَّةِ تَكُونُ بَيْنَ يَدَيِ البيت وقيل شبيه بالرف أو الطابق يُوضَعُ فِيهِ الشَّيْءُ انْتَهَى (فَكَانَتْ تَجِيءُ الْغُولُ) قَالَ الْمُنْذِرِيُّ بِضَمِّ الْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ هُوَ شَيْطَانٌ يَأْكُلُ النَّاسِ وَقِيلَ هُوَ مَنْ يَتَلَوَّنُ مِنَ الْجِنِّ انْتَهَى

وَقَالَ الْجَزَرِيُّ الْغُولُ أَحَدُ الْغِيلَانِ وَهِيَ جِنْسٌ مِنَ الْجِنِّ وَالشَّيَاطِينِ كَانَتِ الْعَرَبُ تَزْعُمُ أَنَّ الْغُولَ فِي الْفَلَاةِ تَتَرَاءَى لِلنَّاسِ فتتغول تغولا أي تتولن تَلَوُّنًا فِي صُوَرٍ شَتَّى وَتَغُولُهُمْ أَيْ تُضِلُّهُمْ عَنِ الطَّرِيقِ وَتُهْلِكُهُمْ فَنَفَاهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبْطَلَهُ يَعْنِي بِقَوْلِهِ لَا غُولَ وَلَا صَفَرَ وَقِيلَ قَوْلُهُ لَا غُولَ لَيْسَ نَفْيًا لِعَيْنِ الْغُولِ وَوُجُودِهِ وَإِنَّمَا فِيهِ إِبْطَالُ زَعْمِ الْعَرَبِ فِي تَلَوُّنِهِ بِالصُّوَرِ الْمُخْتَلِفَةِ وَاغْتِيَالِهِ

فَيَكُونُ الْمَعْنَى بِقَوْلِهِ لَا غُولَ أَنَّهَا لَا تَسْتَطِيعُ أَنْ تُضِلَّ أَحَدًا ثُمَّ ذَكَرَ الْجَزَرِيُّ حَدِيثَ إِذَا تَغَوَّلَتِ الْغِيلَانُ فَبَادِرُوا بِالْأَذَانِ

وَقَالَ أي ادفعوا شرها بذكر الله وهذا يدل على أنها لَمْ يُرِدْ بِنَفْيِهَا عَدَمَهَا ثُمَّ ذَكَرَ حَدِيثَ أَبِي أَيُّوبَ كَانَ لِي تَمْرٌ فِي سَهْوَةٍ فَكَانَتِ الْغُولُ تَجِيءُ فَتَأْخُذُ

انْتَهَى

قُلْتُ الْأَمْرُ كَمَا قَالَ الْجَزَرِيُّ لَا شَكَّ فِي أَنَّهُ لَيْسَ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ لَا غُولَ نَفْيُ وُجُودِهَا بَلْ نَفْيُ مَا زَعَمَتِ الْعَرَبُ مِمَّا لَمْ يَثْبُتْ مِنَ الشَّرْعِ (وَهِيَ مُعَاوِدَةٌ لِلْكَذِبِ) أَيْ مُعْتَادَةٌ لَهُ وَمُوَاظِبَةٌ عَلَيْهِ

قَالَ فِي الْقَامُوسِ تَعُودهُ وَعَاوَدَهُ مُعَاوَدَةً وَعِوَادًا وَاعْتَادَهُ وَاسْتَعَادَهُ جَعَلَهُ مِنْ عَادَتِهِ وَالْمُعَاوِدُ

<<  <  ج: ص:  >  >>