للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ (وَبَيْنَ ذَلِكَ) أَيْ بَيْنَ الْأَحْمَرِ وَالْأَبْيَضِ وَالْأَسْوَدِ بِاعْتِبَارِ أَجْزَاءِ أَرْضِهِ (وَالسَّهْلُ) أَيْ وَمِنْهُمِ السَّهْلُ أَيِ اللَّيِّنُ (وَالْحَزْنُ) بِفَتْحِ الْحَاءِ وَسُكُونِ الزَّايِ أَيِ الْغَلِيظُ (وَالْخَبِيثُ) أَيْ خَبِيثُ الْخِصَالِ (وَالطَّيِّبُ) عَلَى طَبْعِ أَرْضِهِمْ وَكُلُّ ذَلِكَ بِتَقْدِيرِ اللَّهِ تَعَالَى لَوْنًا وَطَبْعًا وَخَلْقًا

قَالَ الطِّيبِيُّ لَمَّا كَانَتِ الْأَوْصَافُ الْأَرْبَعَةُ ظَاهِرَةً فِي الْإِنْسَانِ وَالْأَرْضِ أُجْرِيَتْ عَلَى حَقِيقَتِهَا وَأُوِّلَتِ الْأَرْبَعَةُ الْأَخِيرَةُ لِأَنَّهَا مِنَ الْأَخْلَاقِ الْبَاطِنَةِ فَإِنَّ الْمَعْنِيَّ بِالسَّهْلِ الرِّفْقُ وَاللِّينُ

وَبِالْحَزْنِ الْخُرْقُ وَالْعُنُفُ وَبِالطَّيِّبِ الَّذِي يَعْنِي بِهِ الْأَرْضَ الْعَذْبَةَ الْمُؤْمِنُ الَّذِي هُوَ نَفْعٌ كُلُّهُ وَبِالْخَبِيثِ الَّذِي يُرَادُ بِهِ الْأَرْضُ السَّبْخَةُ الْكَافِرُ الَّذِي هُوَ ضُرٌّ كُلُّهُ

قَوْلُهُ (هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ) وَأَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُدَ وَالْحَاكِمُ وَالْبَيْهَقِيُّ

قَوْلُهُ ادْخُلُوا الْبَابَ أَرَادَ بِهِ بَابَ الْقَرْيَةِ الَّتِي ذَكَرهَا اللَّهُ تَعَالَى فِي قَوْلِهِ (وَإِذْ قُلْنَا ادْخُلُوا هَذِهِ القرية سجدا) أَيْ سَاجِدِينَ لِلَّهِ تَعَالَى شُكْرًا عَلَى إِخْرَاجِهِمْ من التيه وقال بن عَبَّاسٍ مُنْحَنِينَ رُكُوعًا وَقِيلَ خُشُوعًا وَخُضُوعًا (قَالَ دَخَلُوا مُتَزَحِّفِينَ عَلَى أَوْرَاكِهِمْ) أَيْ مُتَمَشِّينَ وَالْأَوْرَاكُ جَمْعُ وَرِكٍ

قَالَ فِي الْقَامُوسِ الْوَرِكُ بِالْفَتْحِ وَالْكَسْرِ وَكَكَتِفٍ مَا فَوْقَ الْفَخِذِ وَفِي رِوَايَةِ البخاري فدخلوا يزحفون على أستاهم (أَيْ مُنْحَرِفِينَ) هَذَا تَفْسِيرٌ مِنْ بَعْضِ الرُّوَاةِ أَيْ مُنْحَرِفِينَ وَمَائِلِينَ عَمَّا أُمِرُوا بِهِ مِنَ الدُّخُولِ سُجَّدًا فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُوا قَوْلًا غَيْرَ الذي قيل لهم التَّقْدِيرُ فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُوا بِاَلَّذِي قِيلَ لَهُمْ قَوْلًا غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ ضَمَّنَ بَدَّلَ مَعْنَى قَالَ يَعْنِي قِيلَ لَهُمْ قُولُوا حِطَّةٌ أَيْ مَسْأَلَتُنَا أَنْ تَحُطَّ عَنَّا خَطَايَانَا فَبَدَّلُوهُ قَائِلِينَ حَبَّةٌ فِي شَعِيرَةٍ وَهُوَ كَلَامٌ مُهْمَلٌ وَغَرَضُهُمْ بِهِ مُخَالَفَةُ مَا أُمِرُوا بِهِ (قَالَ قَالُوا حَبَّةٌ فِي شَعْرَةٍ) وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ شَعَرَةٍ بِفَتْحَتَيْنِ مَكَانَ شَعِيرَةٍ وَالْحَاصِلُ أَنَّهُمْ خَالَفُوا مَا أُمِرُوا بِهِ مِنَ الْفِعْلِ وَالْقَوْلِ فَإِنَّهُمْ أُمِرُوا بِالسُّجُودِ عِنْدَ انْتِهَائِهِمْ شُكْرًا لِلَّهِ تَعَالَى وَبِقَوْلِهِمْ حِطَّةٌ فَبَدَّلُوا السُّجُودَ بِالزَّحْفِ وَقَالُوا حَبَّةٌ فِي شَعِيرَةٍ بَدَلَ حِطَّةٌ وَهَذَا فِي غَايَةِ مَا يَكُونُ مِنَ الْمُخَالَفَةِ والمعاندة

<<  <  ج: ص:  >  >>